مثلما يحدث كل مرة تسقط فيها الأمطار، وتغرق القاهرة في "شبر ميه"، منذ نحو عقدين وقف الدكتور زكريا عزمي في البرلمان وانتقد الحكومة علي سوء أدائها تجاه الأمطار التي سقطت وقتها علي القاهرة والمحافظات الأخري، وتعجب من عدم وجود "بلاعات"، مياه عند نواصي وتقاطعات الطرق، ونشطت الحكومة، ودعت لبناء آلاف "البالوعات"، في شوارع القاهرة، وخصصت لها موازنة ضخمة، وبدأ الحفر ومدت المواسير وصبت الخرسانات ووضعت البالوعات الحديدية عند نواصي الطرق.. صحيح أن هذا تم في شهور طويلة لكنه تم.. الغريب أنه مع الوقت تم دفن هذه "البالوعات"، تحت طبقات الاسفلت الجديد الذي يغطي الشوارع عاما بعد الآخر، وكأن "البالوعات"، وصمات عار يجب اخفاؤها وبسرعة. وجاءت أمطار فبراير 2010، لنعود من جديد إلي نقطة الصفر وبين الواقعتين لم نحاسب ولن نحاسب أحدا، لأنه ليس هناك مسئول، وما جري من فعل الطبيعة، وليس للحكومة دخل فيها، حتي أنها لم تتحرك لرفع المياه، وعملت وفق المثل القائل ليه "تكسح"، مياه الأمطار، ما دامت من الممكن أن تجف بالهواء والشمس، ومادام الناس يمكن أن "يعبروا" هذه البحيرات الصغيرة قفزا، وبكفاءة. المدهش في الحكايات أن الطرق الجديدة التي تمدها الحكومة طولا وعرضا في مصر، وتفخر بها، ليس ضمن مواصفاتها القياسية "بالوعات"، أي أسلوب يواجه الأمطار، ويجري تنفيذ الطرق وتتسلمها الحكومة وهي خارج المواصفات... تصدقوا!! والأكثر دهشة أن كل انجازات الحكومة هي البنية الأساسية التي تتغني بها طوال الأعوام الماضية، لكن "زخات المطر"، كشفت أنها بنية أساسية ولكن لا تقوي علي شوية "مطر".. راحت فيها القاهرة وغرقت وتعطلت لساعات طويلة، وربنا ستر لأن الأمطار سقطت ليلة الجمعة والناس إجازة. وعيب يا حكومة أن تغرق قاهرة المعز في المطر، ولا تستطيع أن تستعيد عافيتها إلا بعد أيام، وعيب أن يختفي عمال النظافة والبلدية والدفاع المدني والدولة بكل أجهزتها تحاشيا للمطر وهناك دول حولنا تصلي من أجل المطر، ونحن نعتبره كارثة لا نقدر علي مواجهته.