كان من الصعب دائماً علي وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس المحافظة علي تماسك التحالف الهش المكون من القوي العالمية التي تحاول كبح جماح الطموحات النووية الإيرانية، وذلك قبل أن تأتي الحرب التي اندلعت بين إسرائيل ومقاتلي "حزب الله" في لبنان، كي تجعل هذه المهمة أصعب من ذي قبل. وعلي الرغم من أن رد إيران الرسمي علي "حزمة الجزر" أو بالأحري "الحوافز" التي قدمتها الولاياتالمتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، والصين، كإغراءات لها قد جاء في عدد كبير من الصفحات (21 صفحة)، فإن النقطة الرئيسية فيه، كانت هي أن قادة إيران لم يوافقوا علي تعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم التي كانت تمثل المطلب الرئيسي لدول التحالف. والسؤال الآن هو ما إذا كان يمكن للوزيرة رايس، التي عادت من إجازتها هذا الأسبوع، والتي قامت بدراسة الرد الإيراني، أن تحافظ علي تماسك التحالف بحيث يمكنه استخدام "حزمة العصي" ضد إيران. هذا الأمر لن يكون سهلاً، وهو ما يرجع جزئياً إلي أن مجلس الأمن الدولي، سيقوم بالتصويت علي حزمة العقوبات كما هو مفترض. وعلي الرغم من أن الأعضاء الدائمين في المجلس، هم فقط الذين يحق لهم التصويت، فإن هناك تخوفاً متزايداً في أوساط الدبلوماسيين الأوروبيين من أن يؤدي الغضب الشديد الذي تشعر به الدول الأصغر في المجلس بسبب الطريقة التي عالجت بها الولاياتالمتحدة والآن فرنسا الأزمة اللبنانية إلي توفير غطاء سياسي لكل من الصين وروسيا للتراجع عن فرض عقوبات قاسية ضد إيران. وعلي الرغم من أن فرنسا كانت مصممة مثلها في ذلك تماماً مثل الولاياتالمتحدة علي فرض عقوبات قاسية علي برنامج إيران النووي، فإن موقفها في الآونة الأخيرة قد جعل العديد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، تحاول أن تنأي بنفسها عن المساهمة ضمن قوة حفظ السلام في لبنان، وذلك عندما قامت فرنسا بعرض المساهمة ب200 جندي فقط في هذه القوة. وحول هذه النقطة أدلي دبلوماسي أوروبي اشترط عدم ذكر اسمه بحسب القواعد الدبلوماسية المألوفة بتصريح قال فيه: "إن الوضع في لبنان كان سبباً في إثارة الكثير من الشكوك وسوء النوايا التي أري أنها ستؤثر علي مهمة حفظ السلام في هذا البلد". كان إقناع تلك المجموعة بمعاقبة إيران عملاً صعباً دائماً. يرجع ذلك إلي حقيقة أن كلاً من روسيا والصين تمتلكان مصالح اقتصادية ضخمة في إيران، مما كان يدفعهما بالتالي إلي النفور من اتباع أداة العقوبات الخشنة. علاوة علي ذلك، فإن الغرب كان يجد نفسه مضطراً إلي توخي الحرص في الخطوات التي يتخذها في سياق معالجته لهذا الموضوع، لأن فرض العقوبات في المكان الذي يمكن فعلاً أن يؤذي إيران وهو قطاع الطاقة لديها، كان سيؤدي حتماً إلي رفع أسعار النفط العالمية المرتفعة الآن بالفعل، مما يلحق الضرر بالغرب نفسه في نهاية المطاف. كان هذا هو الطريق الصعب الذي وجدت "رايس" نفسها مضطرة للسير فيه حتي قبل أن تبدأ الأزمة اللبنانية. وعلي الرغم من أنه لم يعد هناك حديث بين القوي الكبري في العالم حول ضرب إيران عسكرياً، فإن الدبلوماسيين الأوروبيين بشكل خاص أعربوا عن مخاوفهم من تدهور الأوضاع بشكل سريع، إذا لم تنجح تلك العقوبات، خصوصاً عند الأخذ في الحسبان أن الولاياتالمتحدة قد جرَّت تلك القوي إلي ثلاث حروب في هذه المنطقة في العراق وأفغانستان ولبنان، وأنها لا تريد أن تنجرَّ إلي الحرب الرابعة ضد إيران. وكان مسئولون في إدارة بوش قد صرحوا بأن "رايس" تلقت تطمينات في شهر يونيو الماضي بأن روسيا ستقوم علي أقل تقدير بالتوقيع علي المرحلة الأولي من عقوبات خفيفة يفرضها مجلس الأمن إذا ما رفضت إيران تعليق نشاطها في تخصيب اليورانيوم. والاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أن تتضمن تلك العقوبات حظراً علي سفر المسئولين الإيرانيين إلي الخارج وقيوداً علي وارداتها من التقنيات المرتبطة بالمواد النووية. ويذكر أن المسئولين الأمريكيين قد حاولوا جاهدين إظهار التحالف بأنه موحد وعارضوا التلميحات التي تقول إنه يمكن أن يتقوض. وقال مسئول من إدارة بوش، رفض الإفصاح عن اسمه لأن طبيعة وظيفته تستدعي ذلك: "لا أعتقد أن هناك أية شكوك بخصوص صدور قرار بشأن فرض عقوبات علي إيران". بيد أن بعض الدبلوماسيين يقولون إن الأمر الذي لاشك فيه هو أن العقوبات المبدئية ستكون مخففة بدرجة تجعلها غير فعالة وإنْ كانوا قد تنبأوا في نفس الوقت بحدوث اضطرابات إذا ما قامت الولاياتالمتحدة بتحريض روسيا والصين علي استهداف قطاع الطاقة الإيراني. فعلي الرغم من أن إيران تجلس علي واحد من أكبر مستودعات النفط المعروفة في العالم، فإنها تستورد 40 في المائة من احتياجاتها من البنزين بسبب عدم امتلاكها العدد الكافي من مصافي تكرير النفط. علاوة علي ذلك تمتلك روسيا والصين استثمارات في قطاع النفط الإيراني، تدفعهما شأن بعض دول الاتحاد الأوروبي إلي التفكير أكثر من مرة قبل السماح بفرض عقوبات، تحول دون شرائها النفط الإيراني أو تحد من استثماراتها في ذلك القطاع. محررة الشئون الخارجية عن"نيويورك تايمز"