عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا طارئا في القاهرة أمس لمناقشة مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور. ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن دبلوماسي عربي قوله إن الاجتماع يتوقع أن يبحث اقتراحا يدعو الحكومة السودانية إلي تسليم اثنين من المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية في محاولة لتفادي توجيه اتهامات ارتكاب جرائم إبادة جماعية للبشير. إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان الاقتراح سيحظي بالمساندة في الاجتماع في ظل رفض السودان لأي اتفاق يكون بموجبه تسليم رعاياه لمحكمة الجنايات الدولية. واستبعد مصطفي عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني أن يكون هناك "تعاون مباشر بين السودان والمحكمة، والمواطنون السودانيون لن يسلموا لمحاكمتهم في لاهاي". من جهتها وصفت هيئة جمع الصف الوطني السودانية طلب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بأنه أمر خطير. وتظاهر المئات من السودانيين مجددا أمس الأول احتجاجا علي مذكرة أوكامبو. وكان المبعوث الصيني إلي دارفور طالب المجتمع الدولي بوضع المخاوف الأفريقية والعربية في الاعتبار فيما يتعلق بتوجيه تهم ارتكاب جرائم حرب إلي الرئيس السوداني، وحذر من أن هذه العملية قد تقوض جهود السلام. وقال ليو جوي جين إن طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو إلقاء القبض علي البشير يمكن أن يهدد نشر قوات حفظ السلام في الإقليم الذي تعصف به الصراعات. وصرح بأن مثل هذه الخطوات القضائية يجب ألا تضر بالجهود الأخري. محذرا من إرسال إشارات خاطئة لأطراف النزاع في دارفور. تصريحات جين جاءت بالتزامن مع وصول دفعة من الجنود الصينيين مكونة من 172 فردا إلي دارفور للانضمام إلي قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. وأكد جيس ميرنهريتش أساذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد أن تصريحات المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية لويس مورنو أوكامبو بشأن دارفور لا تقدم أدلة كافية علي وقوع إبادة جماعية بهذا الإقليم السوداني، مشككا في امتلاكه عناصر كافية للدفاع بصورة مقنعة عن دعوي حدوث هذه الجريمة. وقال في مقابلة مع صحيفة "لوموند" الفرنسية إنه يخشي في حالة مثول الرئيس السوداني عمر البشير أمام المحكمة بتهمة اقتراف هذه الجريمة ألا يتمكن أوكامبو من تقديم الأدلة علي تصريحاته المبالغ فيها التي أدلي بها يوم الخامس من يونيو في مقر الأممالمتحدة، ويوم 14 يوليو في لاهاي. ميرنهريتش -الذي عمل سابقا في محكمة الجنايات الدولية- قال إنه لا يستبعد أن يؤدي إقدام أوكامبو علي تقديم الدعوي ضد البشير إلي نتائج كارثية بالنسبة للمحكمة، مشيرا إلي أنه قد يتبين أن دوافع المدعي العام الدولي في هذه القضية كانت سياسية بالدرجة الأولي ولم تستند إلي أساس قانوني. وشدد الأستاذ علي أن إدانة شخص بارتكاب إبادة جماعية بحق عنصر معين من البشر تتطلب إثبات أمرين، إذ لا يكفي أن تكون هناك أدلة علي أن المتهم قد اقترف جرائم بحق فئة معينة، بل لا بد من البرهنة علي أنه إنما فعل ذلك بنية إبادة جماعة قومية أو إثنية أو دينية بعينها. وأضاف أن الأفعال والممارسات لا تكفي لتوجيه التهم لشخص ما بأنه تسبب في إبادة جماعية، وهذا _حسب قوله- هو الخطأ الذي كثيرا ما يقع فيه نشطاء ومناضلو حقوق الإنسان. وأشار في آخر مقابلته إلي أنه لا يعتقد شخصيا أن ما وقع في دارفور إبادة جماعية وإن كان يدرك أن جرائم بشعة قد اقترفت في ذلك الإقليم، وهو كما يقول لا يرتاح عندما يري أشخاصا يحاولون رسم حد متدن لتعريف الإبادة الجماعية والمستوي الذي يجب أن توجه فيه تهم الإبادة الجماعية. من ناحية أخري قال وزير الإعلام التشادي محمد حسين إن السودان هو الذي قطع العلاقة الدبلوماسية مع تشاد وإن بلاده تنتظر توضيحات من الخرطوم عن الأسباب المستجدة التي أدت به إلي إعلان رغبته في إعادة تلك العلاقات. يأتي ذلك بعد أن ذكرت الرئاسة السنغالية أن الرئيس السوداني عمر البشير وافق علي إعادة العلاقات الدبلوماسية مع تشاد. وجاء إعلان دكار عن هذه الخطوة بعد محادثات جرت يوم الخميس في العاصمة السنغالية بين وزير خارجية السودان ونظيره التشادي وممثلين عن الاتحاد الأفريقي. من جهة أخري وفي تعليقه علي مذكرة المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بشأن ملاحقة الرئيس البشير، قال وزير الإعلام التشادي إن بلاده ملزمة بالتعاون مع المحكمة بموجب اتفاقيات دولية وقعت عليها. وأكد وزير الدولة بالخارجية السودانية السماني الوسيلة أن العلاقات مع تشاد علاقات شعوب وقبائل وليست فقط علاقات حكومات، مشيرا إلي أن السودان يرغب أن تكون حدود البلدين لتبادل المنافع. وقال الوزير إن بلاده مهتمة بدعم العلاقات مع تشاد ودعا التشاديين لمراعاة مصلحة الشعبين الجارين، كما أشاد السماني بجهود الرئيس السنغالي في هذا الجانب.