بعد فترة من الهدوء الذي خيم علي الأجواء في مبني "ماسبيرو"، عقب نجاح أنس الفقي وزير الإعلام، بعد مغادرته مكتبه، ونزوله بنفسه ليحتوي غضب العاملين الذين نظموا وقفة احتجاجية خارج المبني، واللقاءات المكثفة التي التقي فيها "الغاضبين"، وأيقن بعدها أن ماحدث يرجع إلي كبار قياداته التي أغلقت "أبواب الرحمة" في وجه صغار العاملين، وآثروا العيش في أبراجهم العاجية، فاجأ "الفقي" الجميع؛ خصوصاً من روجوا لمزاعم من نوعية "يبقي الوضع علي ماهو عليه "وأن "ريما ستعود لعادتها القديمة"، وهو ماتأكد علي لسان عدد من القيادات، التي وصفت نفسها بأنها "مسنودة"، وأن "أحدا لا يجرؤ علي الاقتراب من منصبها"، وفجر "الفقي" مايشبه القنبلة العنقودية التي تنكسر لتخرج منها عشرات القنابل الصغيرة، وتصيب أكثر من هدف في وقت واحد، عندما أعلن عن واحدة من أكبر حركات التغيير في المناصب والمواقع في وزارة الإعلام المصرية علي امتداد تاريخها؛ حيث طالت التنقلات والتغييرات، وقرار الاستبعاد حوالي 77 من قيادات المفارقة التي توقف عندها المراقبون، وأبناء "ماسبيرو" علي وجه التحديد، أن قرارات الوزير، وبخلاف المعتاد في مثل هذه الأحوال، لم تصدر عصر الخميس، وبعد انصراف الموظفين من المبني خشية قيام بعضهم بحركة احتجاج أو عصيان نتيجة لما أتخذ من قرارات، بل صدرت يوم الإثنين، هذه المرة، وهو مايعني أن"الفقي" كان واثقاً، بل شديد الثقة، أنها ستأتي علي هوي العاملين في ماسبيرو، وأنها ستلبي رغبة قوية لديهم، طالما تمنوها، وطالبوا بها. من ناحية أخري توقف المراقبون لحركة التغييرات الأخيرة عند مفارقة أخري تتمثل في أن القرارات أطاحت بمسئولين، لكنها، في المقابل، استعانت بآخرين جري استبعادهم من خلال قرارات تم اتخاذها من قبل، لكن أحدا لم يشكك، لحظة، في أن القرارات جاءت في توقيتها بالضبط، وأن أحداً لم يتعاطف مع ضحاياها. الطريف أيضاً أن "عملية التغيير" شهدت في "كواليسها" أحداثاً غاية في الإثارة؛ من بينها مافعلته سوزان حسن رئيس التليفزيون عندما اشترطت أن ترحل، قبل الإعلان عن قرار الإطاحة بها، حتي لا تري "الشماتة" في عيون العاملين بالقطاع، وأن ترحل برفقة مدير مكتبها رانده سلام، التي أثارت مشاكل وأزمات كثيرة أيضاً، بعدما قيل أنها "رئيس تليفزيون الظل"(!) وبالفعل تمت الاستجابة لها كما تم الاتفاق علي أن يتضمن القرار جملة :"النقل تم بناءً علي طلب سوزان حسن " في محاولة للإيحاء بأنها تعرضت لمعاناه تستحق عليها الراحة"(!) لكنها لم تذهب إلي بيتها، حسبما تقتضي أصول "الراحة" بل تم تعيينها كعضو منتدب لمدينة الإنتاج الإعلامي، التي أي المدينة تحولت فيما يبدو إلي "مخزن للقيادات التي تخرج من الخدمة في ماسبيرو"، وهو ماحدث من قبل مع تهاني حلاوة رئيس قطاع المتخصصة وآخرين! ومن بين جملة القرارات التي أثارت الدهشة أيضاً عودة مصطفي وشاحي إلي منصبه القديم كرئيس للإدارة المركزية للشئون الصحفية والمهرجانات، وهوالمنصب الذي أُقيل منه في عهد الوزير ممدوح البلتاجي، لكن القرار قوبل بترحاب كبير من جانب أسرة الإدارة، الذين شملتهم فرحة عارمة، وهو مابرروه بالقول أن "الإدارة تجمدت بعد رحيله، وكادت صلاحيتها تنتهي في عهد زهيرة زكي بعد أن شهدت عصرها الذهبي تحت رئاسته".لكن أحدا لم يجب علي السؤال الحائر:"لماذا أقيل.. وكيف عاد"؟ علي الجانب الآخر، وكما كان متوقعاً، شملت القرارات عادل المصري رئيس القناة الثالثة، الذي لم يكون يفوت خبراً حول المشاكل المحتدمة في قناته، والأنباء التي تُرجح خروجه، من دون أن يسارع بتكذيبها، ولهذا أصيب بصدمة بعد إعلان قرار إقالته من القناة الثالثة، وتعيينه في منصب نائب رئيس التليفزيون، وهو المنصب الذي يعلم الجميع، وأولهم "المصري" أنه "ركنة"! الواقع يقول إن فاطمة فؤاد، التي غادرت موقعها كرئيس للقناة الثانية، ربما تكون القيادة الوحيدة، من بين المقالين أو المغادرين لمناصبهم، التي أعلنت فرحتها بصدور قرار تعيينها في منصب نائب رئيس التليفزيون، وهو مابررته بأنها أصبحت قادرة علي الحصول علي فترة راحة، بعدما كانت تعمل 10 ساعات في اليوم، ولم تتردد طويلاً واتخذت قرار السفر في رحلة استجمام بالخارج، ولم تنس التنويه إلي أن قرار الخروج من القناة الثانية تم بناء علي طلبها"(!) في السياق نفسه، وعلي الرغم من "التسريبات الكثيرة" التي تمت في الفترة الأخيرة حول قرب صدور قرار بتعيين هالة حشيش رئيسا للفضائية المصرية، بدلاً من رئاستها لقناة النيل للأخبار، وهو ماتأكد عقب إجتماع وزير الاعلام بها منذ ما يزيد علي الشهر عندما أوضح لها أن هناك اتجاهاً لإسناد مهمة أخري إليها، إلا أن وقع القرار عليها، وعلي أسرة النيل للأخبار جاء غير متوقع، وكأنه فاجأ الجميع؛ وهو ماظهر في رد الفعل الذي كان مزيجاً من الحزن والصدمة.وعلي العكس من هذا بدت قناة الأسرة والطفل في أجمل حالة، نتيجة السعادة الغامرة التي شملت العاملين فيها، عقب صدور قرار تغيير فريدة مكاوي، التي انتقلت إلي قناة التعليم العالي، واستبدالها بالإعلامية سحر السيوفي، في حين سادت حالة من الارتباك، والحزن الشديد، قناة "نايل لايف"، نتيجة رحيل شافكي المنيري إلي القناة الثانية، وأكد العاملون أنهم اعتادوا عليها، وعلي أسلوبها في إدارة العمل، بينما يتحتم عليهم الآن انتظار رؤية دينا رامز التي تولت المنصب خلفاً ل"شافكي"، ولم يخف البعض قلقه من احتمالات أن تأتي القيادة الجديدة بفريق معاونين جدد.أما قناة "نايل دراما"، فقد شهدت حالة من الاستياء، من قبل منال سويلم ومصطفي خليفه مديري الإعداد والتنفيذ بالقناة، عقب قرار نقلهما من القناة؛ حيث عُينت "منال" في منصب نائب رئيس قناة البحث العلمي بينما تولي "مصطفي" منصب نائب رئيس قناة التعليم العالي، وعبرت "منال" لزملائها عن ضيقها وانزعاجها الشديدين؛ خصوصاً أنها تعتبر نفسها من مؤسسي "النيل للدراما"، ولا تعلم شيئاً عن "البحث العلمي"، والطريف أن زميلها "مصطفي" هو الذي هدأ روعها، وهو يقول لها أن حالها أفضل من حاله، بعد أن أطيح به إلي قناة التعليم العالي! وفي قطاع المتخصصة أصيب العاملون في "نايل سبورت" بصدمه نتيجة تعيين مصطفي حسين رئيساً للقناة، خلفاً لعبد الفتاح حسن، وعدم اختيار أحد ابناء القناة لتولي المنصب؛ خصوصاً أن العاملين في إدارة الإنتاج الذين فرحوا باستبعاد مصطفي حسين فوجئوا به يؤكد لهم أنه سيجمع بين عمله في الإدارة ورئاسته لقناة "نايل سبورت"(!) أما موقف قناة "النيل الثقافية" فمازال محيراً، بعد ندب جمال الشاعر في منصب نائب رئيس القطاع، ولم يعرف بعد إذا كان الندب خطوة تمهد لمغادرة القناة أم تدعيم لمسيرته؟ أخيراً جاء ندب هاني جعفر رئيساً للقناة الثالثة ليكذب مانشر حول المشاكل التي فجرها أثناء قيادته للقناة الخامسة، وأنه أصبح في "عداد المغضوب عليهم"، بينما أكد "الندب" أنه جاء تلبية لرغبته في الانتقال من الإسكندرية ليكون علي مقربه من طبيبه المعالج في القاهرة.