بات واضحا أن المبادرة التي حملها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي لحل الأزمة السياسية اللبنانية واجهها الرقم واحد كصورة حقيقية لطبيعة الانقسام السياسي، وتحديدا فيما يتعلق بالسجال الدائر بين طرفي النزاع علي تركيبة الحكومة سواء بمفهوم الثلث زائد واحد أو النصف زائد واحد. فقد تجمعت قوي الأكثرية النيابية والمعارضة معا -رغم خلافاتهما الحادة- علي أن الرقم واحد تحول إلي معادلة سياسية يضعه كل فريق علي طريقته وبحسب قراءته المحلية والإقليمية. وانطلاقا من هذا يقول نائب تيار المستقبل د. مصطفي علوش إن (الواحد) تعبير عن خلاف علي التوجه الوطني العام وليس صراعا علي السلطة، فيما يري نائب حزب الله المحامي نوار الساحلي أن الواحد "يحمي البلد من اتخاذ قرارات كبيرة". في المعركة السياسية المحتدمة الأعوام الثلاثة المنصرمة، اشتد الخلاف علي نقاط تتعلق بالشأن الخارجي، واتهم كل طرف الآخر بالعمل لمصلحة قوي خارجية. فالمعارضة ممثلة بحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر تتهم الأكثرية النيابية أو ما بات يعرف بقوي 14 آذار بأنها أداة لتنفيذ المشروع الأمريكي بالمنطقة، وترد الأكثرية علي ذلك باتهام المعارضة بأنها جزء من المحور السوري الإيراني بالمنطقة. وفي هذا السياق، يفتح الرقم واحد _زائدا علي النصف بالنسبة للأكثرية أو زائدا علي الثلث بالنسبة للمعارضة- الباب واسعا حول جوهر المواقف المرتبطة بالوضع الإقليمي لدي الطرفين. لذلك يعتبر النائب علوش أن المنطق الذي تتبعه المعارضة "يثبت سعيها تحويل لبنان إلي منصّة للصواريخ بالنيابة عن سوريا وإيران" مؤكدا ان قوي 14 آذار "تريد تحييد لبنان عن ذلك". أما الساحلي فيري أن "الأكثرية تريد النصف زائدا واحدا لكي تسير الأمور العادية للبلد علي هواها، وتمنع المعارضة من الحصول علي الثلث المعطّل لأن الثلث لوحده لا يعطّل قراراتها المصيرية التي تحتاج إلي الثلثين في مجلس الوزراء". ويستطرد علوش نائب الأكثرية المناهضة لسوريا بالقول إن "الواحد هو الواجهة" لكن دون التعلق به "كأيديولوجيا" وإنما بما يحمله من مضامين سياسية تتجاوز ذلك بكثير. ويري أن هذا "الواحد" هو الذي قطع علي المعارضة الطريق بالخوض في تفاصيل التشكيلة الحكومية وتوزيع حقائبها بعد أن "طرحت من يكون رئيس مجلس الوزراء، وتسمية قائد الجيش" مشيرا إلي الواحد تحول إلي ضمانة لا تمرّر مواقف غير مقبولة بشقيها المحلي ومنها الإستراتيجي. أما الساحلي فيعتبر أن "الواحد يضمن الوضع الحكومي، لأن الوزراء الذين قد يعتبرون حياديين يمكن أن ينقلبوا بين لحظة وأخري، وأمامنا تجربة الرئيس لحود خير برهان" في إشارة إلي مطالبة الأكثرية لإعطاء الصوت الوزان أو الراجح بمجلس الوزراء إلي وزراء محسوبين علي الرئيس العتيد. وأضاف "ولو توافر الواحد مع وزراء المعارضة لجاءت المحكمة الدولية (الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري) متوازنة غير قابلة للتسييس". ويثني المفكر اللبناني معن بشور علي رمزية الرقم "للخلاف الجوهري" حول أسلوب إدارة البلد. واكد موسي ان "الخلاف المحتدم حول حصة كل طرف في تشكيلة الحكومة يعكس مدي حالة انعدام الثقة القائمة بين الطرفين كما انه يحمل في طياته ابعادا وتوجهات تتجاوز الارقام (وزير او وزيران بالناقص او بالزيادة لاي من الطرفين)". واوصي موسي بناء علي ذلك بان "تاخذ الجهود العربية لحل الازمة في الاعتبار المخاوف والهواجس السياسية والامنية للطرفين وموقعهما في اللعبة السياسية اللبنانية بأبعادها العربية والاقليمية والدولية". وتابع الامين العام للجامعة "بناء عليه فان المطلوب عربيا في هذه المرحلة هو مواصلة الجهود علي اكثر من صعيد لتوفير الاجواء الملائمة عربيا واقليميا ودوليا لمواكبة جهود الجامعة ومساعيها مع الاطراف اللبنانية بصورة ايجابية تتيح انتاج الحل اللبناني التوافقي المرتجي وفقا للعناصر الواردة في المبادرة العربية.