حديث الثلاثاء .الدستور. وأزمة الصحافة الخاصة يبدو أننا نتعامل مع الكثير من مشاكلنا بطريقة غريبة بل قل مثيرة.. فالسبب الرئيسي فيها نعرفه ولكننا في كثير من الأحيان لا نصل إليه مباشرة ونتجاهله ونبحث عن أسباب أخري أو مبررات.. لأنه عادة ما تكون الحقيقة صعبة وتكلفتها عالية ومن ثم نتجنب المواجهة. أقول هذا علي خلفية أزمة جريدة الدستور والتي تم تفجيرها بإقالة رئيس تحريرها إبراهيم عيسي.. لقد تمحورت المشكلة كيف يقال .عيسي.؟! ولماذا يتم تغييره وصاحب ذلك تضامن صحفيي الجريدة مع رئيس تحريرها ودخلوا في اعتصام في نقابة الصحفيين.. وللبحث عن إجابات حقيقية للأسئلة المطروحة والتي تتصدر الأزمة.. علينا أن نسأل ما طبيعة .الدستور. وإلي من تنتمي؟!. فالجريدة كما هو معروف .خاصة. أي يملكها أشخاص فليست .عامة. مثل الصحف القومية أو تعاونية تتبع .جمعيات تعاونية.. إذن كل من يعمل فيها يعرف ذلك جيداً ومن ثم فالتعامل بين المالك ومن يعمل به ينظمه عقد عمل.. هذا هو الطبيعي أو المفروض في أي عمل.. ومن ثم فأي طرف من طرفي العقد.. إذا أراد أن ينهيه.. فعليه أن يفي بالشروط والقواعد المحددة بالعقد.. وهذا حق لأي طرف.. فمن حق العامل سواء أكان صفته .صحفياً أو موظفاً. أن يقدم استقالته ويلتزم ببنود العقد.. ومن حق الطرف الثاني وهو المالك أن يفسخ العقد ويلتزم أيضاً بنصوص العقد. هذا هو الحال والوضع الطبيعي في العمل الخاص وكانت الصحف في مصر قبل التأميم تفعل ذلك وهو المتبع وكان الصحفي يتنقل من جريدة إلي أخري. إن الوضع الحالي للصحافة الخاصة والتي بدأت تنتشر وتشغل حيزاً كبيراً في الأوساط الصحفية والسياسية يتطلب تفعيل ذلك في إطار مناخ سليم يتيح للقانون أن يكون هو سيد الموقف ومرجعية التعامل في العلاقة بين الصحفي ومالك الصحيفة. إن أزمة الدستور لابد من قراءتها بدقة وموضوعية خصوصاً من نقابة الصحفيين حتي تعمل علي حماية أعضائها في إطار قانوني .. فالكثير من الصحف تستخدم الصحفيين بدون عقود أو عبر عقود عمل غير متوازنة وتصب في صالح المالك. إن الأوضاع الجديدة للصحافة الخاصة تتطلب أن تدخل نقابة الصحفيين طرفاً في العلاقة بين الصحفي والمالك وأن يتم اعتماد هذا العقد من نقابة الصحفيين.. هذا الإجراء من شأنه حماية الصحفيين من أية تطورات أو تغييرات قد تطرأ علي المالك. فإذا كان من حق المالك أن يغير سياسة الجريدة فمن حق الذين يتعاملون معه أيضاً أن يقلوا أو يستمروا في العمل أو أن يفضوا هذه العلاقة للعمل في جريدة أخري تتفق مع اتجاهاتهم السياسية. مالك الدستور السابق.. كانت له سياسة تحريرية ذات اتجاهات سياسية معارضة ونجح في أن يرفع أعداد توزيعها واكتساب شهرة داخل المجتمع.. إلا أنه باعها لملاك جدد. من هنا تفجرت الأزمة.. فالمالك الجديد يريد سياسة تحريرية جديدة وقام بتغيير رئيس تحريرها وإذا كان هذا حقه القانوني ولكن طريقة التغيير تنقصها الفطنة والذكاء في ظل مناخ صحفي وسياسي ليس مهيئا لمثل هذه العمليات التي يبدو فيها المالك صاحب القرار الأعلي في الجريدة.. إلا أن قرار إقالة رئيس التحرير فاجأ صحفيي الجريدة فأصابتهم حالة من الخوف علي أوضاعهم في .الدستور. في ظل رئيس تحرير جديد قادم لا يعرفون عنه شيئاً وفي ظل أيضاً رباط وعلاقة قوية تربطهم ب.عيسي. كما أن الصحفيين يفتقدون ثقافة الصحافة الخاصة وهو ما أدي إلي تفاقم الأزمة. وإذا كان هناك تدخل من نقابة الصحفيين لمواجهة أزمة الأوضاع الجديدة للصحافة الخاصة .. فأعتقد أن القضية الأساسية لنقيب الصحفيين هي الحفاظ علي حقوق الصحفيين مع المالك الجديد وكتابة عقود جديدة تحمي هذه الحقوق. وقد يثير البعض هنا..! إشكالية إذا كان من حق المالك تغيير سياسة تحرير الصحيفة.. فماذا يفعل الصحفيون الذين التحقوا بها في ضوء .تحرير يتفق مع اتجاهاتهم وميولهم السياسية.؟ في هذه الحالة يصبح الحل الحصول علي حقوقهم كما جاء في العقد ثم البحث عن صحيفة أخري تسير في نفس اتجاههم السياسي.. أو ينشئون جمعية تعاونية لإصدار صحيفة أو شركة.. وهذا بلا شك صعب تنفيذه حالياً.. علي كل المعنيين والمهتمين والمهمومين بالديمقراطية والصحافة أن يساعدوا علي خلق مناخ صحفي يدعم الصحافة الخاصة في أطر ديمقراطية وقانونية سليمة. medhatelbassiouny*yahoo.com