مع بدء العد التنازلي لمعركة خلافة الرئيس الأمريكي جورج بوش في 4 نوفمبر المقبل التي يفصلنا عنها نحو شهرين فقط بين المرشحين الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري جون ماكين, يحتد التنافس بين الرجلين وتتضح الفروق بينهما بخصوص عدد من القضايا المحلية وملفات السياسة الخارجية ولا سيما موقفيهما من الحرب علي العراق. لكن في المقابل تبدو للرجلين نقاط اتفاق في ما يتعلق بملف الشرق الأوسط وتحديدا العلاقات الأمريكية الإسرائيلية التي قد تحافظ علي درجة الدفء نفسها أيا كان المرشح الذي سيفوز بالانتخابات، وهو ما سيجذب بالتأكيد أصوات الناخبين اليهود علي اختلاف انتماءاتهم ديمقراطية كانت أو جمهورية. القدرات الخطابية لكل مرشح تصقل يوما بعد آخر, وتتبين معها رؤية كل منهما للمتغيرات في الظرف الدولي الذي لا تزال تتصدره المسألة العراقية بكل حيثياتها وتجاذباتها. فالحرب علي العراق لا تزال إحدي القضايا الجوهرية التي يختلف فيها المرشحان، وإن خفت حدتها نوعا ما في الآونة الأخيرة، لكن خطابات كل من الرجلين لا تخل من انتقاد موقف الطرف المقابل في هذا الخصوص. ففي حين يقول أوباما إنه يعارض الحرب التي شنتها بلاده علي العراق مقدما وعودا بوضع حد لها وبسحب القوات الأميركية من هناك, يبدو ماكين المحارب السابق في فيتنام أكثر حدة كلما تحدث عن هذا الموضوع قائلا إن العراق ساحة الحرب "المركزية". ويصر ماكين علي أن النصر في العراق "قريب" الأمر الذي جعل من أوباما يعقب لماذا يعارض ماكين إذن جدولا زمنيا لسحب القوات الأميركية من العراق؟ وينتقد ماكين فكرة سحب القوات الأميركية من العراق قائلا إن النصر "لا يزال مبددا بسبب انسحاب متسرع وجداول زمنية تعسفية". لكنه لم ينكر أن قائد القوات الأميركية بالعراق الجنرال ديفد بتراوس هو واحد من أهم ثلاثة أشخاص سوف يحرص علي الإنصات لنصائحهم في حالة فوزه بالرئاسة الأميركية. ويشكك أوباما في إخلاص ماكين في دعم سيادة العراق، وقال المتحدث باسم حملته بيل بورتون "من الصعب الفهم كيف يمكن للسيناتور ماكين أن يدعي حينا دعمه لسيادة الحكومة العراقية، ثم يتحدي بعناد تأييدهم لجدول زمني لسحب ألويتنا المقاتلة من بلدهم". وأشار أوباما إلي أن قرار معارضته لحرب العراق في أواخر عام 2002 كان من أصعب القرارات التي اتخذها كسياسي نظرا لما حظي به الرئيس بوش من دعم جماهيري وسياسي في ذلك الحين، وأنه حرص علي الحديث مع عدد من الخبراء والناصحين قبل اتخاذ هذا القرار. أما بخصوص الوضع في الشرق الأوسط, فتتبدد الخلافات ويظهر بشكل جلي وفاء الرجلين للسياسة الأميركية الداعمة لإسرائيل. ويقول أوباما إن دعم بلاده لإسرائيل ليس قابلا للتفاوض. مؤكدا عزمه عزل حماس وحزب الله والجماعات الإسلامية التي لا تعترف بحق إسرائيل في الوجود. ماكين في المقابل يذكر أنه يرحب بالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية داعيا هو أيضا إلي عزل حماس وحزب الله وسوريا، مبررا الحرب الإسرائيلية علي لبنان في 2006. وقد سبق له أن دعا إلي ضرورة حشد قوي أميركا في حرب كبري ضد ما سماه "الإرهاب الإسلامي الراديكالي. أما بخصوص وجود القوات الأميركية في أفغانستان فالأمر لا لبس فيه بالنسبة للمرشحين إذ تعهدا بإرسال مزيد من القوات هناك وتكثيف المساعدات المالية في هذا البلد. أما في الملف الاقتصادي فقد قدم أوباما وعودا بتخفيض الضرائب علي الطبقة الشغيلة وذوي الدخل المحدود الذين لا يفوق دخلهم 75 ألف دولار في السنة, متعهدا برفع الضرائب علي أصحاب الدخل الذي يفوق 250 ألف دولار. فيما يعتزم ماكين في حال وصوله إلي البيت الأبيض الإبقاء علي معدل الضرائب نفسه في عهد جورج بوش لكنه عبر عن معارضته الشديدة للتضخم العمومي. وبخصوص ملف الهجرة ساند أوباما تعديل قانون الهجرة وتقنينها في حين كان ماكين في سنة 2006 وراء قانون لتسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين مشددا علي ضرورة حماية الحدود. وفي ملف الرعاية الصحية الأكثر أهمية بالنسبة للناخب الأميركي, قال أوباما إنه يرغب في توفير رعاية صحية لجميع مواطنيه ويسعي لتنفيذ ذلك بحفز الأميركيين علي المشاركة في التغطية بشكل اختياري وجعلها إجبارية بالنسبة للأولياء. في حين يعتقد ماكين أنه من الضروري أن تكون التغطية الصحية في متناول الأميركيين. وفي ملف الطاقة ينوي أوباما العمل علي الشروع في التقليص من انبعاثات غاز الكربون لتصل إلي نسبة 80% بحلول 2050, واعدا بتخصيص 150 مليار دولار للبحوث البيئية خلال السنوات العشر القادمة. وتتوافق رغبات ماكين مع نوايا أوباما بشأن تخفيف انبعاثات غاز الكربون لكنها تبدو أقل تفاؤلا لكونه يسعي إلي تخفيضها بمقدار الثلثين بحلول سنة 2050 واعدا بالعمل علي وضع خطط جديدة للطاقة النووية. بخصوص قضية الإجهاض التي ينقسم بشأنها الشعب الأميركي نفسه, قال أوباما إنه يساند الإجهاض وهو ما يعارضه بشدة ماكين.