إن ثقافة الوقت ملغية من قاموس حياتنا ونحن لا نؤمن بالوقت ولا نعترف بأن استغلال الوقت يمكن ان يحولنا إلي دولة عظمي. .الوقت من ذهب. في معظم الدول التي ازدهرت واستطاعت أن تغزو الأسواق بصناعاتها الدقيقة والحديثة، بينما عندنا الوقت من نحاس، ليس للوقت عندنا قيمة تذكر ولا يوجد في قاموس حياتنا، ولذلك النمو عندنا متوقف، وحياتنا تتدهور وتتراجع بسبب عدم احترامنا للوقت، والأجهزة المسئولة كلها تتعامل مع الوقت بشكل سخيف وكأننا نعيش في العصور الوسطي، العالم كله يسير بسرعة الصاروخ، ونحن نسير كالسلحفاة، ففي كل المصالح الحيوية وغيرها الأقل حيوية ليس لديها ثقافة تشير أنهم يهتمون بالزمن. فمنذ أيام ذهبت أنا وصديق إلي محطة الجيزة لاستقبال زملاء يأتون من الصعيد، وكان ميعاد القطار الساعة العاشرة والنصف صباحاً وتأخر القطار ما يقرب من ساعة ونصف لأنه توقف قبل المحطة بما يقرب من كيلو متر.. لماذا: لا أحد يعرف، والركاب ظلوا بالقطار في حالة عذاب لأن مشوار الصعيد أكثر من 8 ساعات في القطار وتخيل أن يكون بين الركاب مريض أو مرضي آتوا للعلاج ومحتاجون لتقليل الوقت نظراً لآلامهم المرضية، ونحن نتساءل: كيف ونحن في الألفية الثالثة وقطار يعطل لمدة ساعات دون سبب يذكر، والغريب أن المسئولين عن السكك الحديدية عندنا كل يوم يدلوا بتصريحات اننا بنطور هذا القطار ونقضي علي مشاكله ونحن لا نري تطويراً ولا يحزنون فمنذ عشرات السنين ذهبت إلي دول أوروبا وكانت تتميز باحترامها للوقت، فمثلاً كان ميعاد القطار الساعة السادسة، يدخل القطار المحطة قبل الميعاد بدقيقة واحدة ويتحرك في ميعاده بالضبط، وهذا الكلام منذ ثلاثين عاما وهم يتميزون باحترامهم للوقت ولذلك تطوروا وذهبوا بعيداً جداً عنا ونحتاج لمئات السنين لكي نصل إليهم، إن الوقت كان سلاح حقيقياً لدول كثيرة نامية، بمجرد احترامها للوقت تحولت إلي دول عظيمة وكبيرة مثل دولة كالهند استطاعت خلال سنوات بسيطة الوصول إلي أعلي معدلات التكنولوجيا، هل نغير قيمة الوقت في قاموسنا؟ اعتقد أننا نحتاج بشكل حقيقي لذلك ولابد من تغيير مفاهيم المواطنين وطبعا في المصالح الحكومية ونحاول أن نقضي علي مفهوم .فوت علينا بكرة... تدخل أي مصلحة اسهل كلمة علي لسان الموظف تعالي بكرة كأن الزمن يمتلكه في ايديه ويحركه طواعيه لنفسه ويفوت عليه بكرة وببساطة يقول له فوت علينا الأسبوع .الجاي. هذا النمط لم يتغير حتي الآن في مصالحنا الحكومية، وأيام تضيع بدون أي انجاز يذكر، والاغرب حتي في المستشفيات يمكث المرضي بالساعات وهم يتألمون لان الطبيب عندما يأتي يبدأ بالحديث مع السكرتارية أو العاملين في مكتبه، وبعدها يشرب الشاي ويتصفح الجرائد، وناسي أن هناك مرض بالخارج، هذا يحدث بالفعل في مستشفياتنا الصغيرة والكبيرة لأنه غير مقتنع بالوقت واحترامه لمشاعر وأحاسيس البشر حتي المهندسين الذين يبنون الكباري والطرق لا يراعون أن بناء كوبري يجب أن يسهل السير والحركة وتقليل الوقت هم يفكرون في تسيير الحركة وينسون الوقت، لأن معظم الكباري تصب في مواقع مزدحمة، وتتوقف حركة السير بسبب منازل الكباري التي تمت بدون دراسة، حتي القائمين علي ذلك لا يفكرون في تقليل الوقت بالنسبة لحركة السير، وبالتالي وقت مهدر كبير جداً يضيع في الازدحام والحركة. إن ثقافة الوقت ملغية من قاموسنا الحياتي، ولا نؤمن بالزمن ولا نعترف أن استغلال الوقت ممكن أن يحولنا إلي دولة عظمي، وهناك مثال تراه كل العيون، وهو المقاهي التي انتشرت في كل شوارع مصر، ويمكث عليها الناس بعشرات الساعات بدون فائدة ولا عمل وكأن المقاهي أصبحت السر الخفي للمصريين الذين يأخذون منها المعرفة والعلم، والناس تخرج من بيوتها كل يوم وتذهب إلي المقهي لتضيع عشرات الساعات عليها بدون أي عائد أو فائدة بل يقضون علي صحتهم بسبب الدخان والشيشة، إن مسألة الوقت يجب أن ينتبه لها كل المصريين وأن نعيدها إلي اذهاننا وقيمة الوقت يجب أن تغرس في نفوس ابنائنا منذ الصغر حتي ينشأوا وهم مقتنعون بأن الوقت هو السلاح الذي يبني وينشئ أجيالاً عظيمة لها شأن علي كل المستويات، فأنا اناشد وزير التعليم أن يتم تدريس قيمة الوقت في مناهجنا حتي نعرف أطفالنا وشبابنا بثقافة الوقت وقيمته، لكي ننتشل أولادنا من إهدار الوقت بدون فائدة، فهل نتأخذ خطوات في مدارسنا بذلك.. أشك!!!