علي الرغم من أنهم مازالوا متحدين في الدفع باتجاه المواجهة مع إيران، إلا أنه يبدو أن تحالف الصقور الذي دفع القوات الأمريكية نحو بغداد قبل ثلاثة أعوام استنفد قواه أخيرا. وفي ضوء فقدانهم المعنويات بسبب الورطة في العراق، بالإضافة إلي التدني المستمر لمعدلات التأييد والمصداقية لجورج بوش، فإن تحالف القوميين العدوانيين والمحافظين الجدد واليمين المسيحي، الذي أيد المسار الإمبريالي الجديد المتعجرف في السياسة الخارجية الأمريكية، قد فقد ترابطه وقوته في التحكم بالأجندة السياسية في واشنطن. ونتيجة لذلك، فإن الواقعيين العاملين تحت قيادة كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية وفي القوات المسلحة قد تحكموا بسياسة الإدارة بانتظام، وداخل الحزب الجمهوري الذي يزداد عناده، يبدو أن القوي المصابة بإرهاب الأجانب أصبحت في ازدياد، كما أثبتت ذلك الصراعات الحديثة والمستمرة التي تحيط بالهجرة والإدارة الأجنبية للموانئ الأمريكية. ليس من الصعب العثور علي دليل علي تحول قاطع، بدءا من النسخة الأخيرة ل "استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة" التي نشرت أخيرا. إن النسخة الألطف من سابقتها النافثة للنار في 2002 والتي وضعت التبرير العقائدي لغزو العراق في مارس 2003، تضع تركيزا أكبر علي الدبلوماسية والتطور، مهمته بذلك بالتحالفات والأفكار الواقعية، حتي وإن استمرت في استخدام دفاع الإدارة عن العمليات العسكرية الاستباقية لدي التفكير بإيران. إن تجوال رايس المستمر بالإضافة إلي جولات مرءوسيها الاثنين، نائبها روبرت زوليك ومساعدها للشئون السياسية نيكولاس بيرنز لا تظهر فحسب الأولوية التي وضعتها الإدارة لكسب الحلفاء وحتي الدول التي تشك بحسن نية الولاياتالمتحدة، وهي تشير إلي أن وزارة الخارجية حصن الواقعية في السياسة الخارجية تعتبر أكثر ثقة بنفوذها داخل الإدارة. وبالفعل، فإن سرعة رايس الحثيثة تتباين بشكل واضح مع عادات سلفها كولن باول، الذي كان يخشي من أن غياب يومين أو ثلاثة عن مقر الوزارة من شأنه أن يوجد فراغا سياسيا سيملؤه علي الفور ديك تشيني نائب الرئيس ودونالد رامسفيلد رئيس البنتاجون، قائدا الصقور "العصبة"، كما أطلق عليهما الكولونيل لورنس ولكيرسون، رئيس هيئة الأركان السابق. وعلي نحو مشابه، بدا الضباط العسكريون الكبار أقل ترددا في معارضة نهج الحزب حيث قدموا تأكيدات حول غياب التقدم واحتمال نشوب حرب أهلية في العراق تعتبر أقل تفاؤلا بكثير من تأكيدات رئيسي العصبة. في الحقيقة أن الصقور امتنعوا عن تحديد التواريخ حتي أواخر 2003 عندما اتضح أن تشيني ورامسفيلد وتابعهما من المحافظين الجدد، نائب وزير الدفاع في حينه بول وولفويتز.. ومساعد الوزير للشئون السياسية دوجلاس فيث، قد فشلوا فشلا ذريعا في توقع التمرد السني الذي ازداد قوة يوما بعد يوم. وباستثناء الفترة الوجيزة منذ إعادة انتخاب بوش في نوفمبر 2004 وحتي بداية 2005 وهي الفترة التي كان الصقور يأملون بأن كلا من رحيل باول وخطاب التنصيب للرئيس المؤيد للديمقراطية أشار إلي ولادة جديدة لنفوذهم فإن الصقور قد فقدوا نفوذهم لصالح الواقعيين بقيادة رايس. كما أن لغة الخطابة الخاصة بالمحافظين الجدد، كخطاب الرئيس، قد غطت علي العودة إلي نهج بوش الأب الأكثر حذرا. إن العودة إلي الواقعية دعمت وبشكل كبير بسبب غياب لاعبين رئيسيين عن الإدارة خلال العام المنصرم، ومن بينهم وولفويتز وفيث، اللذان جعل غياب شعبيتهما لدي الجيش وبين المشرعين الجمهوريين جعل منهما كبش فداء متناسيا للإخفاق المتزايد في العراق