شهدت الساحة السينمائية، ومازالت، أزمة مكتومة طرفاها المخرج أحمد عاطف والمخرج خالد يوسف بعد إعلان كل واحد منهما نيته إخراج فيلم عن "سقوط الأندلس" في وقت متزامن. ووظف كل واحد منهما أسلحته للدعاية لمشروعه الخاص.. ولا مانع من تصفية الحسابات بين الصديقين اللدودين. خالد يوسف حدثنا عن مشروعه، والفكرة من طرحه في هذا التوقيت بما يعني أن الفيلم يحمل إسقاطا علي الواقع الراهن.. فقال: نحن كعرب نعيش تراجيديا الصمت المخجل، ولا يوجد مثيل لهذه اللحظة الراهنة في التاريخ بأكثر من لحظه سقوط الأندلس التي تكشف فداحة ما يعيشه الواقع العربي في الوقت الحاضر، ليس من قبيل تكثيف الواقع أكثر مما هو عليه الآن، وإنما لأنه يحمل أكثر من مغزي لحدث مر عليه ما يقرب من 700 سنة، ومازالت رسالته قائمة حتي يومنا هذا. هل تقصد المغزي السياسي الذي يرمي إليه الفيلم؟! هو مغزي فكري أكثر منه سياسي؛ فنحن نتكلم عن طرح فكري أصبح سيد العالم، وهذا الطرح لأول مرة تملكه قوة جبارة هي القوة الوحيدة المسيطرة علي العالم ألا وهي "أمريكا" التي تتكلم عن صراع الحضارات ومؤداه أن تقدم البشرية مرهون بوجود حضارات متخلفة كالحضارة العربية والصينية والهندية، لابد أن يتم سحقها لأن محتواها يضم مجموعة من القيم الرجعية والمتخلفة، ولابد من استبدالها بقيم الحضارة المدنية الغربية التي تدعو إليها أمريكا، وهذا هو الطرح الموجود الآن. وما الذي تريد توصيله من خلال عملك؟! أطرح رؤية مناقضة للسائد الآن حين أقول إن تقدم البشرية مرهون بتواصل هذه الحضارات مع بعضها، وأن حركة التاريخ أثبتت أنه لم تكن هناك حضارة اسمها الحضارة الإغريقية لولا وجود الحضارة الفرعونية وعندما جاءت الحضارة العربية، وأمدت البشرية بعلوم، ومعارف لم يكن لهذه الحضارة أن تستمد ثوابتها من الحضارة التي قبلها وهي الإغريقية، وعندما جاءت الحضارة الغربية السائدة حتي هذه اللحظة لم تكن هناك فكرة تسمي بالحضارة الغربية لولا أنها استمدت المنهج العلمي والمعارف والعلوم والأدب والفلسفة والطب من الحضارة العربية، لذلك فأنا أقول في فيلمي الجديد إن تقدم البشرية مرهون بتواصل هذه الحضارات، وليس بصراعها، وبالتالي فيلم "سقوط الأندلس" يتناول آخر نقطة احتكاك حقيقي حدثت ما بين الغرب والشرق، والشرارة التي حدث بعدها الانفصام الذي مازلنا نعيشه حتي هذه اللحظة، لأن تجسيد هذه الملحمة مفيد جدا في رأيي. منذ متي تولدت فكرة هذا العمل ؟! العمل في ذهني منذ عام 1994 عندما كنت أكتب فيلم "المصير" مع المخرج يوسف شاهين، لأن وقتها لم يكن يوسف شاهين قد قرر بعد عمل فيلمه عن ابن رشد، حيث كان ينوي عمل فيلم عن موسيقي "الفلامينكو"، وعندما قال لي ذلك استدعي عندي الحضارة العربية في الأندلس، فقلت له: عندنا حضارة 800 سنة عرب بالأندلس، فقال: ممكن نبحث في هذا الموضوع وظللنا عاما نبحث وقرأنا مجموعة من القصص والحكايات في التاريخ الأندلسي تصلح لأن تعبر عن "الفلامينكو"، وهذا أصل الفكرة للفيلم، فبحثنا من أول الفتح الأندلسي عن موسي بن نصير وطارق بن زياد حتي عبدالله ابن الأحمر "سور غرناطة"، مرورا بعبد الرحمن الداخل بحدوتة الولادة وابن زيدون، لكن المخرج يوسف شاهين أعجبه أكثر ابن رشد، خاصة عندما رفعت ضده قضية في فيلم "المهاجر"، وطالب المحامي في عريضة الدعوي بحرق النيجاتيف، فشعر أن هناك نقاط التماس بينه وبين ابن رشد الذي طالب الفقهاء بحرق كتبه، لذلك عملنا "ابن رشد"، وظلت فكرة عبدالله بن الأحمر وسقوط غرناطة بداخلي من ذلك الوقت وأبحث عن كل المراجع عما يدعمني لتقديمها. هل بدأت خطوات تنفيذ العمل؟! الخطوات التي اتخذتها تلخصت في البحث الذي استمر معي أكثر من 7 أو 8 سنوات، لكن الجزء الأكبر الذي كنت أبحث عنه هو البحث عن إجابة لسؤال: ماذا أريد أن أقول لو عملت هذا الفيلم؟ حتي استقررت علي الرؤية، وتشكلت الفكرة عام 2002 بشكل نهائي، كما تشكلت المعالجة الدرامية كلها، وكذلك مغزي الفيلم ورسالته وكتبتها، وتقدمت للرقابة بالمعالجة عام 2002 وحصلت علي موافقة عليها وبدأت أكتب السيناريو لكن ببطء. لماذا؟! لأن هذا العمل كان حلماً صعب المنال، حيث يتكلف تنفيذه حوالي 10 ملايين دولار، ولم يكن لدي أمل في تنفيذه، لذلك لم أتعجل كتابته علي أساس أن هناك احتمالا كبيرا ألا ينتج فتركت بالسيناريو ثغرات، لأنه لن يظهر للنور، وعملت التتابع وهيكل السيناريو، وبدأت أملأ بعض المشاهد، وأترك البعض الآخر دون حوار ولم أكمل السيناريو لآخره، وبدأت أعرض وأنا في طور الكتابة الفكرة علي أكثر من منتج حتي وفقني الله مع "روتانا" وشركة "الباتروس" ووافقوا علي الفكرة ووقعوا العقد معي، وعندما وجدت الموضوع أصبح قيد التنفيذ بدأت أكمل السيناريو. لكن تردد أن المخرج أحمد عاطف سيقوم بإخراج عمل عن الأندلس أيضا.. فما تعليقك علي ذلك؟! ليس لي علاقة بهذا الاسم، بل لي علاقة أن موضوع الأندلس 800 سنة حضارة يصح أن نعمل عنه مائة ألف فيلم وليس فيلماً أو اثنين، ومن يريد أن يعمل الأندلس فليتقدم، لأن الأندلس ليست ملكي أو ملك أحد آخر، بل بحث تاريخي يمتد من أول موسي بن نصير وطارق بن زياد حتي ابن الأحمر، وعليه أن يأخذ أي مرحلة ويعمل عليها. ماذا لو نفذ الفيلم الآخر عن نفس الفترة التي تتناولها ألا يضايقك ذلك؟! لو فرض أنه عايز يعمل فيلم عن سقوط الأندلس وهي نفس الفترة التي أريد العمل عليها، أعتقد أنه سيكون هناك رؤيتان مختلفتان، لأن كل مخرج له رؤية وليس من حق أحد أن يقول إنه سبقني في الفكرة وليس من حقي أن أقول إنني الأسبق، لأنها ليست سيرة ذاتية لوالدي أو والده. والفكرة ليست ملكا لأحد، فالحرب العالمية الثانية اتعمل عليها مئات الأفلام، وأنا حتي هذه اللحظة أعلنت ماذا سأفعل، وعن أي فترة تاريخة، ومن الممثلين المشاركين ورؤيتي والمنتجين، فأنا لا أعمل عملا سريا، لكن أري التصريحات الأخري مجرد تصريحات هلامية لا أفهمها سواء عن الجهات الأجنبية الممولة للفيلم، أو الفترة التاريخية غير المحددة فأي أندلس التي سيتحدث عنها الفيلم الآخر؟ أندلس القرن السابع أم القرن الخامس عشر وبصراحة كل هذا لا يعنيني وليس لدي مشكلة، بل المهم الرؤية وما سيقدمه، ورؤيتي يمكن أن ينحاز لها ناس، أو ينحاز لرؤيته الآخرون. هل صحيح أن عمر الشريف مرشح للعمل بالفيلم؟! هو ترشيح مؤكد لكنه لم يتعاقد بعد، بالإضافة لمرشحين آخرين هم: نور الشريف محمود حميدة شريف منير هشام سليم هاني سلامة أحمد عز أحمد السقا نبيلة عبيد يسرا، و80% منهم عرضت عليهم ملخص السيناريو وتقريبا به كل الأدوار والدراما ماشية إزاي، لكنني لم أعرض عليهم السيناريو النهائي، لأنه لم يكتمل حتي هذه اللحظة وكلهم رحبوا جدا، والمنتجون تكلموا معهم، واتفقوا مبدئيا ومنتظرون السيناريو النهائي لأعطيه لهم ليوقعوا العقود بشكل نهائي. لكن أحمد السقا معروض عليه العمل في الفيلم الآخر "فتح الأندلس"؟! إنها اختيارات طول الوقت نرشح فنانين، وممكن أحد يعتذر، وآخرون يأتون مكانهم والدنيا لن تقف علي أحد، والممثلون ممكن يعملوا هذا وذاك، ومن معه سيناريو وإمضاءات ينفذ العمل. ماذا عن فريق العمل هل ستتم الاستعانة بالأجانب؟! الاتفاق المبدئي حصل ما بين روتانا والباتروس علي أن يكون المصور أمريكياً وتكلموا بالفعل مع أكثر من مصور، وتكلموا مع شركة جرافيك من إنجلترا، وشركة متخصصة في المعارك، كما ستتم الاستعانة بخبير معارك ومصمم ملابس وكل هذه الأشياء تجهز الآن، بالإضافة للاستعانة بممثلين عرب من كل البلاد العربية مثل سوريا والمغرب والعراق ولبنان.