تبدو الأمور وكأنها تتحرك لصالح النساء في العالم العربي. فالأصوات الواثقة، المطالبة بحقوقهن، أصبحت تأتي من الجهات الأكثر محافظة في مجتمعاتها ويتحدث بها الرجال المهمون والنساء المتنفذات، ممن يعتبرون صناعاً للرأي في العالم العربي. كان الذي عبر عن هذه الآراء في الصفحة الأولي من صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية المهمة يوم الأحد الماضي، هو الأمير طلال بن عبدالعزيز آل سعود، الذي يعتبر واحداً من أكبر أعضاء العائلة السعودية المالكة سناً. وقد قال الأمير طلال في تلك المقابلة أيضاً: "إن الوقت قد حان للاعتراف بالحقوق الكاملة للمرأة العربية سواء في العمل، أو الفكر، أو المشاركة التامة الفاعلة في المجتمع". ورد الأمير طلال لمراسل "الواشنطن بوست" أنطوني شديد عندما سُئل عن دوره قائلاً: "في اللحظة الحالية توجد لدينا مليونا طالبة في الجامعات، وسؤالي هو عندما يتخرجن فإلي أين سيذهبن؟... إما أن نقوم بإغلاق مدارس البنات ونتركهن فريسة للجهل، وإما أن نمنحهن الفرصة الملائمة للعمل". لو كان شخص آخر قال هذا الكلام، فإنه كان سيمضي كمجرد ملاحظة عابرة، أما عندما تأتي مثل هذه الكلمات من أحد أكبر أعضاء الأسرة السعودية المالكة، فإن المرء يجب في هذه الحالة أن يتوقف وينتبه جيداً لما يقوله. والأمير طلال ليس الوحيد في الموقف الذي عبر عنه ل"الواشنطن بوست"، وإنما هناك أصوات أخري مماثلة أصبحت ترتفع الآن في كل مكان من العالم العربي في شهري مارس وإبريل، ذكرتنا امرأتان عربيتان هما الدكتورة نوال السعداوي الطبيبة النفسية والمفكرة والأديبة المصرية المشهورة، والآنسة مها فهد الحجيلان، بالمكانة التي وصلت إليها المرأة العربية من خلال مقالتين نشرتا في مجلة مصرية يوم الثاني من إبريل 2006، وإحدي الصحف السعودية في التاسع عشر من مارس 2006. في مقالتها المنشورة تحت عنوان "الصورة النمطية للمرأة"، تذهب مها الحجيلان إلي أنه "لم يعد من الممكن معاملة المرأة العربية علي أنها كيان لا شخصية له، أو علي أنها تستمد مكانتها من مكانة الرجل الذي ترتبط به في حياتها". أما الدكتورة نوال السعداوي الناشطة المعروفة في مجال الحركة النسوية فإن مقالتها التي نشرتها في مجلة "أكتوبر" الأسبوعية المصرية، تعالج الموضوع علي نطاق أوسع... حيث تتناول القوانين المعيبة المتعلقة بحقوق المرأة ومكانتها في البلاد العربية، وهي القوانين التي تمنح الرجال معظم الحقوق ولا تترك للمرأة سوي مكانة ثانوية سواء كانت هذه المرأة أختاً أم ابنة أو أماً، وذلك باسم "التقاليد العربية"! ويركز الطرح الذي قدمته كل من نوال السعداوي ومها الحجيلان، من حيث الجوهر، علي أن نمط المرأة الخانعة لم يعد هو نمط المرأة الذي ينبغي أن يسود في عصرنا الحالي. تقول السعداوي في معرض تعليقها علي هذه النقطة: "إن القوانين في الدول العربية ما زالت تصر علي أن المرأة يجب عليها الالتزام بالقيم والأعراف، أي ذات الضوابط التي لا يأبه لها الزوج علي الإطلاق. فالأزواج الفاسقون، والرجال الذين يقومون بخطف، واغتصاب، وقتل المرأة يتلقون معاملة متساهلة، في حين أن المرأة -وهي ضحيتهم- يتم النظر إليها علي أنها هي المسئولة عن تلك الجرائم التي ترتكب ضدها". وتري الدكتور السعداوي أن الوقت قد حان لإحالة مثل تلك القوانين علي التقاعد، أما الآنسة الحجيلان فتتناول نقطة أخري مهمة تتعلق بالمرأة علي نطاق واسع حيث كتبت تقول: "وتبعاً للصورة الذهنية للمرأة المطيعة أو حتي المدللة، فإن هناك حدوداً معينة توضع المرأة داخلها وهي حدود تتعلق برغباتها الحسية". وفي إشارة إلي الوضعية القانونية للمرأة في مصر كتبت السعداوي تقول: "لقد حان الوقت لمراجعة القوانين التي تسهل للرجال ضرب النساء، والتي تؤدي إلي خلق توترات في العلاقة بينهم. إن العنف من جانب الرجل يقود إلي العنف من جانب المرأة، سواء كرد فعل أو دفاعاً عن النفس". ومثلهما في ذلك مثل معظم النساء العربيات، فإن نوال "السعداوي" و"الحجيلان" تريان أن تعدد الزوجات يفاقم من المشكلات التي يعاني منها العالم العربي اليوم. تقول السعداوي: "في الوقت الذي نشكو فيه من الأسر المفككة والأطفال المشردين، فإن قوانين الزواج تبيح للزوج تطليق زوجته دونما سبب علي الإطلاق، اللهم إلا رغبته في أن يفعل ذلك، كما تبيح له أن يتخذ زوجة ثانية لا لشيء سوي لإرضاء شهوته الذاتية". ومصر المزدحمة بالسكان من ضمن الحالات التي ينطبق عليها ذلك.