في حديث الصبي الشهيد عمر محمد صلاح بائع البطاطا الذي اعادت بثه مواقع التواصل الاجتماعي عبر الفيس بوك فور مصرعه بطلقة حية انطلقت بطريق الخطأ من سلاح أحد أفراد القوة المكلفة بتأمين محيط السفارة الأمريكية، ما يقترب بك من وصف حال بائعة البطاطا ، المسكينة مصر،فبينما كان الشهيد يحلم في حديثه لجمعية صناع الحياة بالحصول علي مصدر للكسب افضل للانفاق علي امه واخوته الثلاثة الذين يعولهم بعد وفاة أبيه، والعودة للمدرسة التي تركها تحت وطأة السعي علي الرزق، وأنه علي حد قوله "تعب من الشوغلانة دي"، كانت مصر الثورة تحلم بالأمن والأمان والاستقرار لتحقيق أهداف الثورة في عدالة اجتماعية حقيقية ومناخ أمني مستقر، وفرص عمل كريمة، ورعاية صحية حقيقية، وتعليم قادر علي النهوض بالبلاد ، واقتصاد متنامٍ يرفع معدلات النمو إلي المستوي الذي يحقق رفاهية المجتمع، وسياحة مزدهرة، واستثمارات تفتح آفاق النهضة الي أبعد حد، تلبي معها عدالة توزيع الأجور، بعد فساد وإفساد حفرا في باطن الثروات ونهبوا ما فيه ! كان الصبي الطيب.. بائع البطاطا يحلم وينتظر عودة "صناع الحياة " لتحقق حلمه كما وعدته ،قبل ان تخطفه يد الردي، وكانت بائعة البطاطا وواهبة الخير ولا زالت، في انتظار من يقيلها من عثرتها وشقاق أبنائها، في السلطة والمعارضة، في الشوارع والميادين، في البيوت ودواوين العمل، في انتظار إشارات العقل والحكمة في النظام، والقوي السياسية والحزبية، للالتقاء عند كلمة سواء، تقي مصر شرا مستطيرا يترقبها ويتهددها ويتوعدها، وبفعل فاعل أيضا من داخلها وخارجها. كانت بائعة البطاطا وواهبة الخير،الطيبة مصر، قد انتظرت أول أمس الخميس زيارة وفد صناع الحياة الدولي، وأقصد هنا وفد صندوق النقد لاتمام التوقيع علي إقراضها 4.8 مليار دولار التي سبق الاتفاق عليها، غير انه لم يحضر! قيمة القرض وكما هو معروف لن تقيل اقتصادنا من كامل عثرته، وإنما تمنحه الفرصة في التقاط أنفاسه، في منح المحروسة شهادة ابراء ذمة بقدرة اقتصادها علي التعافي، بما يسمح لها إعادة فتح المفاوضات التي سبق وانجزتها في نوفمبر الماضي مع مؤسسات مالية دولية أخرى ودول صديقة بالحصول علي قرض بقيمة 14.5 مليار دولار، من بينها قطر والسعودية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، غير أنها جميعا كانت قد ربطت موافقتها بإنجاز قرض صندوق النقد الذي وضع شروطه ! والرفض لدي المؤسسة الدوالية المعنية بالاقراض، جاهز بالطبع، ولن يلومها احد، فالمعارضة تطارد الرئيس مرسي من الاتحادية الي قصر القبة، ومن يصرون علي أنهم حماة الثورة يقطعون الطرق، ويغلقون مجمع المصالح بميدان التحرير عنوة عدة ايام، ويهاجمون محطات مترو الأنفاق، ومنهم من يحمل اسلحة بيضاء لإرهاب المارة في شوارع القاهرة وميادينها الشهيرة، لا يخلو الأمر من التشابه في بعض المحافظات ، دون أن تنطق القوي السياسية بكلمة إدانة واحدة، ناهيك عن فضائيات لا تحتاج في رسالتها الإعلامية لمن يوصيها لكي تشعل فتيل الغضب في الشارع المصري الملتهب بقضايا التحرش الجنسي، وظهور جماعات الملثمين السود الموصوفين ب«البلاك بلوك»، بخلاف ملثمين آخرين يرهبون المارة ويحطمون واجهة المحال التجارية والمولات والفنادق، في غياب الأمن الذي يبحث عن شرعية تمنحه قوة الردع، ولا أعرف ان كان قانون التظاهر المزمع مناقشته في الشوري خلال أيام سيحقق الهدف - وهو ما نتمناه بالطبع ،أم يزيد الأزمة اشتعالا؟! في ظل هذه الأجواء الملتهبة التي تحاصر بائعة البطاطا، مصر الطيبة، لا يزال حزب النور يتفاوض مع جبهة الإنقاذ حول صيغة قبول الحوار الوطني، تنزع معه فتيل الانشقاق والاستقطاب، ولا تزال مليونيات الجمع تراوح مكانها، تتواصل أسبوعيا وتتحدي وتتوعد رجال الشرطة وهيبة الدولة، وتضرم النيران دون وعي، في أي شيء، بدعوي استكمال أهداف الثورة،ليظل الشارع ملتهبا، والاستقرار غائبا، والاقتصاد تتنازعه الأ خطار، محاصر بتحكمات صندوق النقد الدولي الذي يشترط علاج الموازنة العامة عبر زيادة الأسعار وخفض الدعم المقدم للطاقة ومشتقات البترول، وكذلك الضرائب، وإلا فلن يأتي إلي مصر لإتمام اتفاقه، وهو ما رفضه الرئيس مرسي، لا شك أن القرض في حد ذاته ليس مغنما ، وأنما عوائده لدي المؤسسات المالية الدولية وإسترداد ثقتها في قدرة الاقتصاد المصري علي النمو والسداد هو الهدف، لتظل التحديات الاقتصادية تحاصر بائعة البطاطا، الطيبة ، واهبة الخير لأبنائها، فيما هم يتوعدونها جهلا، باسم الثورة!! This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it