(حداية الثقافة).. هل فعلا خطفت اللوحة و(طارت)? عضو اتحاد كتاب مصر لولا أن الثقافة تضع في أذنها اليمني قطعة طين وفي اليسري قطعة عجين، لكانت سمعت كلام ناصحيها بالاستغناء عن حدايتها، ومنع زراعة قرعها الثقافي، وإلغاء تهييصاتها الثقافية بنوعيها:المحلية"أم زر بلدي"والدولية "أم مهموز" وبرنيطة، وتتفرغ لصناعة متعة الوجدان، التي كفت "ماجورا" ثقافياعلي خبرها، مع أنها كصناعة تعد المهمة الأصلية للثقافة، أما كمنتج فتعتبر المكون الأساسي للتقدم المنشود في كل مجال، لكن متعة الوجدان تتطلب قدرات فنية خاصة معدومة في الثقافة الحالية القاصرة علي استزراع القرع والتهييص الفارغ من المضمون تماما كالإطار الخشبي الفارغ من لوحة فان جوخ بمتحف محمود خليل، المسروقة للمرة الثانية، وياعالم إن كانت الحداية التي لهفت " زهرة الخشخاش" وطارت، ستعيدها لمكانها مرة أخري، أم أنهاستبيعها للمتخصصين في"الصنف" لاستخدام الزهرة النادرة في انتاج"الكيف العالي"فائق الجودة، لطرحه في الأسواق، ومع ذلك، فالحداية أظهرت شجاعة نادرة كندرة الزهرة"الملهوفة"، إذ تسببت في"جرجرة "كبراء الثقافة الواحد تلو الآخر ذهابا وعودة من النيابة إلي العمبوكة وبالعكس، ولابد أنهم ذاقوا طعم "الجراية الميري"أثناء تواجدهم الإجباري في "عمبوكة التحفظ "علي ذمة التحقيقات . والمؤسف أن أصدقاء ثقافة القرع والتهييص لايدافعون عنهاولاعن وزيرها-المؤبد-وفنانها التشكيلي العالمي الدكتور فاروق حسني، كمساهمة للخروج من أزمة ثقافية جديدة تستغل عالميا ومحليا في التشهير بالجميع، مع أن الثقافة كانت تستطيع التكتم علي مصيبتها السوداء الجديدة كالمعتاد مع كل مصائبها السابقة فتكفي علي خبرالزهرة المفقودة ماجوراً، كالذي كفته من قبل علي خبرصناعة متعة الوجدان، ولن يعرف أحد منا شيئا، لانشغال الكل حاليا بزهرة"الحسك" وبمسلسلهاالمنقوع في مياه البرك، وكانت أمام الثقافة فرصة لتجنيد فنانيها التشكيليين البارعين الذين تضعهم وحدهم علي" حجرها ليرسموا في الخفاء لوحة خشخاش مضروبة أو"صيني"، وتوضع بالإطارالخشبي الذي أبقته الحداية من اللوحة المفقودة لحين العثورعليها، ولكن الثقافة كخبيرة في تصنيع الفضائح المدوية، رفضت كعادتها تنفيذ هذه النصيحة المفيدة، واعتبرتها تحريضا علي تزوير "لوحات رسمية "، مع أن الثقافة تعلم جيداً أن التزوير لم يعد الآن أمراً غريبا أو مستهجنا، وأن "قرعها" المنتشر بكثافة يعتبر" خميرة " أي تزوير، كما أن تسهيلات الدفع الممنوحة للهيئات التي تشتري القرع الثقافي، هي سبب انتشارالتزوير لدي تلك الهيئات. ومع ذلك، لم تقف هيئة منها مع الثقافة، لمساعدتها في العثور علي زهرة فان جوخ، فالتليفزيون-مثلا-الذي كثيراً ما أهدته الثقافة أفضل أنواع قرعها، حتي تكوّن لديه مخزون استراتيجي من القرع الثقافي الممتازيكفيه لسنوات قادمة، لم يلب للثقافة طلبها الأخوي "بتكليف المفتش العبقري" كرومبو للبحث عن اللوحة الضائعة، كما رفض أيضابشدة أن تؤجل زهرته "الصغنونة" اليانعة بحثها عن الزوج الخامس، لتبحث مع الثقافة عن زهرتها التي يبدو أنها فقدتها هذه المرة إلي الأبد، وبرر التليفزيون هذا الرفض بأن زهرته الحبوبة خبيرة فقط في البحث عن أزواج لا عن اللوحات المسروقة، وهكذا وجدت الثقافة نفسها وحدانية بعد تخلي الجميع عنها في محنتها القاسية، واكتفائهم بالوقوف كمتفرجين علي ملاك "الإقطاعيات" الثقافية، كلما جرجروهم إلي النيابة، أو عند "كبسهم في البوكس"إلي عمبوكات التحفظ . لقدصارت مصيبة الثقافة الجديدة بطحة أخري في رأسها، ولكن يقال إن من السموم الناقعات دواء"، إذ من المأمول أن تستفيد"أخوات"الثقافة مماحدث لها، فتنبه كل أخت علي أنجالها بألا يضعوا قطعتي الطين والعجين في آذانهم، وأن يهتموا بما يقال لهم من نصائح فجرجرة الكبراء للنيابة أو كبسهم في"البوكس" لم يعد أمراً مستحيلا كما كان قبل عدة أسابيع، كما أن "الأمرين" اللذين كانا من نصيب الغلابة والمقاطيع فقط، سيذوقهما قريبا كبراء الفساد والإهمال و"الهبر" وممن علي رؤوسهم "الريشة " أيضا، وإذا كان الاهتمام الجماهيري حاليا لا يتابع مايجري بشأن زهرة فان جوخ، لانشغاله بزهرة " الحسك "اليانعة وبمحاولاتها لإيهامنا بأن سنها تحت العشرين مع أنها فوق الستين، فإنه مع انتعاش آمالنا بصدور القرار الذي طال انتظاره بإنشاء هيئة خاصة لمكافحة الفساد، نترقب بلهفة إيداع الفسدانين بمنتجع"ليمان طرة فعند اكتمال هذه الهيئة وشروعها في تأدية واجباتها، سنصبح في غني تام عن الزهرتين :زهرة التليفزيون وزهرة الخشخاش، فالهيئة الموقرة ستقدم للجماهير"المتعطشة" زهورا حقيقية أكثر إمتاعا من الزهرة التليفزيونية المتصابية، وأكثر جاذبية من صورة زيتية لزهرة النبات المخدر، حتي وإن كان راسمها فنان عالمي بحجم فان جوخ أوبيكاسوأو"رينوار " أوبريشة فنان"التشكيل فاروق حسني"، فالمتوقع أن تكون جماهيرية الهيئة الجديدة أكثرمن جماهيرية العيش المسماري، وأن تكون الهتافات"المؤيدة "لها، أعلي من هتافات المشجعين المتعصبين كرويا للأهلي أوللزمالك في مباريات (القمة).