فى الوقت الذى تتواصل فيه المعارك بين أطراف الصراع في ليبيا من أجل السيطرة على أكبر موانئ النفط في شرق البلاد رفض البرلمان المنتخب المحادثات مع أعضاء المؤتمر الوطني العام والفصائل المسلحة التي تقود انقلابا سياسيا على الشرعية في البلاد وذلك بعد أكثر من ثلاث سنوات على العمل العسكري الذي قام به حلف شمال الأطلسي للاطاحة بمعمر القذافي تتنافس في ليبيا حكومتان على الشرعية مما أثار مخاوف من نشوب حرب أهلية بهدف السيطرة على الثروة النفطية للبلاد. وكان من المقرر إجراء جولة ثانية من محادثات السلام التي ترعاها الأممالمتحدة الأسبوع الماضى وتعهد عبد الله الثني رئيس الوزراء المعترف به دوليا بإخراج جماعة فجر ليبيا من طرابلس بعدما استولت الجماعة المسلحة على العاصمة في أغسطس الماضى. وسمح الفراغ السياسي في الشمال للجماعات الإسلامية بإعادة تنظيم صفوفها في جنوب ليبيا القاحل الأمر الذي يهدد عددا من الدول الإفريقية المجاورة ومنها مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد. وتتهم الدول الأفريقية الغرب بتجاهل مخاوفها وتقول إن الغرب ترك البلاد تواجه مصيرها بمفردها بمجرد قتل القذافي. وأوضح وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان الذي نشرت بلاده حوالي 3200 جندي في منطقة الساحل لمواجهة الجماعات الإسلامية أن المشكلات في جنوب ليبيا لن يتم تسويتها إلا بحل الأزمة السياسية في البلاد. وميدانيا اشتبكت قوات متحالفة مع أطراف الصراع في ليبيا بالأسلحة الثقيلة الثلاثاء الماضى من أجل السيطرة على أكبر موانئ النفط في شرق البلاد فيما يبحث الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على من يعرقلون محادثات السلام التي تجري بوساطة من الأممالمتحدة. وقال مسؤولون في شرق البلاد إن الحكومة المعترف بها التي اضطرت إلى العمل من الشرق منذ فقدت السيطرة على طرابلس نفذت مزيدا من الضربات الجوية ضد القوات المنافسة التي تتمركز بالقرب من ميناء السدر. من جانبه قال المتحدث باسم المؤتمر الوطني العام عمر حميدان إن البرلمان يؤيد محادثات الأممالمتحدة لكن هناك حاجة لتغيير مكان انعقادها مضيفا أن المحادثات يجب أن تعكس أن المؤتمر الوطني العام هو البرلمان الشرعي فيما قال مجلس النواب وهو البرلمان المعترف به دوليا في بيان إنه يدعم الحوار الذي تقوده الأممالمتحدة لكنه رفض المحادثات مع أعضاء المؤتمر الوطني العام والفصائل المسلحة وبررت حكومة عبد الله الثني المعترف بها رفضها بإن بعض أعضاء المؤتمر الوطني العام يحاولون تقسيم ليبيا بالهجوم على موانئ النفط. وقال العقيد بشير بوضفيرة المسؤول في رئاسة الأركان العامة "مصادرنا الميدانية تقول إن مسلحي فجر ليبيا المتحصنين في قرية بن جواد شرق مدينة سرت يتخذون من سكانها دروعا بشرية بانتظار وصول الإمدادات إليهم ويعتقدون أن ذلك سيمكنهم من السيطرة على كامل منطقة الهلال النفطي وطالب من رئاسة الأركان العامة توفير الغطاء الجوي اللازم مؤكدا أن المواجهات مع حرس المنشآت النفطية الأيام الماضية كلفت مسلحي فجر ليبيا عشرات القتلى والجرحى . وعلق خبراء أن التجاء الميليشيات المتشددة إلى تعريض حياة المدنيين إلى الخطر والدفع بهم إلى الصفوف الأولى نحو محرقة الحرب الدائرة يعد فعلا جبانا ومؤشر على بداية تقهقر هذا الميليشيات التي تدفع بكل ثقلها لتفادي هزيمة تتبلور ملامحها بشكل كبير مع تواتر الضربات الجوية للقوات الحكومية على معاقل المتطرفين. وقال متابعون إن قوات الجيش الليبي مدعومة بقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر خطت خطوات كبيرة في معركتها لدحر المتطرفين وانهاء حالة الفوضى التي لحقت بليبيا. ويزداد خطر ميليشيات "فجر ليبيا" المتطرفة بعد اعلان جماعات اسلامية في منطقة درنة تأييدها لتنظيم "الدولة الاسلامية" إلى جانب جماعة "جند الخلافة" في الجزائر و"انصار بيت المقدس" في مصر. ونددت بعثة الاممالمتحدة بالتصعيد العسكري في ليبيا داعية إلى وقف فوري للعمليات القتالية لاعطاء فرصة للحوار السياسي بين الاطراف المتنازعة ملوحة بتطبيق عقوبات مجلس الأمن على المخالفين. واعتبرت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا ان "التصعيد العسكري هو بمثابة محاولة مباشرة لتقويض جهود الحوار السياسي" مؤكدة ان "أولئك الذين يقفون وراءه يهدفون بشكل واضح إلى إفشال العمل الجاري للوصول إلى حل سياسي".