دخل النزاع في دارفور غرب السودان عامه السادس بدون بوادر تهدئة، مع قوة لحفظ السلام معطلة وازمة انسانية مستمرة وتجدد العنف علي الارض. ويدور النزاع الذي تصفه الولاياتالمتحدة باول ابادة في القرن الحادي والعشرين، بين متمردين من اصل افريقي يسعون للحصول علي حصة من الثروات والحكم والنظام السوداني وحلفائه المتمثلين خصوصا بميليشيات الجنجويد العربية. ويتجاوز هذا النزاع الحدود الي تشاد المجاورة مع خطر ان يؤدي الي اشتعال المنطقة برمتها. وتعقيداته وتشعباته لم تعد تخفي علي احد مع "ما يتعرض له المدنيون والعاملون في المجال الانساني من مخاطر يمكن ان تأتي من كل حدب وصوب" في حال نزاع، كما قال المتحدث باسم الاممالمتحدة ادريان ادواردز. وذكرت منظمات دولية ان مئتي الف شخص قضوا بسبب هذا النزاع ومضاعفاته، ونزح اكثر من 2.2 مليون شخص وهي ارقام تعترض عليها الخرطوم التي لا تتحدث في المقابل سوي عن تسعة الاف قتيل. وتتولي الاممالمتحدة وكذلك منظمات اخري فضلا عن منظمات غير حكومية ادارة شؤون دارفور الذي يضم ستة ملايين نسمة، في اكبر عملية انسانية في العالم تقدر ميزانيتها ب849 مليون دولار (حوالي 570 مليون يورو) للعام 2008. وتتطلب عملية حفظ السلام الاولي المشتركة بين الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي من جهتها ميزانية تقدر ب1.2 مليار دولار (808 مليون يورو). وهذه العملية التي تعتبر الاكبر تراوح مكانها منذ اطلاقها في 31 ديسمبر الماضي اذ انها ما زالت تفتقر لثلثي عديدها المفترض ان يبلغ عند اكتمالها 26 الف عنصر. كما ينقصها المروحيات الضرورية لتنقلاتها عبر اراضي الاقليم الذي تضاهي مساحته مساحة فرنسا. الي ذلك تجدد العنف هذا الشهر مع هجومين للجيش السوداني وميليشيا الجنجويد مما ادي الي نزوح 12 الف لاجيء جديد الي تشاد المجاورة. والتاريخ الذي اعتمد لاندلاع النزاع - في 26 فبراير 2003 - يعود الي هجوم للمتمردين علي حامية للجيش في شمال دارفور مما ادي الي عمليات رد حكومية.. ومنذ ذلك الحين لم تعد التجاوزات وانتهاكات حقوق الانسان تحصي في المنطقة بحسب المنظمات الدولية، فيما تتصاعد الضغوط الدولية علي الخرطوم. وترفض الخرطوم من ناحيتها محاكمة وزير الدولة للشئون الانسانية احمد هارون واحد قادة الجنجويد علي كشيب أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وقال المتحدث باسم وزارة الشئون الخارجية السودانية علي صادق في هذا الخصوص "ان استمرار النزاع امر مؤسف". واضاف ان "الحكومة كانت شفافة عندما قالت انها عاجزة عن حل النزاع لوحدها، لذلك طلبت مساعدة الاتحاد الافريقي والاممالمتحدة والمجتمع الدولي". والمفاوضات التي جرت بين الحكومة والمتمردين برعاية الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي في ليبيا في اكتوبر لم تفض الي اي نتيجة، وقد توقع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي فشلها منذ افتتاحها. ومما زاد الامور تعقيدا تشرذم المتمردين الي مجموعات عديدة انفصلت عن حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، ناهيك عن مماطلة الاطراف المعنية. وقد انتقد الرئيس الامريكي جورج بوش بشدة بيروقراطية الاممالمتحدة التي لا تسهل العملية برأيه. وردا علي سؤال قال اريك ريفيز المتخصص الامريكي في شئون دارفور انه في حال فشل القوة المختلطة ستكون العواقب كارثية بالنسبة للعمل الانساني". واكد ان "هذا هو الخطر الحقيقي".