محافظ المنيا يتفقد المنطقة الصناعية ويشهد بدء تشغيل مصنع الأدوية    محافظ المنيا: ندعم أي مصنع يقدم منتجا تصديريا عالي الجودة يحمل اسم مصر    إعلام عبري: إطلاق نحو 100 صاروخ من لبنان تجاه شمال إسرائيل    زيلينسكي: لم أحصل على إذن لاستخدام أسلحة بعيدة المدى ضد روسيا    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    الدوري الألماني، بايرن ميونخ يتقدم على فيردر برين 2-0 بالشوط الأول    حالة الطقس في محافظة الفيوم غدا الأحد 22-9-2024    رئيس الوزراء يتفقد مصنع شركة "المهن الطبية MUP" | صور    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    ب 143 مليون جنيه.. دخول ثلاث مدارس جديدة الخدمة وتجديد 16 بقنا    منتدى شباب العالم.. نموذج لتمكين الشباب المصري    لمواجهة السرقات.. "الكهرباء" ومجموعة "الصين الجنوبية" تبحثان التعاون في خفض الفقد وسيارات الطوارئ    جهود صندوق مكافحة الإدمان في العلاج والتوعية×أسبوع (فيديو)    حلة محشي السبب.. خروج مصابي حالة التسمم بعد استقرار حالتهم الصحية بالفيوم    تعرف على لجنة تحكيم مسابقة شباب مصر بالإسكندرية السينمائي    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    برلمانى: مبادرة بداية جديدة تعكس رؤية شاملة لتعزيز التنمية الاجتماعية    الهلال الأحمر العراقي يرسل شحنة من المساعدات الطبية والأدوية إلى لبنان جوًا    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    وزيرة التنمية المحلية: المحافظات مستمرة في تنظيم معارض «أهلًا مدارس» لتخفيف المعاناة عن كاهل الأسرة    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    اليوم ...المركز القومي للسينما يقيم نادي سينما مكتبة مصر العامة بالغردقة    هاني فرحات عن أنغام بحفل البحرين: كانت في قمة العطاء الفني    بعد إعلان مشاركته في "الجونة السينمائي".. فيلم "رفعت عيني للسما" ينافس بمهرجان شيكاغو    مع قرب انتهاء فصل الصيف.. فنادق الغردقة ومرسى علم تستقبل آلاف السياح على متن 100 رحلة طيران    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    في اليوم العالمي للسلام.. جوتيريش: مسلسل البؤس الإنساني يجب أن يتوقف    هانسي فليك يفتح النار على الاتحاد الأوروبي    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    أم تحضر مع ابنتها بنفس مدرستها بكفر الشيخ بعد تخرجها منها ب21 سنة    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    واتكينز ينهي مخاوف إيمري أمام ولفرهامبتون    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    يوفنتوس يجهز عرضًا لحسم صفقة هجومية قوية في يناير    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    تغييرات بالجملة.. تشكيل الأهلي المتوقع أمام جورماهيا في دوري أبطال إفريقيا    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشكيل الحكومة الجديدة يحتاج معجزة.. ورسائل يوم الأحد مربكة للجميع
نشر في نهضة مصر يوم 11 - 03 - 2010

سيظل يوم 7 مارس 2010 محفورا في تاريخ العراق فهذا اليوم الذي شهد خروج نحو 9 ملايين ناخب إلي صناديق الاقتراع في ثاني انتخابات منذ الإطاحة بنظام البعث سيكون له ما بعده حيث سترسم نتيجة الانتخابات صورة العراق الجديد فيما بعد صدام حسين حيث يعيش حاليا في مرحلة وسط بين الاحتلال والاستقلال.. فلا هو كامل السيادة ولا تتحكم القوات الأجنبية في كل مقدراته ظاهريا علي الأقل لاسيما بعد انسحابها خارج المدن واقتصار دورها علي تقديم الدعم اللوجيستي لنظيرتها العراقية التي تولت بدورها من جيش وشرطة مهمة تأمين الانتخابات وفشلت في أداء واجباتها علي نحو ممتاز.. ويكفي أن ضحايا الانتخابات بلغوا 38 قتيلا و110 مصابين مما يعني أن الجماعات المسلحة وتنظيم القاعدة تحديدا لاتزال لاعبا رئيسيا علي المسرح العراقي جنبا إلي جنب المشاركين في العملية السياسية باعتبارها وسيلة لإعادة تأهيل العراق الدولة لمرحلة ما بعد رحيل قوات الاحتلال في 2011 .
توقيت الانتخابات التي شارك فيها سنة العراق خلافا لاقتراع 2005 الذي قاطعوه وترتب عليه تهميش دورهم في كعكة السلطة بداية من صياغة الدستور وحتي عدد المقاعد في الجمعية الوطنية العراقية جاء قبل ستة أشهر من بدء تقليص عدد القوات الأمريكية في نهاية أغسطس المقبل مما يعني أن هذه الطائفة التي انفردت بحكم العراق طوال 30 عاما من حكم البعث قررت مراجعة حساباتها والانخراط في اللعبة السياسية للحصول علي بعض مكاسبها بما يتناسب ووزنها في المجتمع العراقي.. كما أن زعماءها أيقنوا أن عجلة التاريخ لن تعود إلي الوراء.. وأن اللغة التي كانت تصله قبل الغزو ليست هي اللغة التي يمكن تحدثها الآن، صحيح أن الطريق إلي مشاركة السنة لم يكن مفروشا بالورود حيث تعرضوا لابتزاز لجنة المساءلة والعدالة التي يرأسها أحمد الجلبي الشعي المتطرف وأحد عرابي الغزو مما حرمهم من مشاركة نحو 500 قيادي في الترشيح بزعم أنهم كانت تربطهم علاقات في السابق بالبعث رغم أن أحداً كما يقول الكاتب البريطاني اللامع روبرت فيسك لم يتنبه إلي أن عددا من الشيعة الذين يتصدرون المشهد السياسي الآن سبق لهم التعاون مع البعث وفي مقدمتهم إياد علاوي ليس هذا فحسب بل إن أغلب المناطق التي شهدت تفجيرات وهجمات صاروخية في يوم الاقتراع يقطنها السنة والمعني أن هناك من لهم مصلحة في ترهيب الناخبين السنة خشية أن تؤدي مشاركتهم الكثيفة إلي علاج الخلل القائم حاليا بين مكونات الطيف العراقي الرئيسية قصد الشيعة والسنة والأكراد. وبعيدا عن هذه الملاحظة فقد حمل اقتراع الأحد جملة من الرسائل سواء للعراقيين أو للرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يسعي إلي التحلل من تركة سلفه بوش الابن أو حتي دول الجوار تورطت بالمال والدعاية لصالح هذه الطائفة أو تلك نذكر منها:
أولا: أن الاستحكامات الأمنية واستنفار قرابة مليون جندي وشرطي عراقي لم ينجح في تأمين الناخبين العراقيين وتوفير مناخ سلمي لهذه المناسبة مما يعني أن العراق لايزال منقسما بين أنصار العملية السلمية كخيار لإنهاء الاحتلال واسترجاع السيادة الكاملة وجماعات المقاومة والعمل المسلح التي ترفض أي تفاوض مع المحتل والمتفاوضين معه قبل إنهاء الاحتلال ومحاسبة المتعاونين معه.
ثانيا: مهما قيل عن نزاهة الانتخابات العراقية التي تجري لثاني وآخر مرة تحت الاحتلال فإنها لن تخلو من الانتقادات والطعون ويكفي أن نشير إلي التناقض الذي يعيشه أنصار المعسكر الواحد فإياد علاوي المرشح بقوة لمنافسة نوري المالكي علي رئاسة الحكومة الجديدة اعتبر ما حدث يوم الأحد وفي انتخابات العراقيين بالخارج لا يبشر بأي خير وهدد بالانسحاب من العملية السياسية.. وفي المقابل خرج علينا وزير الخارجية هوشيار زيباري الكردي، بمقولة إن العراق واحة الديمقراطية وسط صحراء الديكتاتورية والاستبداد وهو التصريح الذي نعتقد أنه لن يمر مرور الكرام كما يصعب علي الكثيرين ابتلاعه من رجل جاء إلي العراق علي ظهر دبابة أمريكية.
ثالثا: إن اقتراع الأحد الذي كان بشكل أو بآخر اختبارا لقدرة العراقيين علي إدارة شئونهم بعد رحيل القوات الأمريكية واختبارا للمصالحة الوطنية كرس الانقسامات الطائفية حيث جري التصويت ليس علي اعتبارات الجدارة والنزاهة للمرشحين بل علي أساس طائفي وقبلي.
فمن الطبيعي في نظام سياسي يقنن المحاصصة الطائفية أن يكتسح المالكي "شيعي" المحافظات الشيعية التسع في حين اكتسح علاوي وهو شيعي أيضا المحافظات السنية الأربع ليس لكونه شيعيا لكن مكافأة له علي تحالفه مع قيادات السنة بعدما تلقوا ضربة استبعاد أبرز كوادرهم من طراز صالح المطلق وخلافه ومن تحصيل الحاصل كان اكتساح الأكراد لكردستان.
رابعا: أن الاستحقاق الانتخابي الذي كان يراهن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عليه للتعجيل بفك ارتباطه مع العراق أرسل رسالة قلق علي مصيره فيما بعد الانسحاب فالوضع الأمني لايزال هشا ولاتزال الحكومة عاجزة عن بسط نفوذها بالكامل علي بعض المناطق وحتي العاصمة بغداد التي استقبلت 50 هجوما بصواريخ الهاون في يوم الاقتراع.
خامسا: أيا كان الائتلاف الفائز بالأغلبية في الجمعية الوطنية العراقية "البرلمان" فإن تشكيل الحكومة الجديدة التي يفترض أن تشهد إنهاء الاحتلال لن يكون سهلا في ظل تعقيدات النظام السياسي العراقي الذي يتبني فلسفة تحول دون انفراد أي مكون من مكونات الشعب العراقي بالحكم.. وبالتالي فإنه يعيد إنتاج النظام السياسي اللبناني الذي يخضع للتوافق والصفقات السياسية بأكثر مما يعكس إرادة الناخبين في صناديق الاقتراع.
وأغلب الظن أن تشكيل الحكومة الجديدة في العراق سيكون محفوفا بالمخاطر ولاسيما في ضوء مشاركة السنة الواسعة في الانتخابات مما يعني أن مكاسبهم ستكون بالخصم من الشيعة.
سادسا: إن مبادرة الكتل السياسية الرئيسية بإعلان فوزها في الانتخابات غداة الاقتراع يبعث علي القلق خاصة مع إعلان المفوضية العليا للانتخابات أن النتائج الرسمية تحتاج إلي عشرة أيام علي الأقل وأن أمامها عمل هائل قبل إنجاز هذه المهمة وهو ما يضع الجميع أمام سيناريو التشكيك ورفض التسليم بنتائج الانتخابات إذا لم توافق هواهم أو ترضي غرورهم مما يفتح الباب أمام الاحتجاجات والتظاهرات وحتي حمل السلاح في وجه الخصوم وكلنا نتذكر ما حدث لدي الجار الإيراني عقب انتخابات الرئاسة التي أجريت في 12 يونيه 2009 وفاز فيها أحمدي نجاد بولاية ثانية وسط اتهامات بالتزوير.
خلاصة القول بأن العراقيين رجعوا من جهاد الانتخابات إلي جهاد المساومات فرغم الإشادة الدولية والرئيس أوباما بشجاعتهم وحرصهم علي ممارسة حقهم الدستوري مخاطرين بحياتهم وغير مبالين بتهديد الجماعات المسلحة إلا أن تشكيل الحكومة الجديدة يحتاج إلي "معجزة" في ظل تعقيدات النظام النسبي الذي أجريت علي أساسه الانتخابات فهذا النظام يجعل من جميع المحافظات العراقية ال 18 دائرة واحدة ويستحيل علي أي طائفة أن تشكل الحكومة بمفردها مما يعني أن خروج الحكومة إلي النور سيتأخر عدة أشهر وكلنا يعلم أن حكومة المالكي استغرق تشكيلها خمسة أشهر عقب الانتخابات الماضية.
والأمر المؤكد أ ن انتخابات الأحد لن تجعل العراق منارة للديمقراطية مثلما تمني الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أو كما زعم هوشيار زيباري.. فالديمقراطية يصعب اختزالها في الانتخابات فقط وتجاهل أياد خفية اسمها القوات الأمريكية والسفارة الأمريكية ببغداد تتولي تحريك اللاعبين والسياسيين العراقيين وفق مشيئتها وحسبما تعتقد أنه يتوافق مع مصالحها ونظن أن أبسط أبجديات الديمقراطية بمفهومها الغربي ليست موجودة في بلاد الرافدين.. فلا حرية في وطن محتل ولا اقتراع نزيه في بلد تحكمه الطائفية وبه وجود عسكري كثيف يقترب من مائة ألف جندي أمريكي.
لقد كان اقتراع الأحد خبرا سيئا لأوباما والعراقيين في آن واحد حيث أربك بدون شك خطط خفض القوات كما أكد بالدليل القاطع أن المسافة بعيدة بين العراقيين والاستقرار والأمان فمتي يأتي اليوم الذي يخرج فيه العراقيون للإدلاء بأصواتهم دون سماع هدير الهاون والآربي جي والسيارات المفخخة ساعتها فقط يمكن أن نصدق زيباري والمهللين لواحة الديمقراطية الثانية في المنطقة بعد إسرائيل طبعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.