14 نوفمبر.. إنه يوم من الأيام التاريخية.. الذي لن يمحوه الزمان مهما مرت عليه السنون.. يوم تترقبه كل الجماهير الكروية وغير الكروية من المحيط للخليج.. لأن تلك المواجهة التي ستنطلق بعد ساعات في ستاد القاهرة، تخطت حدود بلدي المنتخبين المتنافسين "مصر والجزائر" لتحتوي كل العالم العربي.. وأوسع من ذلك أوروبا وأمريكا واستراليا، حيث تنتشر الجاليات العربية.. وترجمت صحافتها هذا الاهتمام من خلال تناولها للمعركة الإعلامية التي التهبت بين البلدين، والتي بدأت مع انتهاء الجولة قبل الأخيرة من تصفيات المجموعة الأفريقية الثالثة، وشهدت فوز مصر علي زامبيا 1/صفر في لوساكا، وفوز الجزائر علي رواندا 3/1، ومنذ هذا اليوم قبل 30 يوما والمناوشات الإعلامية في تصاعد مستمر، وبلغت مدي خطيراً وغير مقبول، لأنها ألهبت مشاعر الجماهير في البلدين قبل المواجهة الكروية. فمقدمات هذه المواجهة بدأت قبل ما يزيد علي شهر.. والله وحده يعمل كيف ستنتهي!! هل تنتهي في يومها بخير وسلام بتأهل أحد المنتخبين لنهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا.. أم تمتد المواجهة إلي مباراة فاصلة تقام في دولة أفريقية أخري، إما تونس أو غانا، أو ربما بلد إفريقي آخر يختاره الفيفا.. أم تكون النهاية محزنة للجميع إذا انفلت العيار في المدرجات والملعب بين جمهور ولاعبي الفريقين، وندخل في نفق مظلم، لن تنال منه الكرة المصرية والجزائرية سوي "الفضيحة" أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم والإعلام العالمي، الذي أظهر من البداية اهتماما غير مسبوق.. حتي إن وفودا إعلامية وصحفية من إنجلترا وفرنسا واليابان، جاءت إلي مصر وسافرت إلي الجزائر لرصد ومتابعة هذا التراشق والتصريحات الساخنة المتبادلة بين البلدين، والتي وصلت إلي حد السب والقذف الإلكتروني علي مختلف المواقع والمنتديات، وزاد الشعور بالتوتر والاختناق، وكأننا مقدمون علي يوم الحساب، بعد أن تجاوز البعض ووصف مباراة 14 نوفمبر بين المنتخبين المصري والجزائري بأنها "أم المعارك" الكروية بين البلدين، ربما لتكرار المواجهات الحرجة والمتوترة والسوابق المؤسفة، مثلما حدث قبل 20 سنة في ستاد القاهرة أيضا وفي ظروف مشابهة جدا، عندما انتزع الفراعنة بطاقة التأهل إلي مونديال 1990 في إيطاليا، بالفوز علي المنتخب الجزائري بهدف حسام حسن.. ويومها انفجر الموقف في الاستاد بعد المباراة رغم أن الهدف جاء مبكرا جدا، وكذلك خارج الاستاد، وبلغ سوء الموقف أن اتهم قائد المنتخب الجزائري "بلومي" بفقء عين طبيب مصري من المشجعين الذين ذهبوا لإغاظة اللاعبين الجزائريين في ملعبهم. لذلك ندعو الله أن يمر هذا اليوم علي خير.. ولا يكون له أي ضحايا بسبب المباراة الكروية، فالكرة إذا كان فيها الفائز والمهزوم، فإنها رياضة تحترم المنتصر وتقدر الخاسر إذا بذل الجهد وتنافس بشرف.. وأيا كان صاحب النصيب في بطاقة التأهل، فهو يستحقها، وعلي الطرف الآخر أن يقدر هذا الاستحقاق، ويتفادي الانزلاق في المحظور الذي يمكن أن تكون عواقبه وخيمة ومؤسفة جدا.نتمناها بلاشك نهاية مصرية جميلة وسعيدة.. وأن يكون المعلم حسن شحاتة ورجاله علي مستوي أحلام وآمال الجماهير المصرية المتعطشة للمشاركة في مونديال جنوب أفريقيا.. ولتكون هذه المشاركة هي الجائزة الكبري لهذا الجيل الذهبي الذي حقق كل الإنجازات والبطولات، ولم يبق سوي جائزة المشاركة في المونديال، وإرضاء جماهيرنا بتلك المشاركة.. ولكن بلاشك أيضا أن المهمة لن تكون سهلة في "يوم الحساب" لأن المنتخب الجزائري أو الخضر له نفس الأحلام والآمال والدوافع، ولديه جيل مميز من اللاعبين بقيادة المدرب الوطني رابح سعدان.. وفرصة هذا الجيل ثمينة في الفوز ببطاقة التأهل وإسعاد الجماهير الجزائرية وتفادي الإحباط الشديد والشعور بمرارة الهزيمة مرة أخري أمام الفراعنة، وفي نفس الملعب عام 1989 أي قبل 20 عاما. حقيبتا شحاتة وسعدان فيهما الكثير استعدادا لهذه المباراة ولتحقيق الفوز الثمين جدا.. وقد تسلح كل منهما بالسرية التامة حتي يقدم مفاجآته منذ الدقيقة الأولي للمباراة وحتي الدقيقة الأخيرة منها.. وستكون لها مفاجآت مضادة ومعاكسة لنشاهد مباراة قمة في الإثارة والقوة والمتعة.. موقعها هو المستطيل الأخضر، وليس في المدرجات التي ستكون في مباراة تشجيعية أخري، لينال صاحب النصيب من المدربين الكبيرين لقب الأفضل والأحسن والأسعد حظا.