بطريقة أخري برزت كلينتون في مواجهة انتصارات أوباما. إنها لا شيء أن لم تكن مرنة. ولكن اوباما حقق مزية في جمع التبرعات. يتشارك كل من هيلاري كلينتون وباراك أوباما في مشكلة وهما يمضيان عميقا في موسم الانتخابات التمهيدية. فقد أطلقا وعودا للانسحاب من العراق غامضة أو غير واقعية أو أسوأ من ذلك. وعليهما الآن أن يصححا ذلك من أجل خير حملتيهما وخير البلاد. ويكرر المرشحان الديمقراطيان أخطاء أساسية ارتكبت في العراق من جانب الرئيس بوش. فهما يتجاهلان الدور المهم الذي يجب ان يلعبه العراقيون في تقرير مصير بلادهم اذا ما كان هناك أي استقرار خلال أو بعد الانسحاب الأمريكي. وساعدت الإثارة في هذه الحملة الاستثنائية هذين المرشحين الجذابين واللذين يتمتعان بمصداقية علي التنصل من مسئولية أن يكونا غامضين بشأن إنهاء التورط الأمريكي في العراق. ولكن الثلاثاء الكبير فتح مرحلة يتعين فيها علي الناخبين ووسائل الإعلام أن يطالبوا بالدقة والمنطق. وقد حقق أوباما حملة أفضل خلال سنة تعتبر فيها براعة العمل علي إنجاح المرشحين مهمة. غير ان الثلاثاء الكبير أظهر أن الشهرة المستندة الي التوقيت المناسب والبراعة ستمضي به حتي الآن. ويجب عليه أن يفوز عبر أفكاره وخططه الخاصة، وليس عبر تألق أوبرا وينفري أو تيدي كيندي. لقد أوصله الإلهام الي هنا، وعلي كونه واقعيا ومستقلا يعتمد تقدمه أو تراجعه. وبطريقة أخري برزت كلينتون في مواجهة انتصارات أوباما. إنها لا شيء أن لم تكن مرنة. ولكن اوباما حقق مزية في جمع التبرعات. ويتعين عليها الآن أن تحصل علي مزيد من التغطية الحرة لتقليص الفجوة المقبلة. والعراق هو المكان الذي يتعين أن يبدأ منه الاثنان. وشأن بوش فان أوباما وكلينتون يتظاهران بقدرتهما علي تطبيق حلول مناسبة لمشاكل ذلك البلد الممزق المعقدة. ولم تكن الحرب في العراق القضية الأولي المتفجرة التي توقعها كثيرون. ان تقلص الكوارث اليومية والخسائر الأمريكية في أعقاب "زيادة القوات" ساعد الاقتصاد الأمريكي علي أن يتقدم علي العراق باعتباره القضية الأولي. وعلي الرغم من ان النجاحات الأمريكية في مكافحة التمرد لم تؤد الي تحقيق تغير سياسي كبير في العراق، فإنها غيرت الوضع السياسي الأمريكي مؤقتا علي الأقل. فقد ابتعدت أغلبيات واضحة عن المرشحين الذين حثوا علي انسحاب مفاجئ وغير مشروط. وخمدت محاولات تشريع جدول للانسحاب وفرض عقوبات علي اخفاقات الحكومة العراقية. لم تكن محاولة أوباما لإسقاط مصداقية كلينتون بما يخص العراق حاسمة لأنه كان عليه أن يظهر أن الفرق في مواقعهما سيترتب عليه أسلوبان مختلفان في التعامل مع القوات المحاربة في العراق وإخراجها من هناك. نعم، وعد أوباما بسحب الوحدات المحاربة خلال ستة عشر شهرا بينما وعدت كلينتون بالبدء بسحبها خلال 60 يوما بعد تنصيبها. وكلاهما وعدا بترك عدد غير محدد من الجنود لتدريب العراقيين ومحاربة الإرهابيين، وفي حالة كلينتون للدفاع عن الأكراد وردع أي اعتداء إيراني. لكن لم يتعرض أي منهما للضغط كي يناقش كيف يمكن ترك القوات غير القتالية في العراق، خصوصا أنه بعد إخبار العراقيين أنهم غير جديرين بالعمل مع الولاياتالمتحدة لا يمكن تصور إبقاء أي وحدات لمطاردة عناصر القاعدة أو لحماية السفارة الأمريكية الكبيرة جدا في بغداد. أي إغراءات قدمها المرشحان الديمقراطيان لإبقاء التحالف قائما مع العراق بدلا من تحويل أي انسحاب أمريكي إلي جحيم. ظل كنيدي وغيره من القادة الديمقراطيين يشهرون بإدارة بوش لسعيها التفاوض مع الحكومة العراقية لإيجاد وضع قانون آخر يحل محل التفويض الذي منحته الأممالمتحدة للولايات المتحدة كي تبقي قواتها في العراق. وخطأ بوش هو أنه انتظر طويلا للاعتراف بأن العراقيين يريدون فرض حقوق السيادة داخل وطنهم. هو لم يسرع كي يقيد يدي أي رئيس ديمقراطي قد يصل عبر الانتخابات المقبلة. وهو يرد الآن علي الضغوط القادمة من العراقيين والأممالمتحدة التي ظل يتجاهلها في السابق. وجاء رفض بوش لإقامة حكومة عراقية مؤقتة بعد غزو العراق مباشرة لصالح تعيين حاكم أمريكي هو بول بريمر مع الاحتلال وهذا ما دفع بالسياسة الأمريكية كي تنحدر إلي قاع الكوارث. في الوقت نفسه تحرك المرشحون الجمهوريون باتجاه معاكس، حيث راحوا يركزون علي النجاحات التي حققتها الولاياتالمتحدة في الفترة الأخيرة، لكن هذه النجاحات لم تتحول بعد إلي أمر ثابت ونهائي. من المؤكد أن الديمقراطيين لن يكرروا الغلطة. فعليهم أن يرفضوا عادة بوش بتجاهل الحقائق والمسئوليات العراقية عن طريق الزعم بأن للولايات المتحدة وحدها القوة لفرض إرادتها لإنهاء النزاع.