أعلن خبراء غربيون متخصصون في المجال النووي أن إيران مازالت تفتقد المهارات والمعدات اللازمة للاستفادة من طموحاتها النووية وبلورتها علي أرض الواقع، وذلك رغم تأكيد المسئولين الإيرانيين مواصلة بلادهم تحدي الضغوط الدولية، والإسراع إلي تطوير قدراتها التقنية والعلمية لتخصيب المزيد من اليورانيوم وإنتاج الوقود النووي. وفي هذا السياق صرح محمد ساعدي، نائب مدير الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية، بأن بلاده ستبذل قصاري جهدها في المقبل من الأيام لتشغيل 54 ألف جهاز طرد مركزي.ومع ذلك وصف الخبراء في المجال النووي التصريحات الإيرانية بأنها مبالغ فيها، وبأنه لم يطرأ أي جديد يغير من التقديرات السابقة حول التوقيت الذي ستصبح فيه إيران قادرة علي تصنيع سلاحها النووي الأول، مع افتراضنا أن ذلك هو هدفها النهائي. فقد توقعت الحكومة الأمريكية أن إيران ستمتلك السلاح النووي في غضون خمس إلي عشر سنوات، كما أكد الخبراء أن إيران ستصل إلي قنبلتها الأولي في نهاية 2020 علي الأكثر. إلي ذلك يؤكد الخبراء أن تباهي إيران بتخصيبها لليورانيوم اعتماداً علي 164 جهازاً للطرد المركزي يعد خطوة صغيرة، لكنها أساسية تفوق ما كانت طهران مستعدة للقيام به قبل ثلاث سنوات تقريباً، عندما وافقت علي تعليق عملية التخصيب والدخول في مفاوضات مع الدول الأوروبية حول برنامجها النووي. "ديفيد أولبرايت"، مدير معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن والمتابع للبرنامج النووي الإيراني أكد في حديث له أن "طهران تبالغ كثيرا". وقد أكد هذا الطرح كل من "أنتوني كوردسمان" و"خالد الردحان"، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، اللذين وصفا المزاعم الإيرانية بأنها "ليست أكثر من محاولة للتموضع السياسي" ترمي إلي تعزيز المشاعر القومية الإيرانية وتكريس الانطباع بأن مساعيها النووية دخلت مرحلة الحتمية ويستحيل ردها إلي المربع الأول. وضمن تقريره الصادر في شهر مارس الماضي، أشار "أولبرايت" إلي أن لدي إيران ما بين ألف إلي ألفي قطعة غيار خاصة بأجهزة الطرد المركزي، وأكد أنه من غير المرجح أن تتمكن طهران من إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب الذي يمكنها من تصنيع سلاح نووي مطلع عام 2009. ويري "أولبرايت" أيضاً أنه لم يفاجأ بأن إيران لديها 164 جهازاً للطرد المركزي وأن تشغيل هذه الأجهزة بدأ بالفعل، لإنتاج غاز اليورانيوم الذي يستخدم في عمليات التخصيب، لكن لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يتعين علي الإيرانيين فعلها، للتأكد من دقة عملية التشغيل، وهو أمر يحتاج التحقق منه ما بين ستة إلي 12 شهراً. ويقول الخبراء في المجال النووي إن عزم إيران علي تشغيل 54 ألف جهاز طرد مركزي لتخصيب كميات أكبر من اليورانيوم لا يعدو كونه ضرباً من التباهي يشبه ذلك الذي أطلقته قبل سنوات. وهو مازال بعيداً، حسب رأيهم، نظراً لافتقاد الجمهورية الإسلامية لقطع الغيار والمعدات الأساسية لتشغيل عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي التي تعمل علي تدوير اليورانيوم بالسرعة الكافية لتخصيبه واستعماله إما في المفاعلات النووية، أو لتصنيع القنبلة النووية. فقد استغرقت طهران 21 سنة من التخطيط الدءوب والمستمر وسبع سنوات من التجارب المتوالية، معظمها كان يجري بطريقة سرية، حتي تصل إلي قدرتها الحالية المتمثلة في ربط 164 جهاز طرد مركزياً. وحسب الخبراء يتعين علي طهران في هذه المرحلة ليس فقط الوصول إلي نتائج ثابتة علي مدار الساعة ولشهور وسنوات قادمة، بل يتعين عليها الوصول أيضاً إلي مزيد من الدقة والإنتاج بكميات كبيرة. والأمر يشبه إتقان إيران العزف علي آلة موسيقية صعبة، لكن المطلوب هو صناعة العديد منها وتنظيمها في أوركسترا تعزف بشكل متواصل ودون نشاز. وتخشي العديد من الأطراف الدولية من أن يؤدي فرض العقوبات علي إيران إلي إلحاق الضرر بالصناعة النفطية للجمهورية الإسلامية، وتعطيل الاستثمارات ما قد يحرم الأسواق المتعطشة للوقود إلي المزيد من براميل النفط. ويأتي الموقف الروسي المعارض للعقوبات ليسلط الضوء علي العقبات التي تواجهها واشنطن لحمل طهران علي وقف أنشطتها النووية. وفي هذا السياق صرح مساعد بارز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن أية مساعٍ لفرض العقوبات علي إيران سيكون لها مفعول عكسي إذ "سيعمد الرئيس الإيراني الحالي إلي توظيف العقوبات لصالحه وحشد التأييد الشعبي لسياساته". لكن الولاياتالمتحدة تري أنه يجب علي الأقل فرض قيود مالية علي المسئولين الإيرانيين وتقييد حركتهم، لذا تدعو الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلي الموافقة علي هذا الاقتراح معتبرة أن الموقف الروسي أساسي لتطبيق تلك القيود.