تمر الحياة السياسية في اسرائيل بأزمة ثقة لم تشهد مثيلا لها من قبل مع الانتقادات العنيفة الموجهة الي رئيس الوزراء بسبب اخفاقات الحرب الاخيرة في لبنان، والشبهات المحيطة برئيس الدولة في قضية اغتصاب واستقالة وزير العدل. ومصدر الاستياء الرئيسي هو شعور عام بان الحملة العسكرية في لبنان لم تنجح خلال 33 يوما من المعارك والقصف في تحقيق هدفها الرئيسي وهو اضعاف حزب الله بشكل ملموس واعادة تاكيد قوة اسرائيل الرادعة. وتشن الصحف الاسرائيلية حملات عنيفة علي المسؤلين الحكوميين وعلي راسهم رئيس الوزراء ايهود اولمرت، من دون ان توفر المسؤولين العسكريين. وكتبت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية الشعبية المقربة من الحكومة اجمالا، "آن الاوان لتحزموا حقائبكم"، مركزة هجومها علي اولمرت وعلي الرئيس الاسرائيلي موشي كاتساف ورئيس الاركان في الجيش الاسرائيلي دان حالوتس. وقالت "معاريف" ان علي حالوتس ان "يستقيل قبل ان يجبر علي ذلك"، مشيرة الي ان علي اولمرت ان "يعمد علي الفور الي توسيع حكومته والا فان حزبه كاديما سينهار"، وان "الاحري" بكاتساف "ان يرحل" فورا. ودعا معلق في صحيفة "هاآرتس" الليبرالية الشعب الي انتفاضة مدنية. وراي ان العزاء الوحيد يكمن في بروز حركة نقدية معارضة تشهد علي حيوية الديموقراطية الاسرائيلية، في اشارة الي طلب الجنود الاحتياطيين تشكيل لجنة تحقيق مزودة بصلاحيات موسعة من اجل البحث في اخفاقات الحرب. ولا يستبعد ان تنتهي ازمة الثقة الحالية بسقوط الحكومة او علي الاقل بادخال تعديلات عليها. ومن المفارقة ان 12 يوليو الذي سجل بداية النزاع العسكري بين حزب الله واسرائيل اثر أسر حزب الله جنديين اسرائيليين في الاراضي الاسرائيلية قرب الحدود مع لبنان، شهد ايضا توجيه اتهام الي رئيس الدولة موشيه كاتساف الذي يفترض ان يجسد السلطة المعنوية والاخلاقية، باغتصاب موظفة سابقة. في اليوم نفسه ايضا الذي اعلنت فيه اسرائيل شن عملية عسكرية واسعة علي لبنان، وجد الجنرال حالوتس الوقت لبيع اسهم يملكها قبل بدء النزاع الذي ادي الي تراجع في بورصة تل ابيب بنسبة 8%. وفي مساء ذلك اليوم، اقدم وزير العدل حاييم رامون علي تقبيل جندية، رغما عنها بحسب قولها، ما اضطره الي الاستقالة من منصبه في 20 اغسطس. من جانبه أكد الاستاذ في العلوم السياسية في جامعة القدس شلومو افينيري لوكالة فرانس برس ان "الازمة خطيرة الي درجة ان الحكومة محكومة بالسقوط خلال فترة معينة". وراي افينيري، المدير السابق لوزارة الخارجية الاسرائيلية، ان سبب الازمة لا يعود فقط الي الحصيلة غير الحاسمة للحرب في لبنان، انما يعكس "غياب الثقة بكل الطبقة السياسية التي يطالها الكثير من الفضائح وتتالف من قياديين سيئين يعينهم مسؤلون في الحزب". في المقابل، يدافع المحلل السياسي دنيس شاربيت عن استمرارية الحكومة "كونها لم تمارس السلطة الا لمدة اربعة اشهر" ولا يمكن تحميلها مسؤلية كل الاخطاء. وقال "هناك قسط من الغوغائية في الانتقادات من نوع كل السياسيين فاسدون، لا سيما عندما تصدر عن اشخاص دعموا الحرب في العمق، الا انهم مستاؤون من الثمن المترتب عليها، وكأنه في الامكان خوض حرب من دون ضحايا او اضرار". وذكر ان حركة الاعتراض غير مؤثرة، "ولو ان اليمين يستغلها، الا انها لا تمثل اي بديل سياسي".