المجلس القومي للمرأة يشارك في جلسة «الرائدات الريفيات»    شعبة الاستثمار العقاري تكشف أهمية التسويات المالية بين أعضاء البريكس بالعملات المحلية    بوتين يستقبل الرئيس السيسي وزعماء دول البريكس خلال مأدبة عشاء بقازان    الأردن يعلن إجلاء 50 من مواطنيه المقيمين في لبنان عبر طائرة عسكرية    انطلاق مباراة برشلونة وبايرن ميونخ في دوري الأبطال    ضبط عامل شرع في قتل صديقه بسبب خلافات بينهما بالعجوزة    الذكاء الاصطناعى طبيب نفسى: جيد لكن روشتة علاجه مرفوضة    يونج بويز ضد الإنتر.. طارمى وأرناوتوفيتش فى هجوم العملاق الإيطالى    المصريين الأحرار: يجب على كل حزب توضيح الأيديولوجيا الخاصة به    كلية القادة والأركان تنظم فعاليات اليوم الوطني للدارسين الوافدين بدورات الكلية    خلافات بينهما.. التحقيق مع المتهم بالشروع بقتل شاب في العجوزة    ابنة سعيد صالح تكشف حقيقة بيع شقة والدها بالمهندسين    بعد قليل.. بدء العرض الخاص لفيلم «المخفي»    كان المُلهم والمُعلم.. محمد ثروت يستعيد ذكريات لقائه ب الموسيقار محمد عبدالوهاب (صور)    مواليد بعض الأبراج في ضائقة مالية خلال النصف الأول من شهر نوفمبر.. نصائح فلكية    البيت الأبيض: كوريا الشمالية أرسلت 3 آلاف جندي إلى روسيا للقتال ضد أوكرانيا    الأزهر الشريف يعقد ندوة تحت عنوان «أمانة الفتوى وأثرها في الاستقرار المجتمعي»    أمين الفتوى: هذه من أفضل الصدقات الجارية عن الميت    وزير الدفاع الأمريكي: تقاعس إسرائيل عن حماية المدنيين في غزة قد يؤدي إلى رد فعل عنيف يمتد لأجيال    رئيس جامعة المنصورة يتابع عددًا من المشروعات بقطاعي التعليم والمستشفيات    إعلام عبرى يكشف تفاضيل زيارة بلينكن لتل أبيب    يوسف الشريف يشارك في ندوة نقاشية بمهرجان الجونة السينمائي    المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في الخانكة    الحكومة توافق على مشروع قانون بتنظيم المراكز الطبية المتخصصة    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    التأمين الصحي على الطلاب وإنشاء 8 جامعات.. قرارات وزير التعليم في مجلس الجامعات الأهلية    ضمن مبادرة بداية.. مياه الغربية تواصل تقديم الأنشطة الخدمية    السجن عام مع إيقاف التنفيذ لسائق بتهمة التعدي على أرض آثار بقنا    بعد إعلان المسموح لهم دخول الامتحان.. خريطة المواد الدراسية للثانوية العامة    تحرير 1372 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع شاب وإصابة طفلين بانقلاب «توكتوك» في مصرف مائي ببني سويف    «تمريض القاهرة» تنظم ندوة حول انتصارات أكتوبر وبناء المستقبل    وزيرة التضامن تشارك في جلسة رفيعة المستوى حول برنامج «نورة»    «زيارة مفاجئة».. وزير التعليم يتفقد مدارس المطرية | تفاصيل    الشكاوى الحكومية: نتلقى 13 ألف مكالمة يوميًا    هاريس وترامب .. صراع البيت الأبيض في الأيام السوداء    هاني عادل ضيف «واحد من الناس» على قناة «الحياة»    صلاح السعدني.. صدفة منحته لقب «عمدة الدراما»    منصة تشاركية مناقشاتها بناءة.. الحوار الوطنى يطلق استمارة لتقييم سير وتنظيم جلساته.. ويجيب على تساؤلات الرأى العام بشأن قضية الدعم    الغنيمى يدعم سلة سموحة قبل بدء الدورى الممتاز    «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    كوكو حارس سيراميكا: مباراة بيراميدز ليست سهلة وسنلعب للفوز ببرونزية السوبر    عامر حسين: نفكر في إقامة كأس مصر بنظام الذهاب والعودة    الضرائب: استجابة سريعة لتذليل عقبات مؤسسات المجتمع المدني    محافظ المنيا: تقديم خدمات طبية ل 1168 مواطناً خلال قافلة بسمالوط    وزير الصحة يشهد جلسة حوارية حول التعاون لضمان حصول الجميع على الدواء بأسعار عادلة    بوتين: 30 دولة عبرت عن رغبتها فى الانضمام لمجموعة بريكس    إعادة تأهيل 60 منزلا في قريتي الروضة 45 والوفاء والأمل بالإسكندرية    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    بحث استخدام العملات المحلية.. جارديان: قمة "بريكس" تعكس فشل الغرب فى عزل موسكو    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    اليوم.. النادي المصري يلتقي شباب المحمدية بالمغرب    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    «العمل» تُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية    ارتفاع أرباح بيكر هيوز للخدمات النفطية خلال الربع الثالث    ترحيل ثلاثي الزمالك شلبي ودونجا وعبدالواحد السيد اليوم .. تفاصيل    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور "الحراك الطبقي" في تفكيك الشخصية المصرية
نشر في نهضة مصر يوم 08 - 11 - 2006

ان من بين اهم الاهداف الواعية بحركة تاريخ الشخصية المصرية هو الكشف عن: متي تتحدي وتعبيء وتهب وكيف من اجل مواجهة التحديات والمخاطر والاهداف الوطنية ومتي وكيف تكون لا مبالية، ساكنة، راضية عن واقعها، مستسلمة لتحدياتها، فتغلق مفرداتها علي انواتها الذاتية ومصالحها الآلية الضيقة، الفردية والجماعية وربما القبلية فكرا وسلوكا فتصل الي حالة من التفكيك والتجزيء.
بتلك العبارات استهل الدكتور عبدالباسط عبدالمعطي استاذ علم الاجتماع بآداب عين شمس مقالته العلمية التي نشرت في ملف مجلة الديمقراطية في عددها الاخير "يوليو 2006" والذي خصص للتعرف علي الملامح المتعددة لهوية الشخصية المصرية.
فاذا كانت الابعاد الاساسية قد تتشابه في الشخصية المصرية الا ان اولوياتها وتشكلها قد تتباين حيث يمكن ان تنتج انماطا مختلفة من الشخصيات الوطنية لذلك يمكن حصر الابعاد الحاكمة لمستويات بنية الشخصية الوطنية فيما يلي:
- اولا: استيعاب الموروث الحضاري وانماط التفاعل معه خاصة فيما يرتبط بالوعي الديني.
- ثانيا: اعتماد اللغة كأداة للتعبير وكطريقة للتفكير والتصرف وصياغة خطابات الحياة اليومية الرسمية وغير الرسمية العامة والخاصة.
ثالثا: شكل وفلسفة التعامل مع الامكانيات المتاحة والتي تتجسد من خلال رؤية العالم المحيط بالشخصية، عالميا ووطنيا واجتماعيا وسياسيا.
- رابعا: ادراك الماضي والحاضر والمستقبل وتفسيرهما فضلا عن التعامل مع مقولة المكان.
- خامسا: التعامل مع التناقضات والفجوات النوعية والمالية والديمقوجرافية.
ونظرا لتباين كل تلك المفردات في اولويات تأثيرها علي الشخصية فان خصائص الاطار الاجتماعي التاريخي المتغير تؤثر عادة علي الشخصية في مختلف الحقب او المراحل التاريخية، فالشخصية في اوقات الانكسار والهزائم الوطنية تختلف بالتأكيد عنها في حالة القدرة او السيطرة علي المحيط المعاصر لهذا فالشخصية الوطنية ليست جامدة ثابتة علي نحو مطلق بل ان الصحيح هو تأثيرها وتغيرها بحسب ترتيب المفردات التي تبنيها وعدد التناقضات الاساسية وتراكماتها عبر الزمن، وان تركها بلا حل او ارجاء ذلك الحل سيؤدي لا محالة الي تفكيك الشخصية وتناقص مفرداتها فيتسم تفاعلها بالوهن ويبرز التشتت والتمركز حول الانتماء الاكثر ضيقا ومحدودية فرديا كان او شبه جماعي.
التغيرات المجتمعية
وبنية شخصية
ادت التغيرات المجتمعية التي طرأت علي المجتمع المصري منذ ما يقرب من ثلاثة عقود الي تبدلات غاية في الاهمية بالنسبة لفعلها المؤثر علي بنية الشخصية المصرية وسماتها وميلها المضطرد الي التفكك، فقد حدث تبدل كبير في التوجهات السياسية والاقتصادية لسلطة الدولة، خاصة فيما يتعلق بالمضمون الطبقي لهذه السلطة وعلاقاته بالقوي الاجتماعية الطبقية والسياسية كما افرزت تلك التبدلات بما حملته من تناقضات- وبالتزامن مع موجات الهجرة نحو دول استقت خضوع بعض مفردات الثقافة الفرعية للمهاجرين المصريين لبعض مفردات الثقافة البدوية/ النفطية، ام مسايرة لها او تحتسبا لمواصلة فرصة العمل والاستمرار فيه لذلك لم يكن غريبا ان نشاهد انعكاسات ذلك في ملبس ومظهر المهاجرين حين عودتهم وكذلك بالنسبة الي انماط استهلاكهم وايضا في تصرفاتهم اليومية كذلك عمدت رموز عديدة منهم ممن كانوا يحسبون علي الطبقة الوسطي المصرية الي التحول لاصحاب مشروعات استثمارية تجارية او خدمية او عقارية غالبا في نفس الوقت الذي لجأ فيه بعضهم الي تغيير توجهاته الايديولوجية والسياسية اذ سارعوا لتجسير علاقاتهم بالسلطة والارتباط بها باشكال مختلفة.
اما فيما يتعلق بتأثير العولمة علي مفردات الشخصية المصرية فلنا هنا ان نلاحظ ضغط ثقافة العولمة من اجل عولمة الثقافات الوطنية في سياقها الرأسمالي وبدا الامر وكأن الثقافات الوطنية تغالي في خضوعها واستسلامها للاندماج رويدا رويدا في ثقافة العولمة مع ما ارتبط بذلك من التأثيرات غير المواتية علي القيم واللغة ومفردات الهوية الوطنية بالاضافة الي سطوة النشاط والفكر والقيم التجارية.
المشترك بين أنماط
الشخصية المصرية
رغم اتجاه بنية الشخصية المصرية الي التفكك لانماط فرعية لها الا ان ثمة خصائص تطفو علي سطحها وتتقاطع معها فرغم ان المصريين متدينون بتاريخهم الممتد، الا ان تدينهم او وعيهم الديني تباين كذلك باختلاف خصائص مراحل التطور الاجتماعي الاقتصادية حيث سادت مثلا صور متعددة تبين شكلانية التدين والاهتمام بالمظهر اكثر من السلوك، وغلبية الاول علي حساب الثاني "المضمون" كما برزت مسألة تقسيم الدعاة فبعضهم رسمي حكومي والاخرون خلاف ذلك "الدعاة الجدد" والذين تميزوا باختلاف ملبسهم ومفردات خطابهم الديني والقضايا التي تشغلهم ومن ثم المتلقون عنهم ايضا.
وعلي الرغم من اعتبار كون اللغة في اي مجتمع هي من ركائز بنية شخصيته الوطنية فالملاحظ الان ان المصريين بدوا وكأنهم يتحدثون عدة لغات فرعية، فالشباب لهم لغتهم ومفرداتها الحافلة بالمعاني والدلالات وامتلأ قاموسهم اللغوي بالتعبيرات التي تخلط العامية باللغة الاجنبية كما تغير المظهر المسالم الذي كانت تتحلي به الشخصية المصرية وذلك لمصلحة انماط جديدة متكاثرة للعنف المادي والرمزي حتي بين اعضاء الاسرة والواحدة.
ولعل شيوع حالة التحايل علي القانون قد غدت من الامور الذي باتت شبه متقاطعة مع الانماط الفرعية للشخصية المصرية حيث هانت قدسية القانون علي كثير من المصريين كنتيجة مباشرة لتعدي كثيرين عليه مثل كبار الموظفين والفنانين ورجال الاعمال ولاعبي الكرة ورؤساء تحرير الصحف وغيرهم، واذا كان النمط الفهلوي للشخصية قد غلب لفترة ماضية من الزمن غير ان ذلك النمط قد تحول الي نمط الشخصية الهباشة التي تحل لنفسها كل شيء فغايتها تبرر دائما وسيلتها ولا يهم الاعتداء علي حقوق الاخرين ايا كانت.
ان التغيرات التي طرأت علي الشخصية المصرية كثيرة ومتنوعة ولعل من اهم ما يمكن ملاحظته في هذا الصدد ما يلي:
- وهن علاقة الشخصية بالمكان
- الميل المستمر للاعتداء علي اللغة العربية والعامية المصرية
- تكريس مظاهر التدين الذي يهتم بالشكل اكثر من المضمون
- تزايد وانتشار ثقافة التحايل علي القانون والاستهانة به
- سطوة اللاعقلانية والخرافية والاهداف المادية
- انقسام الشخصية المصرية وتفككها وتفكيك انماطها الفرعية فهناك المتدينون المتعصبون والاخرون الاكثر ميلا للتسامح وهناك رجال ملتحون بملابس بلدية واخرون يرتدون ملابس اجنبية متنوعة وموغلة في ارتفاع اسعارها، هناك نساء محجبات واخريات يرتدين افظع واحدث ما انتجته بيوت الموضة والازياء العالمية مما خف وزنه وغلا ثمنه، هناك شباب يتحدثون العامية واخرون يتكلمون الاجنبية ونمط ثالث يأتي بلغة مزيج من هذا وذلك، شباب مندمجون مشبعون واخرون مهمشون اجتماعيا واقتصاديا، في مصر الان خريجو جامعات حكومية مصرية وجامعات خاصة وجامعات اجنبية بل سيصبح لدينا بعد سنوات قليلة خريجو برامج تعليمية متميزة داخل الجامعات الحكومية المصرية واخرون ممن لم تمكنهم قدراتهم المالية الاسرية من الانضواء تحت ذلك العنوان من التعليم المستحدث في مقابل ما كان يسمي بمجانية التعليم حتي وقت قريب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.