تحدثت في المقال السابق عن أهمية ادراك السياسي الأبعاد الحقيقية للسياسات الاقتصادية التي يعرضها عليه الخبراء من داخل وخارج مصر للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليا وضرورة اعتماد تقليل نسب الفقر والبطالة مع زيادة الاستثمار والناتج المحلي من واقع الأرقام كمخرج نهائي لهذه السياسات وبيان خطورة رفع أي دعم ممنوح للمستثمرين حاليا تحت شعار وقف الدعم عن الأغنياء مثل وقف دعم الطاقة للمصانع والتي ستنعكس سلبا في صورة رفع اسعار المنتجات علي الفقراء ومحدودي الدخل وزيادة نسبة البطالة عن طريق تسريح بعض العمالة في محاولة للبقاء علي صافي الأرباح لأصحاب المصانع وتحدثت عن ضرورة تأجيل مثل هذه السياسات في الوقت الحالي والبدء الفوري في اجتذاب الاستثمارات والتي تقلل نسب الفقر والبطالة. واذا استشرنا أياً من العوام أو محدودي الثقافة عن كيفية قيام الدولة بعلاج عجز ميزان المدفوعات لأجاب بزيادة الضرائب ورفع الدعم وتحرير أسعار الخدمات فهل يعقل أن تكون هذه الحلول هي نفس ما يطرحه الخبراء الاقتصاديين المتحلقون حول رئيس الوزراء ومرشحي الرئاسة وما هي المخاطر المدمرة من تطبيق هذه السياسات خاصة في الوقت الحالي والذي تعاني فيه مصر ضعف الموارد واحجام المستثمرين والركود "وهو انخفاض الانتاج فارتفاع الأسعار ووقوع البطالة وانعكاس آثار ذلك كله علي الحياة الاجتماعية". لتوضيح الخطورة من السياسات المذكورة نذكر ما يسمي بإجماع واشنطن وهو اجماع بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ووزارة الخزانة الأمريكية حول السياسات السليمة للبلدان النامية إكانت الأعمدة الثلاثة لنصيحة اجماع واشنطن عبر الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كما يقول جوزيف ستيجلتز (صفحة 79) هي التقشف المالي والخصخصة وتحرير السوق وهي سياسات صممت استجابة لمشكلات امريكا اللاتينية الواقعية جدا وتضمنت الكثير من الحلول الصحيحة ويضيف قائلا "المشكلة أن العديد من هذه الساسات أصبحت غاية في حد ذاتها بدلا من أن تكون وسائل لنمو أكثر ثباتا وعدلا وبذلك تم دفع هذه السياسات بعيدا جدا وبسرعة كبيرة جدا. ان المبالغة في دفع التقشف المالي في ظل ظروف خاطئة قد يسبب كسادا كما قد تؤدي أسعار الفائدة المرتفعة الي اعاقة المشروعات التي لاتزال هشة". ويعتمد مبدأ الخصخصة علي أن الدولة تنفق طاقة كبيرة جداً للقيام بأشياء كان لايجب أن تقوم بها في حين يقول الواقع يقول: إن العديد من الأنشطة الحكومية نشأت لأن الأسواق فشلت في توفير الخدمات الأساسية حسب قول نفس الكاتب. أستاذ الجراحة العامة – قصر العيني