لم تكن المرة الوحيدة حين صرح ابراهيم موكيبي السفير الأوغندي لدي تنزانيا قبل أيام بأن مصر سوف تشن حربا علي بلاده أو غيرها من دول حوض النيل بزعم محاولة السيطرة علي مياه نهرها، قبل أن يتوهم موكيبي -سفير سابق لبلاده لدي القاهرة- في اجتماع مغلق بزملائه بمنتجع سيرينا علي بحيرة فيكتوريا أشارت اليه صحيفة الاوبزرفر الاوغندية مطلع الشهر الحالي أن دافعا آخر وراء الحرب العسكرية المصرية علي دول حوض النيل، وهي رغبة القاهرة في منع جنوب السودان من الانفصال!! أقول لم تكن المرة الوحيدة، فقد سبقه رئيس الوزراء الأثيوبي ميليس زيناوي حين نقلت وكالة رويترز عنه في نوفمبر الماضي قوله بأنه لا يخشي ما وصفه بغزو المصريين أثيوبيا فجأة، قبل أن يضيف متوعدا: لم يعش أحد ممن جاءوا ذلك قبل ليحكي نتيجة فعلته ولا أعتقد أن المصريين سيختلفون عمن سبقهم واعتقد أنهم يعلمون ذلك، بل واتهم زيناوي القاهرة بمحاولة زعزعة الاستقرار في بلاده، زاعما دعمها جماعات متمردة صغيرة ضد النظام الحاكم في أثيوبيا مهددا بعد أن ركب حصان خياله المريض بأن مصر لا يمكنها أن تكسب حربا ضد أثيوبيا علي مياه النيل! هراء وكذب وتضليل للرأي العام الافريقي، يتقيأه بين حين وآخر مسئولون ببعض دول حوض النيل منذ رفض القاهرة اتفاق عنتيبي والذي وقعت عليه أوغندا وأثيوبيا ورواندا وتنزانيا، فيما وافقت كل من كينيا وبوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بعد أن أطلق الموقعون عليه الاطار التعاوني لنهر النيل بهدف اعادة تقسيم مياه النيل بالمخالفة لما أقرته القوانين السابقة منذ عام 1959!! التصريحات الشاذة لبعض الدبلوماسيين والسياسيين الافارقة لا شك أنها تغضب مصرلأكثر من سبب، أولها انها تؤلب -معنويا- شعوب القارة السوداء غبنا علي القرار المصري، رغم أن القاهرة تعمل جاهدة علي دعم التنمية فيها، ثانيها : أن الدولة المصرية تتخذ من سياسة الحوار والتفاوض منهجا لها دون سواه من سبل الحل حرصا علي عدم زيادة الشرخ الافريقي في علاقة دول الحوض ببعضها، وبخاصة بعد عنتيبي وكذلك بعد تصريحات زيناوي وموكيبي، ومردودهما السلبي علي شعبي البلدين تجاه القاهرة، الامر الذي أزعج الخارجية المصرية، فراحت في حينه لتؤكد بأن مصر ليست البلد الذي يحول الخلاف في الرأي حول النزاع المائي إلي معركة عسكرية.وأنها ليست البلد الذي يدافع عن الحقوق السمراء في المحافل الدولية وآخرها قمة أفرقيا - أوروبا بالعاصمة الليبية طرابلس قبل أسابيع قليلة، ثم توصم بالسعي لشن حروب عسكرية ضد أشقاء وجيران بينها وبينهم روابط جغرافية وتاريخية وانسانية واستراتيجية يدركها كل من له عين واحدة ونصف عقل!! راجع معي ان شئت مطالبات مصر لأوروبا في قمة طرابلس الأخيرة وتأكيد وزير خارجيتها أحمد أبوالغيط علي ضرورة الالتزام الاوروبي بالوفاء بمساعدات التنمية الرسمية لأفريقيا وتشجيع الاستثمار بها وكذلك دعم قدراتها المؤسسية والبنية التحتية،مشددا علي أهمية التحول من مجرد تقديم المنح للقارة السمراء الي تعاون أكثر رسوخا في مجالات التجارة والاستثمار وبناء القدرات والتدريب. هذه هي مصر، وهذا هو موقفها من أشقاء القارة، ولعل استقبال الرئيس مبارك لعدد من المسئولين الافارقة بدول حوض النيل منذ الازمة، ثم زيارات الوفود المصرية الي عدد من دول الحوض آخرها الوفد الذي ترأسه الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة الي أوغندا قبل أيام، والتقي خلالها بالرئيس موسيفيني، ثم تأكيد الاخير بعد بحث الملف المائي علي عدم وجود مشكلة سياسية مع مصر في تقاسم مياه النيل، كل ذلك يؤكد منهجية القاهرة في التعامل مع الملف المائي بالحوار والتفاوض، وليس كما يتوهم بعض الحربجية الأفارقة بتحول القاهرة عن منهجها وسياستها في التعامل الافريقي علي جميع الملفات بما فيها الملف المائي، فليتراجع الذين يحاولون كسرالحوض بدلا من السعي لجبر الشرخ!! mtelkholy.yahoo.com