من وجهة نظري لا وجود للحيادية في أي مجتمع لا يوجد أي إنسان محايد فالأشخاص الذين يرون الحكومة علي حق ويؤيدون مواقفها هم من طبقة رجال الأعمال والوزراء وكبار الموظفين ممن تتحقق مصالحهم مع الانجازات الحكومية يستفيدون منها إلي اقصي قدر ممكن، أما الغالبية العظمي ممن يعانون من أزمة رغيف الخبز والمواصلات الدخول الضعيفة وارتفاع أسعار وغيرها من المشكلات التي لا تسعي الحكومة لحلها فيرفضون سياسات الحكومة بشدة لانها تتعارض مع مطالبهم ومصالحهم الشخصية وهو أمر "منطقي وطبيعي" فمن غير الطبيعي ان تؤيد هذه الفئة السياسات الحكومية غير المعينة بحقوقهم الأساسية. وقد لا تظهر هذه الغالبية المعارضة بسبب سيطرة الحكومة علي وسائل الإعلام التي لا تعرض إلا انجازات الحكومة وخططها الناجحة والصائبة حيث نجدها دائما تعرض ان كل الأمور علي ما يرام رغم ان الحقيقة المؤسفة هي ان جميع الأمور ليست علي ما يرام. ولم يقتصر سوء الحال علي الفلاحين والفقراء وانما امتد إلي الطبقة الوسطي التي تتعرض بالفعل لضغوط شديدة بحكم التضخم من ناحية وبحكم عجزها عن المنافسة في سوق العمل والسوق الاقتصادية من ناحية أخري الأمر الذي يهددها بالاختفاء رغم اهميتها في المجتمع باعتبارها المحرر الرئيسي الذي تنتعش عنده أحلام التقدم الاقتصادي والديمقراطي فقد فقدت هذه الطبقة الأمل في تحقيق مطالبها فيما يخص تطوير التعليم وزيادة الأجور وانخفاض الأسعار كما انها لا تجد الفرصة الحقيقية للتعبير عن ذاتها في وقت منعت فيه الأحزاب وصدورت فيه الصحف تحت مظلة قانون الطواريء والذي تستخدمه الحكومة منذ أكثر من ربع قرن، ومن هنا فلا يمكن لهذه الطبقة ان تري الحياة وردية وسعيدة وقد أدي هذا الخلل إلي تقسيم المجتمع إلي طبقة من الأغنياء "غناء فاحش" وغالبية عاجزة عن توفير رغيف الخبز. الأمر الذي يهدد المجتمع ويعرضه إلي العديد من المشكلات بسبب اختفاء هذه الطبقة المهمة والتاريخية والتي تعاني الآن من العديد من المشكلات المتراكمة علي جميع الأصعدة سواء علي الصعيد الاقتصادي أو السياسي الأمر الذي قد يؤدي إلي ايجاد مناخ مناسب لزيادة التطرف والعنف في المجتمع. واعتقد ان الحفاظ علي أي مجتمع يتطلب ضرورة الاحتفاظ بالطبقة الوسطي التي تحافظ علي المجتمع وتحسن من ظروفه وأحواله باعتبارها ميزان المجتمع واختفائها يعني ظهور المشاكل كاختفاء الموضوعية وانتشار المعارضة وانصراف الشعب عن الأوضاع العامة وانشغاله بمصالحه الشخصية علي حساب المصالح العامة الأمر الذي بدأ في الظهور، ومن هنا يجب ان يتخلص الجميع من هذه الظاهرة الخطيرة ويتخلوا السلبية ويتجهوا إلي الايجابية الملتزمة وبما يسهم في تحسين الأوضاع الحالية وحل بعض المشكلات التي نعانيها.