كلام في الهوا.. الشعوب قادمة كلنا قرأنا أبيات الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي التي تقول اذا الشعب يوما أراد الحياة.... فلابد أن يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي .... و لابد للقيد أن ينكسر وكثيرون منا رددها و في داخله يعتقد بصعوبة ميلاد الأرادة التي تتبعها استجابة القدر و مرت سنوات طويلة تحولت خلالها الحياة السياسية في كثير من الدول العربية الي مياه راكدة عفنة لا تتحرك , بعد أن أحاط أصحاب المصالح بالحكام و عزلوهم بعيدا عن مطالب الشعب و انتشر الفساد و الفقر و البطالة و الاحباط و الظلم و تصور الحكام أن الشعوب ليست الا جماعات من فاقدي الاهلية اللذين لا يستطيعون ادراك مصالح الوطن و عصابات من المجرمين لا يصلح للتعامل معهم الا الدوائر الأمنية بدرجاتها المختلفة و حتي المعارضة في كثير من الحالات تحولت الي معارضة مستأنسة تصرخ في بعض المحافل و تؤيد في معظم المواقف و فجأة انتبه هؤلاء الحكام اللذين استرخو فوق مقاعد الحكم الوثيرة علي زلزال أسقط مقعد أحد زملاؤهم في مدرسة الحكم الديكتاتوري و أدي سقوطه الي اهتزاز مقاعدهم و ارتباك دوائرهم الأمنية خاصة و أن تونس ليست الدولة الأسوأ بين الدول العربية بل علي العكس فقد حققت تونس تقدما في بعض الجوانب الاقتصادية و الثقافية و التعليمية قد لا ترقي اليها كثير من الدول العربية لقد حققت تونس خلال سنوات حكم بن علي تقدما غير قليل وصل بمتوسط دخل الفرد في تونس الي 2976دولار سنويا الا أن البطالة و اشعال الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار في نفسه ، بعد أن رفض مسؤول محلي تركه يبيع الخضر في أحد الميادين كان القنبلة التي فجرت ملفات الحريات و حقوق الانسان و الفساد وهي الملفات التي اشتعلت تحت السطح لتزلزل عرش الرئيس و بدأت العدوي تنتشر في دول عربية أخري فأحرق الشاب الجزائري محسن بوطرفيف (27 عاما) نفسه بعد أن تعرض لرد سلبي من رئيس البلدية الذي أجابه بعدم توفر وظائف، داعيا إياه إلي اتباع طريقة البوعزيزي في تونس و خرجت مظاهرات في الجزائر للتضامن مع الشاب الجزائري مضيفة اليه الغلاء و البطالة رغم أن متوسط دخل الفرد في الجزائر يصل الي 3976 دولاراً . وانتقلت العدوي الي الأردن و خرجت المظاهرات تندد بالغلاء رغم أن متوسط دخل الفرد في الأردن يصل الي 2342دولاراً (و لكي نعرف قيمة هذه الأرقام بين الدول الأخري علينا أن نعرف أن متوسط دخل الفرد في مصر لا يزيد عن 1759 دولاراً) المهم أن البطالة كانت القنبلة التي تفجرت في وجه الرئيس التونسي و فجرت معها قنابل الغلاء و الفساد و كبت الحريات و عسكرة السلطة و رحل الرئيس التونسي عن تونس و لم يتمسك بالاستمرار لكنه أيقن أن رحيله حتمي و سلم لقدره الذي دفع بنفسه اليه عندما تجاهل ارادة الشعب و مطالبه و قيد الحريات و تجاهل ملف التعذيب و حقوق الانسان و المحسوبية والفساد الامر الذي يدق أجراس الخطر ليوقظ كثيراً من الحكام ليقدموا الحريات و الحقوق لشعوبهم قبل أن تنتزعها الشعوب منهم و ترغمهم علي التنازل عن الحكم و مغادرة البلاد التي قد تسقط أسيرة للفوضي و العنف أرجو أن يأخذ الحزب الوطني و تأخذ الحكومة في مصر ما حدث في تونس مأخذ الجد و يعيد المسئولون حساباتهم و يقتربون أكثر من مطالب الشعب خاصة و نحن نعاني نسبة بطالة تصل الي 9% من قوة العمل بالاضافة الي ارتفاع الأسعار و زيادة نسبة الفقر و زيادة نسبة العنوسة التي تعود في أساسها الي أزمة الاسكان بعد أن تركت الدولة الأراضي لشركات القطاع الخاص لترتفع بثمن الشقة منخفضة التكاليف من 40 ألف جنيه عند وزارة الاسكان الي 100 ألف جنيه عند القطاع الخاص أرجو أن نعيد النظر في احتياجات الوطن و المواطنين قبل أن تحدث حالة من الفوضي تخسر فيها مصر قبل أن يخسر المسئولون .