اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي لتطوير التعليم الثانوي تعمدت اخفاء مشروعها الرسمي للتطوير حتي قبيل ايام قليلة من انعقاد المؤتمر في موعده السابق 24 ابريل الماضي حتي تضمن تمريره بدون معارضة تذكر فان مفاجأة تأجيل موعد المؤتمر "حتي للقائمين عليه" كشفت هذه الخطة ووضعتها مجبرة تحت مظلة المناقشة والحوار، الاكثر عمقا، للافكار المتداولة وأدي التأجيل الي ظهور فريق اخر في المناقشات بعد ان كان ملعب التطوير مقصورا علي فريق واحد فقط مؤيد علي طول الخط وهو ما كشفت عنه اغلب جلسات الاستماع التي عقدت للتحضير للمؤتمر. ونزل الي الملعب فريق آخر اتضح بعد مرور الوقت انه فريق لا يستهان به وجه انذارا شديد اللهجة وهو كما رأينا يضم رئيسي لجنة التعليم بمجلسي الشعب والشوري يساندهما افراد من الخبراء التربويين الكبار اعترضوا علي خطة التطوير خاصة فيما يتعلق بتطبيق نظام التقويم الشامل وادخال اعمال السنة وامتحانات القبول كجزء رئيسي من درجات الطالب في المرحلة الثانوية وعند قبوله بالجامعة يساند هذا الفريق جمهور من اولياء الامور والمعلمين ما زالوا ينتظرون النتيجة الدائرة حتي الان والسؤال ولمن ستكون له الضربة القاضية هل هو الفريق الرسمي باعتباره يملك مفاتيح اللعب في المناصب الرسمية والتحكم في موازنة التعليم ام الفريق الاخر الذي يمتلك مساندة الجماهير خارج الملعب ولكن لا يلعب علي ارضه! ولاننا مجبرون علي عشق التعليم ومعظمنا يمارسه كل يوم بل كل ساعة حتي داخل المنازل حتي وصلنا الي مرحلة الادمان. فانني بحكم العادة سوف اعلق علي المباراة تعليقا هادئا بعيدا عن الاتهام باثارة الشغب ولا يمنع ان نهتف باحد البدائل لعله يفيد! اولا انه اذا كان هناك اتفاق علي العودة الي نظام الامتحان الواحد في نهاية المرحلة "السنة الثالثة" فما الذي يمنع من ان يكون الامتحان علي مرتين "تيرمين" احدهما يعقد في نهاية يناير والاخر في نهاية يونيو علي ان تكون الدراسة بالصف الاول والثاني بالنظام المطبق حاليا للصف الاول الثانوي علي ان يتضمن تطبيق نظام الترمين شرط حضور نسبة 85% كحد ادني للتقدم للامتحان ولهذا نضمن عودة الطلاب الي المدرسة الثانوية في كل السنوات بدلا من اهدار المال العام الذي نعيش فيه منذ سنوات نتيجة غياب شبه كامل للطلاب والمدرسين عن المدرسة. ثانيا: يستتبع تطبيق نظام الترم ان تبدأ الدراسة في اول سبتمبر من كل عام ولا اعرف ما هو السر الغامض وراء تأجيل الدراسة حتي الاسبوع الثالث من سبتمبر وكل دول العالم من حولنا تطبق موعد دخول ثابت وهو الاول من سبتمبر من كل عام وتستمر الدراسة حتي نهاية يونيو وليس مايو ، ومن المعروف ان العام الدراسي الفعلي داخل المدارس لا يتجاوز 6 اشهر بعد خصم ايام الاجازات والامتحانات!. وان يتضمن التطبيق وضع خريطة عمل بنظام المحاضرة الدراسية بدلا من الحصة التي مدتها 45 دقيقة والغريب ان الوزارة تطبق نظام المحاضرة علي اطفال السنوات الاولي في الابتدائي ولا تطبقه في الاعدادي والثانوي كذلك يتضمن التطبيق تقسيم المواد الدراسية علي ان يكون هناك عدد من المواد الاختيارية يتم الامتحان فيها في دور يناير واخري في دور يونيو مع استمرار دراسة المواد الرئيسية (اللغة العربية، اللغة الاجنبية الاولي، مواد التخصص) طول العام ولكن تمتحن علي فصلين، علي ان يعقد امتحان الدور الثاني في اغسطس ويسمح فيه للطلاب باعادة التقدم للامتحان. اما بالنسبة لعقد اختبارات للقبول بالجامعات وأيا كانت الاقتراحات المقدمة فيها سواء تجريها الجامعات او لجان القطاع بالمجلس الاعلي للجامعات فيجب الغاء هذا التصور تماما ؛ لانه يهدد مبدأ تكافؤ الفرص، اذا تدخلت فيه العوامل الشخصية، بجانب انه يزيد من اعباء الاسرة عن طريق زيادة عدد الامتحانات خلال العام الواحد ويستبدل بدلا منه رفع شأن درجات مواد التخصص "المواد التأهيلية"، ومواد للمستوي الرفيع "اجباري" للالتحاق بتخصصات محددة وان يسند وضعها للجامعات. و هذه الاقتراحات قابلة للمناقشة لان التمسك بالنموذج الوحيد المقترح وهو تطبيق التقويم الشامل واعمال السنة مع احترامنا إلا انه نظام تربوي ناجح جدا ليس في الكتب فقط بل في الولاياتالمتحدةالامريكية - كندا، الا انه يمثل قفزا علي الواقع التعليمي في مصر لان مدارسنا غير مهيأة اصلا في البنية التحتية لممارسة الانشطة والحوار والمعلم المؤهل ، فكيف نطبقه اذن في مصر، كما ان التمسك بادخال اعمال السنة في المشروع سوف يؤدي كما اكد رئيسا لجنة التعليم بمجلسي الشعب والشوري الي مزيد من الاحتقان والتوتر داخل المجتمع خاصة في غياب الثقة في هذا العامل "اعمال السنة". اما القول بانه موجود ومطبق في الجامعات فمردود علي ذلك ان التعليم الجامعي له اهداف اخري ونسبة اعمال السنة به محدودة "وتذكروا امثلة امتحانات الطب" بجانب ان مرتبات اعضاء هيئات التدريس بالجامعات تختلف جذريا عن مرتبات المعلمين حتي بعد الكادر الخاص بعشرة امثال المرتب. الغاء الفكرة تماما التي تنادي بان تكون الثانوية العامة شهادة منتهية، ومدة صلاحيتها 5 سنوات لان الواقع العملي يقول انها كذلك وانما اشتراطها سوف يكون المتضرر منه هم فقراء مصر وقد يمتد ايضا الي الطبقة المتوسطة مع التأكيد هنا علي ضرورة وضع افكار وآليات للنهوض بطلاب التعليم الفني (65%) من طلاب الثانوي بدلا من اقتصار الحديث فقط علي طلاب الثانوية العامة 32% من الطلاب وان توضع الافكار لعدم اعتبار هذا النوع من التعليم "درجة ثانية" وهناك افكار كثيرة في هذا عملية اذا كنا ننوي التطوير فعليا. ثالثا: ضرورة المطالبة والتأكيد علي ان الضرائب التي قررت الحكومة فرضها علي التعليم الخاص ، ان تذهب الي تطوير التعليم ودعم موازنته وليس للصرف علي بنود اخري وطبقا للارقام المعلنة فان الضريبة المنتظرة تصل الي نصف مليار سنويا وهو مبلغ علي صغر حجمه قد يساهم في التطوير الفعلي. وأخيرا فإن التأني في طرح مشروعات التطوير قد يحمي المجتمع من مغامرات غير مأمونة العواقب لان التعليم يقبل الاصلاح التدريجي وليس الثورة.