دعوة كريمة وصلتنى من السفيرة الدكتورة مرفت التلاوى رئيسة المجلس القومى للمرأة للمشاركة فى فعاليات المائدة المستديرة حول تطلعات وقضايا المرأة المصرية والحق يقال إن هذه الدعوة جاءت فى الوقت المناسب خاصة فى ضوء تراجع حقوق وقضايا المرأة إلى ذيل قائمة أولويات البرلمان الإسلامى والقوى السياسية على مختلف توجهاتها.. وبالمثل فقد خلت برامج المرشحين لرئاسة الجمهورية من هذه الحقوق تقريباً.. ولا يخفى علينا ما تردد على أسماعنا مؤخراً من أصوات مزعجة تطالب بعضها بعودة المرأة للمنزل والخضوع لعبودية الرجل.. وآخرون يتقدمهم وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب ونواب متطرفون يطالبون بإلغاء قانون الخلع والحقوق التى حصلت عليها المرأة فى قانون الأحوال الشخصية تحت دعوى أن هذه القوانين كانت قد صدرت بأوامر مباشرة من سوزان مبارك. يحدث ذلك فى مصر بعد ثورة 25 يناير مما أثار غضب العالم أجمع فقد انتقدت تقارير الإتحاد البرلمانى الدولى غياب تمثيل المرأة فى برلمان الثورة فى الوقت الذى ارتفعت فيه نسبة تمثيل المرأة فى جميع برلمانات العالم خلال الأعوام الأخيرة. ومقارنة بما تعرضت له المرأة المصرية من تهميش وتجاهل متعمد تشير تقارير برلمانية عالمية إلى أن المرأة حصلت على 20% من المقاعد البرلمانية فى العالم وهو ما يمثل زيادة عن نسبة ال 17،2% قبل خمس سنوات.. وحسب آخر إحصائية للاتحاد البرلمانى الدولى فإن دول شمال أوروبا هى أكثر الدول التى حصلت فيها النساء على 42% من المقاعد البرلمانية.. أما الدول العربية فمازالت تعانى من الجهل والتخلف فى مجال حقوق المرأة رغم اعتماد بعضها على نظام الكوتة الذى رفع نصيب المرأة من 9،5% قبل خمس سنوات إلى 12% بعد تطبيق هذا النظام.. وفى ذات القضية تؤكد المعلومات التى لدىّ أن 17 دولة من 59 دولة أجريت بها الانتخابات العام الماضى طبقت نظام الكوتة النسائية وحصلت المرأة فى تلك الدول على 27% من المقاعد البرلمانية مقارنة ب 16% فقط فى الدول التى لا تطبق نظام الكوتة. أما فى مصر المحروسة فتأتى الرياح بما لا تشتهى الثورة وأهدافها النبيلة فى الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية حيث تم إلغاء نظام الكوتة إرضاء للاخوان والسلفيين لتهبط نسبة تمثيل المرأة إلى القاع بأقل من 2% وهى أقل نسبة تمثيل فى العالم بينما نجدها فى دولة شقيقة كالجزائر 30% بعد أن أقرت ولأول مرة نظام الكوتة النسائية. هذه حقيقة ما تعانيه المرأة المصرية التى تقدمت الصفوف وقدمت أعظم التضحيات للثورة لتجد نفسها وقد سقطت من ذاكرة القوى التى اختطفت قطار الثورة وألقت بالمرأة والثوار الحقيقيين على القضبان. وخلاصة القول فإن المرأة تتعرض اليوم لضغوط وعنف وانتهاكات لأبسط حقوقها بصورة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.. ضغوط حياتية يومية فى المنزل بسبب انخفاض معدلات الدخول والارتفاع الجنونى للأسعار.. وغول الدروس الخصوصية الذى يلتهم ما يزيد على 75% من الدخل الأسرى.. وهى مطالبة بصفتها وزير مالية الأسرة بتدبير هذه الاحتياجات بميزانية هزيلة.. وفى الشارع وقطاعات العمل والانتاج تعانى المرأة من حالة الفوضى والانفلات الأمنى والأخلاقى الذى أعقب الثورة.. وفى البرلمان لا تجد من يمثلها أو يهتم بقضاياها.. وعلى العكس فهناك من بنى جنسها من يطالبن بعودتها إلى عصر الحريم حتى إن إحدى النائبات تحت القبة أيدت الأفكار المتطرفة لبعض النواب (الذكور)، ورحبت بحق الرجل فى تعدد الزيجات دون قيد أو شرط. وفى الانتخابات الرئاسية خلت قائمة المرشحين من العنصر النسائى.. أى قهر.. وأى ظلم هذا الذى تتعرض له المرأة المصرية بسبب صلف وتعسف الرجال والمجتمع بأسره فى حقها لكل هذه الأسباب فإننى أقترح خارطة طريق تعيد قضايا وحقوق المرأة الى مركز الصدارة تتضمن الآتى: أولاً: عقد سلسلة من المؤتمرات والندوات يشارك فيها سياسيون وخبراء فى القانون ومفكرون وإعلاميون لطرح الأوضاع الحالية المتردية التى تعانى منها المرأة على مائدة الحوار بعد عودتها الى المربع صفر فى أعقاب سيطرة السلفيين والإخوان على مجلسى الشعب والشورى وسعيهم للتكويش على كافة أجهزة ومؤسسات الدولة وتهميش دور المرأة ثانيا: تشكيل برلمان نسائى مواز تكون مهمته بحث المشاكل والقضايا النسائية ووضع الحلول المناسبة لها.. وطرح مقترحات ومشروعات قوانين تهتم بحقوق وقضايا المرأة وعرضها على الرأي العام، وتشكيل لوبى نسائى ضاغط وقوى فى كافة قطاعات الدولة ومؤسساتها لإجبار الحكومة والبرلمان على الاستماع لصوت المرأة وتفعيل دورها فى بناء مصر الجديدة. ثالثا: الإسراع بالاتصال بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته المسئول عن إدارة شئون البلاد للاتفاق على كوتة معينة للمرأة داخل اللجنة التأسيسية للدستور مع ضرورة التدقيق فى اختيار العناصر التى تمثل المرأة فى هذه اللجنة بحيث تتمتع بالخبرة والكفاءة القانونية والسياسية لوضع النصوص التى تتعلق بحقوق المرأة.. ووضع نص فى الدستور يحدد كوتة المرأة داخل البرلمان بنسبة 30% أسوة بالجزائر.. وأقول نصاً دستورياً حتى لا يكون عرضة للتلاعب والمناورات مستقبلا من جانب أى فصيل سياسى أو تيار رجعى مناهض لحقوق المرأة رابعاً: تنظيم ندوات ولقاءات مع المرشحين لرئاسة الجمهورية للوقوف على نصيب المرأة فى برنامج كل منهم خامسا: القيام بحملات توعية نسائية على مستوى الجمهورية من خلال المؤتمرات الشعبية والندوات والزيارات الميدانية لتوعية النساء بحقوقهن.. وحثهن على ضرورة المشاركة الفعالة فى الانتخابات الرئاسية ، واختيار المرشح المستنير الذى يؤمن بحق المرأة فى التعليم والعمل والحكم.. مرشح يؤمن بأن تحقيق نهضة حقيقية لمصر مرهون بمدى مشاركة المرأة للرجل فى التنمية بمفهومها الشامل سادسا: تخصيص قناة فضائية يشرف عليها المجلس القومى للمرأة تتناول مشاكل وهموم المرأة وقضاياها بعيدا عن برامج الموضة والماكياج والبرامج التى تخاطب غرائز الرجال. وأخيرا فإننى أتصور أن المرأة المصرية الجديدة هى الشريك الأصيل والمساوى للرجل فى الحقوق والواجبات لتحقيق التغيير الشامل نحو الأفضل فى كافة مناحى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. واذا كانت الشرائع السماوية والقوانين الوضعية قد أقرت بكفاءة المرأة فى تدبير ثروتها والتصرف فيها.. وحثت على حسن تربيتها وتعليمها ولم تمنعها من العمل فى أى مجال فهل يعقل أن نحرمها من حقوقها فى عصر الحريات وحقوق الانسان؟ .. وهل نغفل مقاصد الشرائع السماوية إرضاء لغرورنا وجهلنا وتخلفنا؟.. لا.. لا.. وألف لا لتهميش المرأة.. ويا نساء مصر اتحدوا.. وليعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون.