حول الطلاق في المسيحية بين نصوص الانجيل وموقف الكنيسة ونصوص القوانين ونتائج ذلك علي ارض الواقع من جانب اخر تأتي الدراسة التي اعدها الدكتور القس اكرام لمعي والمحامية عزة سليمان مدير مركز قضايا المرأة المصرية وقد خلصت الدراسة الي ضرورة تطويع النص الديني ليتوافق مع الظرف التاريخي والتطور الحادث في المجتمع لافتة الي ان السيد المسيح وضع مبادئ عامة ولم يحدد نصوص تشريعات وان كان يهدف في الاساس الي سعادة الناس وليس شقاءهم. تقول الدراسة بما ان الزواج في المسيحية هو بين رجل واحد وامرأة واحدة مدي الحياة في اطار الحب والاخلاص والشراكة والكل يعتبر ذلك مشيئة الله، فلذلك تعارض المسيحية الطلاق عندما سأل في ذلك "من طلق امرأته الا بسبب الزني وتزوج بأخري يزني، والذي يتزوج بمطلقة يزني"، وتشير الدراسة الي ضرورة ادراك بعض الامور في هذا الوضع اولا ان السيد المسيح لم يأت بتشريعات ولكن بمبادئ عامة تترجم بعد ذلك الي تشريعات تختلف باختلاف المكان والزمان وحديث السيد المسيح في الطلاق جاء علي الصورة النموذجية لكن عند التطبيق يصطدم هذا الشكل النموذجي مع الواقع المعاش، واذا كانت حياة الزوجين تفتقر الي المبادئ السامية التي ذكرها السيد المسيح فان حرفية القانون لن تكون عائقا امامهما خاصة ان هناك ازواجا او زوجات اعترفوا بالزني ليحصلوا علي الطلاق او التخلص من حياة كلها مشاكل، وهذا يؤكد ان النظرة الناموسية الحرفية لا يمكن ان تحل مشكلات الزواج ذلك لان الحياة الزوجية ليست مجرد تعاقد قانوني لكنها اتحاد شخصين ولا يمكن علاج المشكلات الانسانية الشخصية بالتشريع الجامد بل ان العلاج يستلزم نظرة شخصية وتقديرا للظروف. وتدلل الدراسة علي وجهة نظرها بالقول انه يمكن ان يقع شخص في خطيئة الزني ويسمح له القانون بالطلاق ثم يعيش بعد ذلك حياة رائعة وهناك شخص اخر لا يرتكب الزني ويعيش حياة تعيسة مليئة بالقسوة والعنف ولا يحكم له بالتطليق مما يؤكد ان القانون المعمول به لا يعالج مشاكل الزواج والطلاق لان تحويل المبادئ الاخلاقية والروحية الي قوانين غير جائز. وتؤكد الدراسة انه علي الكنيسة ان تضع المبدأ الاخلاقي في كفة والضعف البشري في الكفة الأخري، وعلي الكنيسة ان تدرك انها ليست هيئة تشريعية، وتخطئ الكنيسة خطأ فادحا اذا اعتبرت نفسها كذلك، فدور الكنيسة هنا يجب ان يكون تعليميا عن الجنس والزواج والعلاقات العائلية الصحيحة وعليها ان ترعي الأسرة في مختلف ظروفها رعاية روحية كاملة. اما التشريع المدني فليس من اختصاص الكنيسة، وان كان يأخذ روحه من المبادئ المسيحية والكتاب المقدس، لذلك فواضعو القوانين يستنيرون بالمثالية في الكتاب المقدس مع ضرورة مراعاة الضعف البشري وان يكفلوا الوسائل الجادة والملتزمة لمحاولة اصلاح العلاقات في جو الاسرة قبل ان يسمحوا بالطلاق لكن لو لم يوجد طريق للخلاص من الجحيم بعد استخدام كل الوسائل الممكنة مثل اللجوء الي الطبيب البشري او النفسي او الرعاية كان الطلاق هو الحل لانه اهون الشرين، كما ان الطلاق في هذه الحالة هو رحمة وشفقة من الكنيسة علي ضحايا البيوت المنقسمة، فلا يجب ان تزيدهم شقاء وضلالا ولا تغلق امامهم باب الحياة النظيفة بمنعهم عن الزواج بعد الطلاق، بل عليها ان تمارس معهم النصح والرعاية مع الغفران. وتشير الدراسة الي اعتماد الطوائف المسيحية في مصر قانون الاحوال الشخصية عام 1978 وفيه ينص علي الغاء لائحة 1938، 1955 وعدم التطليق الا لعلة الزني مما يضيق الخناق علي الزوجين بشكل لم يسبق له مثيل، فمع انفتاح العالم واعطاء الفرد حريته وخاصة المرأة، بل والنظر للانسان علي انه قادر علي اتخاذ قراره وتحمل مسئوليته نجد الكنيسة في مصر تضغط علي الزوجين بطريقة لا تقدر فيها الضعف الانساني والمفروض ان تكون مسئولية الكنيسة ان تعلن علي الملأ ان الطلاق لا يتم الا لعلة الزني كوصية من الله، وان المطلق او المطلقة لا يتزوج لكن ان قبل الزوج او الزوجة ان يكسر هذه الوصية او تلك فمسئوليته تكون امام الله، وتكون الكنيسة قد انهت مهمتها بالتعليم فالزوج والزوجة ليسا طفلين علينا تأديبهما انما علينا وضع الامور امامهما وعليهما تحمل مسئولية اختيارهما امام الله خاصة ان هناك حالات عنف شديد يتم في اطار الزواج بحجة ان المسيحية لا تبيح الطلاق، وهنا تجد الزوجة نفسها مضطرة لتحمل ما هو فوق طاقة البشر، سواء لانه لا يوجد تطليق وإذا تم التطليق فلا يوجد تصريح للزواج الثاني من الكنيسة او لانه محرم ومكروه لان الكنيسة تنظر الي المطلقين والي الذين يريدون الزواج ثانية نظرة دونية مما يدفع الكثيرين اما الي التحايل علي القانون وتغيير الملة صوريا بمبالغ طائلة للحصول علي الطلاق لانه عند تغيير الملة تطبق الشريعة الاسلامية فيتم الطلاق او يضطر احد الطرفين لتغيير ديانته.