يعكس مشروع واشنطن بإرسال آلاف من عناصر المارينز إلى افغانستان قلق الأمريكيين المتزايد من تصاعد تمرد طالبان وعودة القاعدة وعدم الاستقرار في باكستان المجاورة. ويشدد الخبراء على أن هذه الوحدات الأمريكية الإضافية لن تشكل سوى "دعم جزئي" ولن تكون حلا شاملا للنزاع في افغانستان الذي شهد العام 2007 الحوادث الاكثر خسائر للأمريكيين منذ 2001. ويعتبر سام برانن الخبير في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن توجه الولاياتالمتحدة نحوإرسال مزيد من العناصر "يثبت قلقا متزايدا حيال عدم استقرار باكستان إثر اغتيال (رئيسة الوزراء السابقة) بنازير بوتو". ويضيف إن التوترات السياسية "حولت انتباه الرئيس (برويز) مشرف عن مشكلة من وصفهم بالمتطرفين الذين يدعمون عناصر خارجيةمما يوفر لهم معقلا أكثر أماناً من السابق". ويؤكد مسؤولون أميركيون أن تنظيم أسامة بن لادن وعناصر طالبان الأفغان والباكستانيين أعادوا بناء صفوفهم في مناطق القبائل في شمال غرب البلاد لشن هجمات في الطرف الاخر من الحدود في افغانستان. ويوضح برانن ان "القاعدة خسرت مواقع في العراق وتعيد تنظيم صفوفها في افغانستان". وفيما يواجه الأمريكيون صعوبة في إقناع أعضاء الحلف الأطلسي بإرسال تعزيزات كبيرة، تتجه إدارة الرئيس جورج بوش إلى نشر ثلاثة آلاف جندي إضافي بحلول ابريل المقبل في الجنوب الأفغاني المحاذي لمناطق القبائل في باكستان، وذلك تحسبا للهجمات الاعتيادية التي يشنها المقاومون في الربيع. ويقول مايكل اوهانولن الخبير في شؤون الدفاع في معهد بروكينغز "بالنظر إلى التعزيزات التي أرسلت إلى العراق والتقدم الذي أحرز هناك، من الصعوبة عدم القول أنه يمكن تحقيق تقدم في افغانستان عبر مقاربة أكثر صلابة". لكنه يلاحظ أن الإمكانات تظل محدودة على خلفية الاستنفار الكبير للجيش الأمريكي في العراق. وبحسب وزارة الدفاع الأمريكية فان هذه التعزيزات لن تبقى إلى الابد، علما بأن المسؤولين العسكريين في أفغانستان يفتقرون إلى 7500 عنصر سبق أن وعد بهم أعضاء في الحلف الأطلسي. وتضم القوة الدولية للمساعدة في حفظ الامن (ايساف) التابعة للحلف الأطلسي أربعين الف عنصر فيما تتألف قوات التحالف الدولي تحت قيادة اميركية من عشرين الف جندي. وقال وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس الخميس "ينبغي ابقاء طالبان في حال دفاع دائم عن النفس"، لكنه تدارك "اخشى ان تؤدي (هذه التعزيزات) إلى تخفيف الضغط على حلفائنا ليفوا بالتزاماتهم". وإذا كانت كابول رحبت بخطوة إرسال مزيد من القوات الأمريكية، فان بعض المراقبين يبدون شكوكا في فاعلية هذا التدبير. ويرى علي جلإلى وزير الداخلية الافغاني السابق ان "زيادة عدد العسكريين خبر جيد. لكن المشكلة المركزية تكمن في بلورة استراتيجية موحدة" بين قوات التحالف ومع الحكومة الافغانية. ويوضح أن "الحلف الأطلسي يخوض معارك تكتيكية من دون استراتيجية. ومع استمرار غياب الرؤية الواحدة فان زيادة الوحدات لن تؤثر كثيرا". وفي رأي برانن إن "قرارا أميركيا أحادي الجانب ليس أمرا جيدا" لأنه قد يشجع القاعدة على مزيد من أعمال العنف. ويضيف إن "القاعدة تبحث دائما عن نزاعات جديدة لتجديد نفسها،وكلما أرسلنا وحدات أميركية، قدمنا اليها مزيدا من الأهداف ومن فرص الدعاية وتجنيد (المقاتلين)، فهجوم على الأمريكيين له تأثير أكبر من اعتداء يطاول قوات الحلف الأطلسي".