ذكرت في المقالين السابقين كيف يمكن لقرارات اقتصادية يتبناها الساسة بنية رفع الدعم عن الأغنياء بينما تساهم كمردود أخير في زيادة المعاناة ونسب الفقر فيما أسميته بصناعة الفقر وكيف تساهم السياسات التقشفية والتي قصد بها تقليص الانفاق الحكومي الي انسحاب رؤوس الأموال من الاسواق وزيادة نسب البطالة فيما أسميته بصناعة الكساد. والمقصود بالحزم الاقتصادية هو مجموعة القرارات التي تصدرها الدولة لتحقيق هدف اقتصادي محدد ومن الممكن تقسيمها الي حزم تقشفية وتهدف أساسا الي تقليل العجز في ميزان المدفوعات (الفارق بين دخل الدولة والانفاق في فترة زمنية محددة) وحزم تحفيزية والمفترض منها الدفع ببعض الأموال من خزينة الدولة أو اجتذاب المزيد من الأموال الي داخل الدولة عن طريق جذب الاستثمارات الداخلية والخارجية فماذا فعلت الولاياتالمتحدة اللأمريكية حينما تعرضت للأزمة الاقتصادية عام 2008؟ عندما سؤل الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أول مؤتمر صحفي له بعد توليه الرئاسة عن خطة الادارة الأمريكية لمجابهة الأزمة المالية الأمريكية أجاب هو الدفع بتريليون دولار من احتياطي الخزانة الأمريكية للبنوك والشركات الكبري التي تعاني وذلك لتوفير السيولة الازمة للعديد من المشروعات الاستثمارية الجيدة والتي لاتجد تمويلا لها بسبب الأزمة مما سيساعد علي حسب تعبيره في ملئ جيوب المواطنين بالأموال التي ستساعد علي انتعاش الأسواق وعودة الاقتصاد الي وضع مستقر. لقد اختلف الجمهوريون معه فقط بأن تتركز هذه الحزمة في خفض الضرائب للشركات والأفراد سواء بسواء. دعونا نقارن ذلك بما نقوم الآن وما أعلنا أننا سنقوم به في مصرمن سياسات اقتصادية تقشفية بناء علي نصائح خبراء اقتصاديين مشهود لهم بالاعتراف الدولي من سياسات زيادة الضرائب وتحرير أسعار الخدمات والطاقة وفرض دمغات جديدة وآخرها ماتردده الأنباء حول فرض ضريبة علي الأرباح الرأسمالية علي مكاسب البورصة والتوزيعات والتي أدت الاسبوع الماضي الي البيع الجماعي للمستثمرين العرب والأجانب وفقد رأس المال السوقي للأسهم 6,2 مليار جنيه وسأعلق علي ذلك برأي جوزيف ستيجلتز ص29 بأن صندوق النقد الدولي تأسس علي عقيدة أن هناك حاجة لضغط دولي علي البلدان لكي تكون لها سياسات أكثر تضخمية – مثل زيادة الانفاق أو خفض الضرائب أو خفض معدل الفائدة لتحفيز الاقتصاد- حاليا لايقدم الصنوق أموالا الا اذا بدأت في خفض العجز في الموازنة أو زيادة الضرائب أو زيادة معدل الفائدة مما يؤدي الي انكماش الآقتصاد. ويضيف ان كينز "مؤسس صندوق النقد" قد يتقلب في قبره لرؤيته ما يحدث لابنه.