هكذا يغني أحد مطربي مصر، والحمد لله الذي لم يستجب له! فلو أن الله استجاب له و(نولنا الشهادة هناك) لما بقي منا أحد ليكتب مثل هذا المقال أو ليقرأه. أما إن لم يكن يقصدنا جميعا بقوله: (نولنا) فكان عليه أن يحدد من يقصد؟! وكم يقصد؟! وهل يمكننا تحقيق النصر وقد نال الشهادة هذا العدد الذي يقصده؟! إن مثل هذه العبارة (نولنا الشهادة أو ارزقنا الشهادة) ما دعا بها قط عالم اسلامي، أو اعرابي يفهم دلالات الألفاظ، ولكن ما ورد عن السلف الصالح هو أنهم كانوا يدعون بالنصر للجيش وبالشهادة لأنفسهم فقط، ولم يدع أحد منهم قط بالشهادة بصيغة الجمع هذه. ويزيد الطين بلة قوله: (أوعدنا) والايعاد لا يكون إلا بالشر، بدلا من أن يقول: (عدنا) من الوعد؛ ولعله يشفع له في هذا الخطأ تجويز لغته العامية لذلك. ان هذه الاغنية إذا سمعها اليهود فرحوا بها وأمنوا عليها وتمنوا أن يستجيب الله لمطربنا دعاءه؛ فصدق الله العظيم "ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا" {الإسراء 11}. وإذا كان مطربنا هذا قد أخطأ هو وكاتب أغنيته تلك فلعل خطأهم يجد له شفيعاً من جهل باللغة وقلة علم بالتراث الاسلامي. ويزيد في بطلانه استخدام (أو) في دعائهم؛ لأنهم ان قصدوا بها (التخيير) خالفوا الشرع؛ لقوله صلي الله عليه وسلم : "إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن اللهم ان شئت فأعطني؛ فإنه لا مستكره له". رواه البخاري واللفظ له ومسلم في صحيحيهما وأحمد في المسند. ولا يشفع لهم قوله صلي الله عليه وسلم عقب بعض دعائه: "ان شاء الله"؛ لأن جملة "إن شاء الله" وإن كانت خبرية فمعناها طلبي؛ ومقصودها الرجاء لا التخيير الناشئ عن استعظام المطلوب علي الله تعالي، أو الاستغناء عن عطيته تعالي. وان قصدوا ب (أو) معني: (بل) كما في حديث النبي صلي الله عليه وسلم : "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد" متفق عليه. أي: بل أشد وقعوا في المحظور الأول وهو الدعاء علي جيش المسلمين لا له! غفر الله لنا ولعلمائنا مستوجبات بشريتنا من الزلل والخطأ والنسيان إنه حميد مجيد.