ان يؤكد بعض نواب مجلس الشعب تمديد قانون الطوارئ فهذا شأنهم أما ان يهنئوا وزير الداخلية ورئيس الوزراء لنجاحهما في فرض هذا التمديد ثم يصفقون طويلاً لهذا ويرفعون شعارات ترحب بمد اجل القوانين الاستثنائية التي يتضح من اسمها انها تفرض لمواجهة حالات واوضاع غير عادية فتلك مسألة يجب ان نتوقف امامها طويلا خاصة وان الدول الديمقراطية لا تلجأ الي الطوارئ الا في اضيق نطاق ولايتجاوز تطبيق مثل هذه القوانين عدة ايام او اسابيع ولايشمل كل مناطق الدولة ولم يحدث ان طبقت اية دولة ديمقراطية القوانين الاستثنائية لسنوات مثلما يحدث في بلادنا التي اصبح فيها الاستثناء هو القاعدة والقاعدة هي الاستثناء فقوانين الطوارئ صارت هي الاصل رغم انها لاتحقق مصلحة لا للحاكم ولا للمحكوم فهي تشوه صورة النظام الحاكم امام العالم وتجعل الشعوب ولاتستطيع ان تمارس حياتها بحرية اعتقد ان التصفيق والترحيب بمد الطوارئ هو ضد منطق الاشياء بل يخالف طبيعة الانسان وفطرته فالانسان يقدس الحرية ويرفض بل ويكره القيود والاغلال حتي لو كانت من ذهب وهذا امر بديهي لايحتاج الي دليل او برهان لكن الغريب ان يخالف اعضاء مجلس الشعب خاصة نواب حزب الاغلبية هذا كله وهم يمثلون شعبا يعرفون عنه مقدما رفضه للطوارئ لانه عاني في ظلها طويلا وهو ليس في حاجة الي معاناة جديدة تمتد الي مايو 2008. وفي المقابل فان استقبال النواب المستقلين ونواب المعارضة والاخوان لتمديد الطوارئ بأوشحة سوداء يجسد النبض الحقيقي للشارع المصري فتمديد الطوارئ امر يدعو الي الحزن، والسواد احدي علامات هذا الحزن اما ان نقابل الاحزان بالتصفيق والابتهاج فكأننا نغني في سرادق عزاء. واذا كانت الموافقة علي تمديد الطوارئ والتصفيق لها جاءت بحكم انتماء هؤلاء الاعضاء للحزب الوطني ورغبة حكومة هذا الحزب فلا اعرف كيف يستطيع هؤلاء الاعضاء المواءمة بين انتمائهم الحزبي وبين مطالب الجماهير التي صوتت لصالحهم في صناديق الانتخابات والتي لايستطيع عضو ان يدعي انها تؤيد الطوارئ واذا كانت الحكومة تفرض علي نواب الاغلبية ان يؤيدوا كل مايصدر عنها دونما اعتراض او تفكير او تمحيص فهذه كارثة لان اخطاء الحكومة سوف تنسحب علي هؤلاء النواب وتجعلهم يخسرون سمعتهم ومكانتهم عند الجماهير واعتقد ان مجرد التصفيق الحاد الذي تلقي به هؤلاء النواب تمديد الطوارئ قد افقدهم الكثير عند العامة والخاصة. وعلي ذلك لم يكن غريبا ان يطالب بعض المهمومين بقضايا هذا البلد باعداد قائمة سوداء تضم اسماء النواب المؤيدين لقانون الطوارئ ونشرها علي جموع الشعب وممارسة ضغط شعبي عليهم بارسال برقيات ورسائل تحثهم علي رفض مد العمل بقانون الطوارئ ومقاومته واري عدم الاكتفاء بتلك القائمة السوداء بل يجب أن تندرج الأسماء التي تؤيد الطوارئ وتكبيل الحريات ضمن قائمة اعداء الشعب الذين خانوا تعهداتهم وتنكروا لما قطعوه علي انفسهم اثناء حملاتهم الانتخابية. واعتقد ان الاتهام المتسرع الذي يفتقد الدليل من د. حمدي حسن النائب الاخواني لنواب الحزب الوطني بأنهم تلقوا رشاوي من الحكومة تتراوح بين 25 و40 الف جنيه كمصروفات انتخابية للعضو الواحد حتي يوافقوا علي تمديد الطوارئ يجسد حالة الغضب والضيق بتمديد الطوارئ في اوساط المفكرين والسياسيين ورجال الاحزاب ونشطاء حقوق الانسان وفي اوساط الشعب المصري بأكمله واذا كان د. حمدي قد سارع بتقديم اعتذار عن هذا الاتهام فانني اري ان الرشوة اخف بكثير من تلك الجريمة التي ارتكبها من صفقوا لقوانين تقيد حرية الشعب وتفرض الوصاية عليه وتري انه غير مؤهل للحرية والديمقراطية ولايستحق ان يحاكم امام قاضيه الطبيعي بعيدا عن القوانين الاستثنائية والاحكام العرفية.