الاحتجاجات العمالية عادت إلي الأضواء من جديد وقد اختارت لها مبني اتحاد عمال مصر.. بعد أن تركت رصيف مجلس الشعب وهذا الاختيار الأخير هو الأقرب للصواب والموضوعية.. باعتبار أن مبني الاتحاد هو بيت العمال.. وأن رجال الشرطة في قسم الأزبكية ومقره في الجوار يقوم رجاله بحماية المبني النقابي وكذلك حماية العمال أنفسهم. وإذا كانت ساحة الاحتجاجات هي مقر الاتحاد العام ورصيفه بشارع الجلاء في نطاق قسم شرطة الأزبكية فإن الأمر يحتاج إلي حماية حقوق العاملين ورعايتهم.. وذلك بعد التطوير الأخير في أساليب التعبير الجديدة بعد أن تحول الأمر إلي الزج بالأسر العالمية مثل الزوجات والأطفال والأبرياء وهذا السلوك الذي اختاره العمال للضغط علي أولي الأمر.. يفسره بعض المسئولين .بلي الذراع. وكما يقولون بأن هذا لن يفيد.. وأن ما يطالب به العمال ليس من حقهم. ويتسابق أصحاب الرأي والفتوي إلي الإدلاء بالرأي المنافي والمعاكس لرسالة الحق. وهنا يكون التساؤل.. وصولاً إلي تحديد المسئول عن كل هذا؟ هل التشريعات الوضعية، أم الدولة بكل أجهزتها المركزية والمحلية، أم السلطات القضائية، أم المنظمات الشعبية الشرعية. إلا أنه من الملاحظ حدوث انقلاب من بعض المجموعات التي تتولي الدعوة لهذه الاحتجاجات التي إن دلت علي شيء فإنما تدل علي نوع من الاقحام المادي واللفظي.. وهوما يفوت علي العاملين فرصة التعاطف وكذلك تعاون بعض الجهات معهم. ومن اللافت للنظر أن النشطاء الذين أثاروا الاحتجاجات وأصابوا الجماهير بالرعب والذعر.. يعانون اليوم من الإخفاق الشديد.. بعد أن تقلصت مصداقيتهم في الشارع المصري.. ولكنهم قدموا خدمات كثيرة وللمتعاونين مع المنظمات الصهيونية التي لا ترضي لمصر الخير والاستقرار. وإذا كنا نتابع نوعيات الاحتجاجات والوقفات.. فإننا نود التعريف بمثل هذه المواقف التي بدأت موضوعية.. وتحولت بعد ذلك إلي فوضوية حتي لو كان المحتجون أصحاب حق. فمثلاً حينما بدأت هذه الظاهرة كان ذلك في عام 1882 حينما توقف عمال شركة الفحومات البريطانية في بورسعيد.. احتجاجاً علي ضعف المرتبات وزيادة ساعات العمل.. وتبعهم في ذلك عمال لف السجائر والقطن والترام.. وصولاً إلي عمال الحكومة والذين لم يكن لهم اهتمام في الماضي بمثل هذه الوقفات وأكبر تلك الاحتجاجات حالياً هو عمال القطاع الخاص والاستثماري الذين صالوا وجالوا في مواجهة الجشع الذي صار سمة عند رجال المال والأعمال وكلهم يسعي لامتصاص دم العمال والاستحواذ علي قدراتهم. وإذا كنا نلوم أصحاب العمل فإننا نلوم العمال الذين لا يسعون لإقامة لجان نقابية لهم.. وقد كشفت المسيرة في المدن الصناعية الجديدة عن هذا الإهمال الذي يدفع العمال ثمنه.. وذلك بسبب فقدانهم للمظلة النقابية.. وعمال أي مصنع به 50 عاملاً يحق لهم تكوين لجنة نقابية.. تتولي التفاوض نيابة عنهم مع أصحاب العمل.. وكان من أبرز الشواهد هو قيام أحد المستثمرين باحتجاز 40 عاملاً داخل المصنع لمدة ثلاثة أيام بلا طعام أوشراب.. ومحاولة التنكيل بهم وتلفيق جريمة بعضهم. ويقف علي الخط الإعلام الأصفر الذي ينشر السواد في سماء القاعدة العمالية.. ويجعل من الحبة قبة. المهم.. إن المناخ الديمقراطي يحوي الكثير من المشكلات وسوف يبقي الحال علي ما هو عليه إلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.