ليست كل قوات حفظ السلام ناجحة، وتحديدا في لبنان، حيث قتل جنود من المارينز الأمريكيين كانوا يقومون بمهمة لحفظ السلام في ثكناتهم، وحيث اختطف وقتل ضابط أمريكي كبير كان يقود قوة أممية لحفظ السلام. وإذا ما أريد لقوات حفظ السلام أن تكون جزءا من حل طويل الأمد في لبنان، فالأمر يستلزم دقة وحذرا في تشكيلها، بحيث تكون قادرة علي تحقيق حل ناجع بدلا من أن تتحول إلي جزء من المشكلة، كما حدث في الماضي. ولتحقيق ذلك يستدعي الأمر الإجابة علي خمسة أسئلة: الأول: ما هي مهمة القوة؟ ربما يكون الهدف النهائي لقوات حفظ السلام هو الحد من استخدام العنف، بيد أن السؤال هو: كيف السبيل إلي ذلك... هل ستكون قوة مراقبة، أم قوة تفاعلية أي تعتمد علي ردود الأفعال أو قوة الهدف منها خلق واقع جديد علي الأرض؟ بمعني آخر: هل ستقوم هذه القوة بالتصدي ل حزب الله، أم أنها ستترك هذه المهمة لآخرين، أم أن حزب الله سوف يترك لشأنه في الحقيقة؟ إن التحكم في العنف يجب أن يكون هو الهدف المؤكد لقوات حفظ السلام، وبدون ذلك فإنه من غير المرجح أن تنجح جهود تلك القوة في لبنان علي المدي الطويل. الثاني: كيف ستكون علاقة قوات حفظ السلام بحكومة لبنان وتحديدا قواته المسلحة؟ فهذه القوات ستعمل في بلد بذل فيه مجهود ضخم من أجل تكوين حكومة مركزية أكثر فعالية مما كان قائما من قبل، وتتمتع بسيطرة حقيقية علي البلاد بأكملها. ومن بين الموضوعات الحرجة في هذا الصدد الكيفية التي سيتم بها تحويل حزب الله إلي حركة سياسية وليست عسكرية. والحكومة اللبنانية لن تنجح ما لم تحصل علي دعم كبير من الخارج، وتعتمد نهجا ثابتا لنزع سلاح حزب الله. سيستلزم الأمر أيضا وجود نوع من المجهود المنسق بين قوات حفظ السلام وبين الحكومة اللبنانية. فتلك القوات ستكون بحاجة دائما إلي توجيه سياسي يسمح لها، ويسمح لقوات الجيش اللبناني، بتطوير قدراتها للعمل بشكل متكامل فيما بينهما. الثالث: هل ستكون القوة ذات طبيعة عسكرية بحتة أم أنها ستتجاوز ذلك؟ لقد ثبت من الدروس المستخلصة من العديد من مهام حفظ السلام، أنه ما لم تؤخذ العوامل الأمنية (غير العسكرية)، فضلا عن العوامل الاقتصادية والاجتماعية في الحسبان، فلن يكون أمام هذه القوات فرصة للنجاح في المدي الطويل. ولعل النجاحات التي حققها حزب الله في الجنوب اللبناني ترجع جزئيا إلي ما كان الحزب يقدمه من خدمات اجتماعية بالإضافة لأنشطته العسكرية. الرابع: كيف سيتم تشكيل هذه القوة؟ من الواضح أن الولاياتالمتحدة لن تشارك في أعمال الدوريات العسكرية التي ستضطلع بها هذه القوة. وتشير تقارير الأخبار المتعلقة بهذا الموضوع إلي أن هناك أدوارا مختلفة للدول المشاركة في هذه القوة، بما في ذلك تركيا وفرنسا وباكستان وإيطاليا وماليزيا وأندونيسيا. وغياب الولاياتالمتحدة عن القوة الرئيسية التي تضطلع بالدوريات لا يعني أن هذه القوة ستفشل. ففي تيمور الشرقية علي سبيل المثال لم يتم ضم قوات أمريكية لقوات حفظ السلام هناك ومع ذلك فإن الأخيرة نجحت في مهامها حينما حلت أستراليا وبكفاءة عالية في قيادتها مكان الولاياتالمتحدة. السؤال الخامس: ما هي الموارد التي سيتم تقديمها والتي تتجاوز قوات حفظ السلام؟ كما سبق أن أوضحنا فإن الأمن (غير العسكري) والعوامل الحكومية والاقتصادية والاجتماعية، ستكون من ضمن العناصر الرئيسية في الحل النهائي. بيد أنه يجب أن يكون معلوما أن هذه العوامل لا تأتي بدون مقابل أو مجانا... وإننا يجب عندما نقدم علي أي مشروع لحفظ السلام أن نفعل ذلك وعيوننا مفتوحة علي تكاليفه لأن عدم توفير التكاليف اللازمة قد يؤدي إلي الفشل ويؤدي بالتالي إلي تفاقم حالة عدم الاستقرار والأمن في المنطقة. فرانكلين دي. كرامر مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق لشئون الأمن الدولي عن "لوس أنجلوس تايمز"