حين تقرأ سيرة بعض سيدات القصور الحاكمة - ملكية أو جمهورية - عبر مختلف العصور والأزمان.. ومدي الدور السلبي الذي لعبه هؤلاء في إفساد الحكم.. بدءاً من شجرة الدر في مصر وانتهاء بليلي الطرابلسي في تونس .. لابد وأن ترفع القبعة احتراماً للسيدة الجليلة تحية عبدالناصر التي تمر هذه الأيام الذكري العشرون لوفاتها. اقرأوا معي ماذا كتب المؤرخون في صفحات دونوها لبعض هؤلاء النسوة مثل اميلدا ماركوس زوجة الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الذي قامت ثورة عارمة في البلاد تم علي أثرها نفيه إلي جزيرة هاواي بعد أن حكم البلاد بطريقة استبدادية اتسمت بفساد الحاشية.. خاصة زوجته إميلدا التي عثروا علي ثلاثة آلاف زوج من الأحذية كانت تقتنيها لنفسها.. بينما نصف الشعب الفلبيني كان يعاني من الحفاء. بينما عمل نصف النساء في خدمة البيوت بدول الخليج أو في بيوت الدعارة عبر مدن العالم المختلفة. كانت إميلدا هي الممثل الشخصي لزوجها الرئيس الفلبيني التي يرسلها.. علي رأس وفد وزاري.. لمقابلة رؤساء العالم وزعمائه للتفاوض معهم في العلاقات الثنائية. اقرأوا معي ماذا كتب المؤرخون وما دونوه في الصفحات الخاصة بألينا زوجة الرئيس الروماني المخلوع نيكولاي تشاوتشكو.. الذي بدأ حياته مجرد صبي جزمجي قبل أن يلتحق بالحزب الشيوعي الروماني ليصل عن طريقه إلي خمسة قصور رئاسية.. وألف غرفة وثلاثة قطارات رئاسية أقرب ما تكون إلي القصور المتنقلة وتسع طائرات مخصصة له ولعائلته.. وانتهي به الأمر بالإعدام رمياً بالرصاص قبل أن يهرب في سيارة مسروقة إلي المجر المجاورة.. حتي لا تطاله أيدي الغاضبين من شعبه. اقرأوا معي قصة ويني مانديلا زوجة المناضل الإفريقي العظيم نيلسون مانديلا التي كانت زعيمة المرأة في حزب المؤتمر وانتهي بها الأمر إلي السجن بتهمة القتل والسرقة بل و.الخيانة الزوجية. فقد اتهمها مانديلا بعلاقة غير شرعية مع محاميه أثناء فترة سجنه التي دامت أكثر من سبعة وعشرين عاماً. وإذا كان هذا ما كتبه المؤرخون عن زوجة مناضل إفريقي عنيد فاقرأوا ما كتبوه عن زوجة مناضل عربي آخر هو ياسر عرفات.. الذي تزوج في أخريات حياته من سهي الطويل.. التي عرفت إعلاميا بالسيدة سهي عرفات.. وهي فتاة مسيحية كانت تعمل مترجمة في المكتب الرئاسي الفلسطيني.. قالت بعد الزواج إنها تقبل .. بل وتفخر.. بأن تكون الزوجة الثانية لعرفات بعد القضية الفلسطينية.. التي كان الزعيم الفلسطيني يقول لمن يطالبه بالزواج إنه متزوج فعلاً.. من القضية.! وبعد وفاة عرفات أكثرت وكالات الأنباء والتقارير الصحفية الحديث عن الثروة التي تمتلكها المناضلة زوجة المناضل والتي قدرت بنحو ثلاثين مليون دولار بينما بلغت ثروة خالها جورج حوا ما يقرب من خمسة ملايين دولار!. عاشت السيدة سهي في تونس وقررت استثمار أموالها باسم .زهوة. عرفات.. ابنة المناضل والرئيس الراحل.. ويتردد الآن أن بلحسن شقيق ليلي الطرابلسي سيدة تونس الأولي قد استولي علي ثروة عرفات.. وسحب من ارملته جواز سفرها التونسي وطردها لتعيش في مالطة مع ابنتها. هكذا تتعدد الأخبار والروايات عن زوجات الرؤساء والمناضلين وثرواتهم الضخمة.. وفسادهم الأكثر فزعاً.. ولكنهم حين يأتون أمام السيدة تحية عبدالناصر.. فلا يجدون غير صورة لسيدة .ست بيت. مصرية كانت تقوم بتربية الطيور في عشة بفناء البيت البسيط الذي كانت تعيش فيه مع زوجها.. جمال عبدالناصر. كانت تحية تطبخ لأولادها بنفسها.. ولم يكن عبدالناصر يأكل إلا من يدها.. وكان يحب .البصارة. التي تتفنن تحية في عملها للأسرة كل يوم أربعاء. كانت تحية تذهب إلي مولد السيد البدوي كل عام.. دون تنكر.. لأن أحداً لم يكن يعرف صورتها فتقوم بالصلاة في الجامع الذي يتوسط مدينة طنطا التي شهدت مولدها.. ثم تقوم بعد ذلك بشراء الحمص والحلوي لأولادها.. حتي لا تخرج من المولد بلا حمص.. ولكنها قد خرجت بالفعل من مولد سيدات القصور الرئاسية بلا حمص!.