كان المتنبي من أعظم شعراء الدولة العباسية و أغناهم لأن الشعر في عصر الدولة العباسية مهنة مريحة قائمة على الحنكة و الاحتراف و كان المتنبي مولعا بمصر و أهل مصر و كان يتمنى زيارتها. ولما أتيحت له الظروف لزيارة مصر ومعايشة أهلها لخص تجربته في بيت الشعر المشهور كم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء التناقض والتضارب والتخبط وسوء التخطيط أحد أهم سمات الإدارة المصرية وهذا ما حدث بعينه في انتشار ظاهرة "التوك توك" فقد سمحت الدولة باستيراده وتحصلت مقابل ذلك علي جمارك ورسوم وضرائب وسمحت ببيعه وشرائه وتحصلت علي ضرائب ورسوم ودمغات وخلافه ثم رفضت ترخيصه وصادرته في بعض الأحيان. إذا كانت الدولة جادة حقاً في منعه تحت دعاوي أنه يعرقل المرور ووسيلة للنقل غير آمنة، فلماذا أصلاً وافقت علي استيراده؟! ولماذا تحصلت وتربحت من وراء ذلك علي رسوم وضرائب؟!!. فنظرة سريعة علي التعامل مع التوك توك في المحافظات، محافظة القليوبية رحبت به وقامت بترخيصه عن طريق المجلس المحلي ومنح كل "توك توك" لوحة معدنية مقابل رسوم 100 جنيه سنوياً أي أن محافظة القليوبية أعطت الشرعية له وعلي النقيض من ذلك رفضت محافظة الجيزة التعامل معه بل هدد المحافظ بمصادرة "التوك توك" وفرض غرامات باهظة علي قائديه، ألم يكن المتنبي صادقاً في شعره؟!!. دعونا نتناول الأمور بموضوعية شديدة، أليست الدولة صاحبة القرار في الموافقة علي استيراد "التوك توك"؟!! يفترض أن الدولة عندما تتخذ قراراً مثل هذا تكون أحاطت بآثاره وتبعاته من كل جانب!! ألم تحصل الدولة رسوماً وضرائب وجمارك علي "التوك توك"!! أليس هذا "التوك توك" قد وفر مئات فرص العمل لشباب عاطل تخلت الدولة عنهم؟!!. أليس من الأفضل أن تحتوي الدولة بأجهزتها المختلفة مشروع "التوك توك" وتوفر له الغطاء القانوني والشرعية اللازمة وضوابط عمله بدلاً من المطاردة؟!! فأسلوب العصا الغليظة في التعامل مع الظواهر التي تنشأ في المجتمع أسلوب عفا عليه الزمن، فالحوار والاتفاق والموضوعية ومقارعة الحجة بالحجة أسلوب المجتمعات المتحضرة حتي لا يبقي المتنبي صادقاً في شعره إلي الأبد.