هل تعقد قمة عربية امريكية يحضرها الرئيس الامريكي جورج بورش وزعماء الدول العربية الثمانية التي شاركت في الاجتماع الاخير الذي عقد في القاهرة مع وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس؟ وهل كان هذا الاجتماع الذي لم يتمخض عن اي نتائج ايجابية او اقرار خطة عمل، مقدمة وتحضيرا لهذه القمة التي تعول عليها الادارة الامريكية للخروج من المآزق المختلفة التي تواجهها في المنطقة؟ التقارير الصحفية وردود الفعل التي صاحبت زيارة رايس الي المنطقة والوعود التي سبق وان اطلقها الرئيس بوش حول ضرورة اقامة دولة فلسطينية الي جانب اسرائيل وان ذلك يعتبر اولوية من ضمن اولويات رئاسته الثانية والاخيرة، يشير الي ان هناك شيئاً ما يجري (طبخة) في المنطقة وفي واشنطن وعلي نيران هادئة. استراتيجية جديدة فهناك توقعات بان الادارة الامريكية بدأت في استخلاص النتائج الرئيسية لسياستها في المنطقة، وانها سمحت بتسريب تقارير الاستخبارات حول فشل الاستراتيجية الحالية للحرب علي الارهاب، من اجل اتباع الاستراتيجية الجديدة. كما ان كلام وزيرة الخارجية رايس حول البحث عن خروج مشرف من العراق اشارة واضحة بالحاجة الي طوق انقاذ والبحث عن حل جماعي يتيح انهاء التورط الامريكي في العراق. فالادارة الامريكية الحالية تستعد لمعركة انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس، ويعيش الحزب الجمهوري اسوأ فتراته في ظل تفكك الادارة الامريكية والحرب بين الوزراء واخرها تلك الناشبة بين وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزيرة الخارجية كونداليزا رايس. وفيما لايزال المحافظون الجدد او مثلث الحرب الذي يضم الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني ووزير الدفاع رامسفيلد، متمسكين بمواصلة استراتيجية الحرب علي الارهاب الحالية باعتبار ان نقل ميدان الحرب الي الشرق الاوسط واسيا وخارج الولاياتالمتحدة اجمالا، هو الحل لتأمين الولاياتالمتحدة، يري معسكر الخارجية وهيئات الامن القومي والاستخبارات ان تلك الحرب اكسبت الولاياتالمتحدة اعداء جدداً، ولابد من تغيير تلك الاستراتيجية التي لم تكسب اي عقول او قلوب وانما ساهمت في زيادة الكراهية ودعم القوي المتطرفة والعداء للولايات المتحدة، وهو ما انعكس ميدانيا في العراق التي اصبحت جنة الارهابيين، وتحولت الي اكبر مسرح لمواجهة الولاياتالمتحدة في ارض مفتوحة يسهل اختراقها، بدلا من المخاطرة بالذهاب لمحاربة امريكا في عقر دارها. وحتي الحلفاء الاوروبيين ينتقدون الاستراتيجية الامريكية الحالية بمواصلة الحرب في العراق وافغانستان ودعم حروب اسرائيل ومغامراتها العسكرية في لبنان وفلسطين، ويطالبون بالعودة الي الحلول السياسية وعدم التصعيد خاصة ان اوروبا الاقرب الي الشرق الاوسط تدفع الثمن، سواء باستفزاز ملايين من الجاليات المسلحة علي اراضيها او الدعوة للقيام بعمليات تفجيرية من الخارج وهو ماحدث في بريطانيا واسبانيا وفرنسا وهولندا علي وجه التحديد. ايران النووية وفي ظل تعقد الملف النووي الايراني واصرار ايران علي المضي في برنامجها، وقيام كوريا الشمالية يتحدي امريكا واقتحامها النادي النووي عنوة بتفجير نووي كبير، فان المعالجة العسكرية لهذين الملفين من شأنه احداث مزيد من التوتر والنزاعات الاقليمية في الشرق الاوسط وجنوب شرق اسيا، وهي نزاعات ستدعم الارهاب الذي سيتحول الي استخدام اساليب اخري اكثر خطورة مثل تسمم شامل لمصادر المياه والانهار، واختطاف وتدمير طائرات وقطارات، واهداف مدنية علاوة علي امكانية استخدام اسلحة دمار شامل صغيرة حيث تسربت تقارير حول تمكن مجموعات ارهابية من امتلاك قنابل نووية تكتيكية، ورؤوس مزودة بقنابل كيمائية ذات قدرة تدميرية هائلة. الحل في الشرق الاوسط واذا صحت التقارير حول الاستراتيجية الجديدة، فإن مهمة رايس والتي ركزت علي تحريك عملية السلام في الشرق الاوسط والبحث عن انسحاب مشرف من العراق، ومواجهة البرنامج النووي الايراني، والوضع في دارفور، تعتبر بداية لاجراء تقييم جديد لكيفية معالجة تلك القضايا. فقد اتجهت الادارة الامريكية نحو أصدقائها وحلفائها في الدول العربية المعتدلة التي طالما انتقدت التطورات السياسية واحتكرها ودعت الي القيام بإصلاحات شاملة وتطلب الآن معونتها للعمل معا علي ان تكون هذه الدول مجموعة ضغط ورافعة داخل الجامعة العربية نحو تنفيذ مبادرة السلام العربية التي تعترف باسرائيل وربطها بخارطة الطريق. وقد وصلت الاشارات الي السلطة الفلسطينية التي تبدي تشددا تجاه مماطلة حركة حماس ورفضها تلبية شروط اقامة حكومة وحدة وطنية، ومن بينها الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بين السلطة واسرائيل، حيث يعتزم رئيس السلطة محمود عباس اقالة حكومة حماس، وتشكيل حكومة فنية لاختبار نوايا الادارة الامريكيةالجديدة وتجاوب حكومة ايهود اولمرت معها. واذا حدثت هذه الخطوة وتم الاسراع في تحقيق انجاز سياسي علي المسار الاسرائيلي الفلسطيني، عبر انسحاب اسرائيل من الضفة وضواحي القدس والدخول في عملية اقامة الدولة الفلسطينية فان ذلك سيؤدي بالدول العربية المعتدلة الي مساعدة الولاياتالمتحدة علي الخروج من العراق بكرامة. حوافز سوريا وبديهي ان الخطوة التالية في جهود السلام في الشرق الاوسط تعتمد علي تقديم حوافز لسوريا بادراج قضية اراضيها المحتلة علي جدول الاعمال، بحيث نجد ان من صالحها الانضمام الي عملية السلام تلك والابتعاد عن السياسة الايرانية وعدم عرقلة التطورات في لبنان نحو تقوية سلطة الدولة اللبنانية وكذلك الاوضاع في فلسطين بالابتعاد وايضا في دعم وتحريض المنظمات الراديكالية التي تعارض توجهات السلطة وحركة فتح. حالة اعتراف واذا صحت تلك التوقعات فان السياسة الامريكية بعد ان دخلت مرحلة حالة الانكار طبقا لتعريف الصحفي الامريكي الشهير بوب ودورد، فانها تدخل الان مرحلة الاعتراف بفشل سياستها واستراتيجيتها المطبقة في الشرق الاوسط، وبالتالي فان عقد القمة العربية الامريكية قد يكون مقدمه لتبني اجندة، جديدة تأخذ المصالح العربية في الحسبان وتستبعد مواصلة الحروب خاصة انها حرب جديدة ضد ايران حتي لو اقتصر علي ضربات جوية فإن الدول العربي وخاصة المجاورة لايران ستدفع ثمن هذه المغامرة العسكرية الجديدة. اما اذا استمرت السياسة الامريكية في حالة الانكار، ولم تكن زيارة إيس سوي رحلة للعلاقات العامة فان المنطقة ستمضي من سيئ الي اسوأ ولن يكون العالم العربي هو الخاسر وحده، فالولاياتالمتحدة تخسر وستستمر في الخسارة البشرية والعسكرية والاقتصادية وخسارة العقول والقلوب التي راهنت علي محاولة اكتسابها. الي اين ستتجه الادارة الامريكية في الاسابيع القادمة.. مزيداً من الحروب والمواجهات والقاء الزيت علي النيران المشتعلة، ام محاولة احتواء ذلك كله واطفاء الحرائق سؤال ستجيب عنه التطورات المقبلة وساعتها ستثبت الولاياتالمتحدة هل هي تكون جزءاً من الحل ام انها هي المشكلة؟