النص في المادة 16 من الدستور علي أن (السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم علي اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون). وبذلك تكون المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة المنازعات أيا كان نوعها وأيا كان أطرافها ما لم يسند نص في الدستور أو القانون إلي جهة أخري ولاية الفصل فيها. لما كان نص المادة 68/1 من الدستور قد جري علي أن (التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي) فإن مؤدي ذلك أن لكل مواطن الحق في التقاضي وفي أن يلوذ بقاضيه الطبيعي مطالبا بحقه وإذ كان الدستور قد حظر في فقرته الثانية من المادة 68 المشار إليها من النص في القوانين علي تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء فإن مفهوم ذلك ومن باب أولي ألا يحصن أي فرد أو جهة أو حزب سياسي عمله من هذه الرقابة لأن الدستور هو الذي كفل حق اللجوء إلي القاضي. وإذا كان قانون نظام الأحزاب السياسية الصادر برقم 40 لسنة 1977 قد كفل في مادته الأولي للمصريين عامة حق تكوين هذه الاحزاب والانتماء إليها واوجب في مادته الخامسة أن يشمل النظام الداخلي القواعد التي تنظم كل شئونه بما فيها شروط العضوية فيه وقواعد وإجراءات الانضمام إليه والفصل من عضويته والانسحاب منه وكان حق اللجوء إلي التقاضي حقا مكفولا بمقتضي الدستور علي النحو سالف البيان، فإنه لا يقبل من رئيس الحزب بصفته التحدي بتحصين أعماله ونظامه الداخلي من رقابة القضاء وحرمان أعضائه من الاستظلال بسيادة القانون التي هي أساس الحكم في الدولة طبقا للمادة 64 من الدستور، ومن ثم يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة الرقابة علي تطبيق أحكام النظام الداخلي للحزب تطبيقا صحيحا إذا ما لجأ ذوو الشأن ملتمسين لديها الحكم علي مدي التزام الحزب بأحكام نظامه الداخلي الذي وضعه والتعويض عن مخالفته إن كان له مقتضي. إن الأحزاب السياسية وعلي ضوء أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 هي جماعات منظمة تقوم علي مبادئ وأهداف مشتركة لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وتعمل باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية علي تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسيا والحزب هو الذي يضع نظامه الداخلي والذي يتضمن ما يحويه من شروط وقواعد وإجراءات الانضمام إليه والفصل من عضوية والانسحاب منه مما مفاده أن طبيعة الحزب ومجال عمله وأهدافه المشتركة تحتم توافر الترابط والتفاهم والتآلف بين أعضائه مما يتعارض معه إلزام الحزب بقبول عضوية وأن الحزب إذا ما قام بفصل عضو لما ارتآه من ارتكابه مخالفات في حق الحزب تنال من وحدته وأهدافه المشتركة فإن القضاء لا يملك الزامه باستمرار عضوية ذلك العضو وإن كان هذا لا يمنعه من اعمال رقابته للتحقق من اتباع الحزب للاجراءات التي ارتضاها في نظامه الداخلي والتعويض عن الضرر الذي قد يتحقق من جراء المخالفة إن كان لذلك وجه.