" انتخابات الوقت الضائع " هو الوصف الدقيق للحالة الانتخابية الجديدة التي داهمت الحزب الوطني في 25 دائرة انتخابية مرة واحدة وفي شهر واحد بعد أن فقد 25 نائبا من نوابه صدر الحكم ضدهم ببطلان عضويتهم رغم إجبارهم علي الاستقالة فهي تجري في العام قبل الأخير من عمر البرلمان اظهرت كل المؤشرات أنه سيكمل دون حل مدته خمس سنوات بالتمام والكمال .. وفي ظل إعادة ترتيب الأوراق داخل البيت الحزبي الحاكم الذي أخذ زمام المبادرة بحوار حر مفتوح مع أحزاب المعارضة القديمة والجديدة دون تفرقة من أجل مناقشة كيفية إجراء إصلاح سياسي في مصر.. واستعداد لدخول الانتخابات تم الاتفاق علي تطبيق نظام المجمع الانتخابي الشفاف .. لتسمية المرشحين الذين يخوضون الانتخابات باسم الحزب .. علي الرغم من تأكيد الأمين العام للحزب صفوت الشريف علي أن الأمانة العامة للحزب يجب أن تضع الضوابط العامة للاختيار قبل إجراء المجمع..إذن _ حسب تصريحات قيادات الحزب الوطني _ سيكون المجمع الانتخابي بالاختيار الحر المباشر وليس بالتوجيه.. وأعتقد أن المصداقية وهي ضرورية جدا الآن تتطلب إعادة العمل بالصندوق الزجاجي الشفاف الذي يقطع كل الألسنة ويغلق بوابة الصراعات وتصفية الحسابات التي يتطاير شررها مع كل انتخابات .. فضلا عن أن أنه في نفس الوقت سوف يفتح الباب واسعا أمام تيار التطوير والتغيير في الحزب..والسؤال الذي يطرحه المراقبون .. هل سيترك الحزب الوطني بعض المقاعد للمعارضة .. مثل مقعد سمنود الذي ينتظر عودة النائب الوفدي الدكتور محمود أبو اسماعيل وزير المالية الأسبق..وهل هناك دوائر يمكن أن يتركها الحزب الوطني لحزب التجمع الذي يمكن أن يشكل رقما برلمانيا حزبيا بعد أن وصل عدد أعضائه في البرلمان إلي 7 أعضاء.. مجرد تساؤلات لم يعلق عليها الحزب لكن ستكشف بعد إعلان ترشيحات الحزب في الدوائر ال25.وإذا كان الحزب الوطني قد وضع البصمة الأخيرة علي معركة التجهيز لخوض الانتخابات المقبلة .. فإن الحقيقة علي أرض المعركة في الدوائر الانتخابية قد كشفت عن لغة أخري ظهرت واضحة في الدوائر الانتخابية التالية: في السيدة زينب .. وهي دائرة سياسية من الطراز الأول.. نائب الدائرة هو رئيس مجلس الشعب ورغم أنه وهو يجلس علي المنصة يجب أن يخلع رداءه الحزبي إلا أنه في السيدة زينب هو المسئول الحزبي الأول.. وإذا كان فرج الرواس قد فضل الاستقالة من مجلس الشوري طمعا في أن يرثه ابنه في مقعد النيابة .. فإن الدكتور سرور وبالصدفة البحتة _ كان في مقدمة الرافضين لفكرة الاستقالة .. فهو يراها إجراء لا يتناسب مع التقاليد البرلمانية الأصيلة.. ويرفض أيضا أن يرشح الرواس ابنه .. وطرح الدكتور سرور اسما جديدا وهو جمال حنفي رجل أعمال يشارك في الأعمال التطوعية بالدائرة الفقيرة..ويرجع بعض المراقبين القريبين من المطبخ السياسي للسيدة زينب موقف الدكتور سرور إلي أنه لم ينس للرواس يوما..أنه اتخذ موقفا غريبا في انتخابات مجلس الشعب ضد الدكتور سرور وواجهه بتحركاته وتصريحاته التي كانت تهاجم الدكتور سرور .. وفي السياسة يقولون إحنا خالصين..وفي دائرة باب الشعرية دائرة سيد جلال .. الذي جاء بعد صبحي وهدان .. وجاء بعدهما الدكتور أيمن نور فهي دائرة لا يمكن أن تعيش بدون نجم برلماني.. يحفظ لها شهرتها بين الدوائر .. فقد خرج النائب عبده جابر الذي بكي في مجلس الشعب وهو يندب حظه العثر بعد إجباره علي الاستقالة.. لكن مشكلته أنه استقال وليس له قريب أو شقيق أو حتي ابن يخلفه في الدائرة..والحزب قد قام بالتبشير بإعلان ترشيح منافسه اللدود محمد عبد النبي العامل البسيط..لكن الدكتور أيمن نور نائب الفئات عن الدائرة ومهندس العمليات الانتخابية ليس في باب الشعرية فقط وإنما في كل دوائر القاهرة كان له رأي آخر.. وهو يضع عينه علي بؤرة انتخابية استراتيجية..وهي منطقة الطوابية بالموسكي وهي عصبة انتخابية ثقيلة حاسمة في الانتخابات , فطرح مرشحا من أبناء منطقته هو صابر عيسي العامل ورجل الأعمال في نفس الوقت.. والسؤال الذي يفرض نفسه هل ينجح أيمن نور هذه المرة أيضا في الاتفاق مع الحزب الوطني علي أن يسقط مرشح الحزب أسوة بما جري في انتخابات 95و2000؟ المؤشرات تقول إن الحزب الوطني سوف يستعيد هذه المرة المقعد خاصة أنه فيما يبدو وكما يقول القريبون من المطبخ السياسي أن علاقة أيمن نور بالحزب الوطني تمر بفتور بعد الصولات والجولات الحزبية التي قام الدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد ويتنازع في نفس الوقت مع رئاسة حزب مصر. وفي دائرة المنتزه بالإسكندرية التي أظهرت كل المؤشرات الشعبية أنه آن الأوان أن يعود إلي البرلمان الدكتور محمد عبد اللاه الضحية الأولي من انتخابات 2000 .. والذي تعرض خلالها _ علي حدتعبيره_ إلي خيانة حزبية. وأعتقد أن مشكلة الدكتور محمد عبد اللاه ليست في العودة إلي البرلمان .. ولكن في العودة إلي رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب التي شهدت خلال رئاسة الدكتور مصطفي الفقي انتعاشا للدبلوماسية الشعبية لا يقل عن ذلك النشاط الذي حققه الدكتور عبد اللاه خلال رئاسته لمدة 15 عاما.. هنا القرار سيكون للحزب. وفي دائرة العامرية بالإسكندرية التي تصل إلي حدود مطروح وتضم الدخيلة والعامرية وبرج العرب والتي يتشكل الصوت الانتخابي المؤثر فيها من قبائل أولاد علي والذين يتهمون الحكومة بالخروج علي اتفاقية الدور التي كان الرئيس السادات قد وضعها وتؤكد كل مؤشرات المعركة الانتخابية هناك أن الحزب الوطني يواجه مأزقا صعبا في ظل انتفاضة قبلية..اتفقت خلالها مجموعة من القبائل لمواجهة أبناء علي وعدم تمثيلهم هذه المرة في تمثيل الدائرة.. وفي دائرة بني عبيد وهي دائرة أشهر نائب تجنيد أحدث ضجيجا سياسيا ضد الحكومة والبرلمان قبل أن يخضع للاستقالة.. النائب هرماس رضوان الذي توجه إلي الدائرة ليعلن رغبته في ترشيح نائب عمال بدلا منه رغم أنه فئات .. لكنه يريد أن يقطع الطريق علي مرشح فئات يمكن أن يكون له أي مستقبل في هذه الدائرة.. وقد أعلن للجماهير أن هناك تعديلا في القانون سوف يسمح بعودته مرة أخري للاحتفاظ بمقعد الفئات وطلب من الناخبين أن مصلحته أن يكون للدائرة نائبان عمال. وقال إنه قبل الاستقالة بناء علي وعد بترشيح نائب عمال.