اظهر القرار الذي اتخذته الولاياتالمتحدة يوم الخميس بتمديد فترة وجود 2200 من عناصر المارينز في افغانستان حتي نوفمبرالمقبل حجم الصعوبات التي تواجهها قوات التحالف في مواجهة النشاطات القتالية المتزايدة لحركة طالبان. إلا ان ذلك لم يمنع الرئيس الأمريكي جورج بوش من القول ان استراتيجيته ما تزال تحقق نجاحا. ولا يوجد شيء، منذ سقوط حركة طالبان قبل نحو ست سنوات حتي الآن، إلا وكان ناجحا من وجهة نظر الرئيس بوش. اما لماذا تواصل القوات الأمريكية قتالها في افغانستان، فهذا شيء آخر. انه جزء من "النجاح" أيضا. يذكر ان عام 2007 كان السنة الاكثر دموية خلال الحرب المستمرة منذ ست سنوات. ويرجح ان تكون السنة الجارية علي المستوي نفسه من العنف، إن لم تكن أسوأ، بالنظر الي تمكن حركة طالبان من تمويل نشاطاتها بالزيادة الملموسة في تجارة المخدرات، ونجاحها في تجنيد المزيد من المقاتلين من منطقة القبائل في شمال باكستان، وتمكنها، فوق ذلك، من إطلاق سراح المئات من عناصرها المعتقلين في الهجوم علي سجن قندهار في 13 يونيو الماضي. وكان يونيو الماضي الشهر الاكثر دموية منذ بداية الحرب للقوات الدولية التي قتل 49 من جنودها خلال معارك وهجمات وحوادث، بالاستناد الي بيانات عسكرية. وقال بوش تعليقا علي سقوط هذا العدد من القتلي الذي يعد الأعلي منذ العام 2001 "لقد كان ذلك شهرا صعبا في افغانستان، ولكنه كان شهرا صعبا كذلك بالنسبة لطالبان". واضاف "لكنني واثق من ان الاستراتيجية ستنجح". وأصبح التمديد لبقاء وحدات اميركية في أفغانستان الوسيلة الرئيسية لتعويض النقص في عدد الجنود الأمريكيين، وذلك بينما تتردد العديد من الدول المشاركة في القوة التابعة للحلف الأطلسي الناتو بالذهاب بعيدا في تلبية طلبات البنتاجون لإرسال المزيد من القوات. وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قررت ارسال الوحدة التي تم تمديد بقائها والف من عناصر المارينز للمساعدة في تدريب قوات الامن الافغانية، تلبية لطلبات قوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان ارسال تعزيزات ومروحيات. ويساند عناصر وحدة الاستطلاع 24 الكنديين والبريطانيين والهولنديين المنتشرين في الجنوب حيث وقعت اعنف المعارك. لكن وزارة الدفاع الأمريكية كانت تشدد حتي الان علي ان هذه التعزيزات "ستكون لفترة محدودة تقتصر علي سبعة اشهر فقط". ويشارك حوالي 50 الف جندي من اربعين بلدا في قوة ايساف فيما يشكل 20 الفا آخرين جزءا من تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة. وشهد الأسبوع الأول من الشهر الجاري سلسلة هجمات سقط خلالها العشرات. ففي غضون اليومين الأولين من الأسبوع قتل 19 شخصا، بينهم 12 متمردا، خلال هجمات في مواقع عدة في افغانستان. ونجا حاكم ولاية نمروز غرب البلاد من اعتداء انتحاري هو الثاني في اقل من عام وقتل فيه ثلاثة من حراسه الشخصيين ومدني. والثلاثاء، قتل ثمانية متمردين بينما كانوا ينصبون كمينا لقافلة للجيش الافغاني في اقليم زهري في ولاية قندهار، كما اعلنت وزارة الدفاع في بيان، ان اي جندي لم يقتل او يصب بجروح. وفي هذه الولاية، اصيب ستة اشخاص، بينهم جنديان كنديان، بجروح صباح الاربعاء في اعتداء انتحاري بسيارة مفخخة. وقتل اربعة من عناصر طالبان في انفجار قنبلة كانوا يضعونها بحسب حصيلة جديدة لحاكم اقليم اندار عبد الرحيم ديزوال في ولاية غزنة (وسط). وقتل شرطيان وجرح سبعة اخرون في انفجار قنبلة لدي مرور دوريتهم في لشقر غاه عاصمة ولاية هلمند معقل طالبان ومهربي المخدرات، بحسب قائد شرطة الولاية محمد حسين انديوال. واطلقت صواريخ من الاراضي الباكستانية استهدفت قاعدة للتحالف الدولي ولكنها سقطت علي منازل في اقليم ماراوارا في ولاية كونار (شرق)، ما ادي الي مقتل مدني افغاني، كما اعلن التحالف في بيان. ولا تعد هذه الهجمات سوي نموذج "تقليدي" لما يحصل كل أسبوع تقريبا. ولهذا السبب فان طلب المزيد من القوات، وتمديد مدة بقاء الموجود منها أصبح أمرا لا مفر منه لمواجهة "النجاح" الذي تحققه استراتيجية الرئيس بوش في افغانستان. وكان رئيس هيئة أركان الجيوش الأمريكية المشتركة الأدميرال مايكل مولن قال في الثاني من الشهر الجاري إن هناك حاجة لمزيد من القوات الأمريكية في أفغانستان للمساعدة علي قمع النشاط العنيف المتزايد للمتمردين، لكن لا يوجد عدد كاف من الجنود لإرسالهم في هذه المهمة بسبب الحرب في العراق. وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن مولن قال إن حركة الطالبان والقوي المتطرقة في أفغانستان أصبحت تشكل "مشكلة معقدة جداً" مرتبطة بتجارة المخدرات المتزايدة، والاقتصاد المترنح، والمنطقة الحدودية "السامة" مع باكستان. وأضافت الصحيفة أن مستوي العنف في أفغانستان ارتفع بشكل ملحوظ في الأسابيع القليلة الماضية. وقال مولن "كنت أشعر ولا زلت بقلق بعميق من العنف المتزايد هناك" مضيفاً أنه ليس سراً أنه يريد إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلي هناك. وأضاف "لقد أصبح الطالبان وحلفاءهم أكثر فعالية في الأسابيع الماضية... كل ما نحتاج إليه هو الصبر. وكما شاهدنا في العراق، الحروب ضد المتمردين تتطلب وقتاً والتزاماً". وقال مولن إن القادة العسكريين يتطلعون إلي إمكانية إرسال قوات إضافية إلي أفغانستان في العام 2009 إذا استمرت الظروف في العراق في التحسن. وكان البنتاجون لجأ الي خيار نقل قوات من افغانستان الي العراق، ومن العراق الي أفغانستان، بدافع ان الظروف تتحسن، هنا تارة، وهناك تارة أخري. ويقول اللواء مايكل روتشيل قائد وحدة التجنيد بالجيش الأمريكي "إن الجيش يمر بأوقات عصيبة فيما يتعلق بتجنيد متطوعين جدد، ولا أستطيع أن أنكر إننا بحاجة ماسة إلي المزيد من المتطوعين، وأن المهمة الأخطر أمام الجيش هي جلب المزيد من المتطوعين في الوقت التي تخوض فيه أمريكا حربين في العراق وأفغانستان". وتعرض وزارة الدفاع ما يصل إلي 20,000$ كمكافأة مالية للمنضمين الجدد، وتغطية مصاريف التعليم بما قد يصل إلي 60,000$، بالإضافة إلي ما قد يصل إلي 150,000$ كحوافز لبعض المنضمين لوحدات العمليات الخاصة ويتمتعون بمؤهلات غير عادية.