دخلت الاتصالات بين حزب البعث ومن يطلق عليهم "بقايا النظام السابق" وبين الأحزاب المشاركة في الحكومة العراقية - وهم الأعضاء السابقون بمجلس الحكم الذي تشكل بعد الغزو مباشرة عام 2003- مرحلة الرفض المشروط بعد أن تجاوزت مرحلة الرفض المطلق للمشاركة في العملية السياسية. وتواجه الأطراف التي تجري لقاءات سرية وعلنية بوساطة عربية ومحلية وفق ما يقوله السفير في ديوان وزارة الخارجية سلمان إسماعيل "مشاكل جوهرية أبرزها بنود الدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي والذي يحرم الأيديولوجية البعثية ويحرم التعامل مع من سبق له الانتماء إلي هذا الحزب الذي أذاق العراق الويل والدمار طيلة 35 سنة من حكمه". غير أن إسماعيل يعتقد أن "تعديلا دستوريا في الطريق وسيضع العربة أمام الحصان في إطار قضية المصالحة التي كثرت أطرافها وتعددت أسبابها". لكن زميله المستشار في الوزارة مصطفي شيروان رأي أن "إجراء أي تعديل في الدستور العراقي من شأنه أن يسمح بظهور البعث أو من يمثله ثانية في العراق هو أمر مرفوض رفضا قاطعا ومخالفا لإرادة الشعب العراقي الذي صوت علي الدستور.. المصالحة في العراق لها أطراف متعددة فلماذا يصرون علي أن البعث هو الطرف الرئيسي". من جهته قال العضو في لجنة المصالحة العراقية علي مزيد البهادلي إن "الفصائل القابلة للمصالحة في العراق نموذجان.. الأول نموذج يمكن الحوار معه والتحدث إليه بعقلانية لأنه يملك تصورات واضحة للمستقبل وللماضي ولديه برامجه المعروفة.. أما النموذج الآخر فلا يملك مثل هذا التصور ولذلك يصعب الحديث معه". وكان مسئولون مقربون من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اشترطوا عدم إشراك المتهمين بارتكاب جرائم من "البعثيين الصداميين" وأعضاء هيئة علماء المسلمين التي يترأسها الشيخ حارث الضاري وتنظيم القاعدة في المصالحة التي جري الحوار بشأنها في العراق بين الحكومة والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسي الذي أنهي زيارته إلي العراق الخميس الماضي، وهي المصالحة التي رفضها جناحا حزب البعث بقيادة عزة الدوري ويونس الأحمد. وقال عضو بارز في لجنة المصالحة إن الأمين العام للتيار الديمقراطي العراقي عبد الأمير الركابي وهو شخصية عراقية معارضة يتفاوض حاليا في بغداد مع المالكي باسم معارضي العملية السياسية ومنهم البعثيون والجماعات المسلحة. وأضاف أن من بين الشروط التي يحملها الركابي إلغاء أحد بنود الاتفاق الأمني مع واشنطن -لم يسمه العضو المذكور- والعمل علي منع تطبيق الفيدرالية وإجراء تعديلات علي الدستور لينص علي أن العراق جزء من الوطن العربي، وإعادة النظر بقانون اجتثاث البعث وتعديلاته. ووفقا لعضو لجنة المصالحة في العراق فإن "المالكي ينوي في الأيام القليلة المقبلة طرح مبادرة جديدة لتعزيز مشروع المصالحة تنحصر خطوتها الأولي علي فصيلين من المعارضين، هما البعثيون السابقون وكبار ضباط الجيش السابق المقيمون حاليا في الأردن ومصر وسوريا والإمارات". وذلك "شرط ألا يكونوا من الذين ارتكبوا جرائم سابقا" وأضاف "أن عددا من مستشاري رئيس الوزراء التقوا بعثيين كبارا من جناحي عزت الدوري ويونس الأحمد وضباطا كبارا في الحرس الجمهوري". وبينما اختلفت آراء القياديين في حزب الدعوة - الذي يتبعه المالكي- بين موافق ومتحفظ للمصالحة مع البعثيين تحديدا فإن القيادي في المجلس الإسلامي الأعلي رضا جواد تقي أوضح موقف المجلس بقوله "المجلس يؤيد الحوار مع شخصيات من حزب البعث وإن اللقاء مع هذه الشخصيات كانت لصفتهم الشخصية وليس الحزبية لأننا ملتزمون بالدستور الذي يحظر عودة البعث ألصدامي". وكشفت صحف عراقية أن 435 ضابطا من المقيمين في سوريا والأردن أبدوا الرغبة في العودة إلي العراق. وذكرت أيضا أن زيارة موسي الذي قال إن القمة العربية للعام 2010 ستعقد في بغداد, أثمرت عن فتح عدة ملفات من بينها المصالحة وديون العراق.