مع اقتراب موسم الحج يكثر حديث الناس عن هذه الفريضة التي تحمل اسم فريضة العمر لأن أداءها علي وجه الفريضة يكون مرة واحدة في العمر ولمن استطاع إليها سبيلا. واستطاعة السبيل إليها ليست بالمال فقط، وإنما بالمال والصحة القادرة علي الأداء. وأداء المناسك ليس فيه تعقيد ولا مبالغة كما يظن البعض، لأن أركان الحج معروفة وهي قليلة العدد. فالأركان هي الطواف بالكعبة والوقوف بعرفة، وهذا الوقوف هو الركن الأعظم لأنه معين بيوم معين وهو التاسع من ذي الحجة. ومن فاته الوقوف في هذا اليوم فقد فاته الحج ومن هنا يسمي ب "الركن الأعظم". أما الطواف بالكعبة فيمكن أن يؤدي في أيام الحج بعد الوقوف بعرفة. وبعض المذاهب يضيف إلي هذين الركنين السعي بين الصفا والمروة. وبعضها لا يحسبه من الأركان وإذا فات الحاج هذا السعي فيجبر عندهم بالدم. وهو غير دم الهدي في حالتي التمتع والقران بين الحج والعمرة. ولكن من المشاهدة والمتابعة فإن أحدا يطوف بالكعبة في الحج أو العمرة لا يفوته السعي بين الصفا والمروة إطلاقا، لأن الحاج أو المعتمر يتم طوافه ويشرب من زمزم يتوجه فورا إلي المسعي ليقضي هذه الأشواط السبعة بين الصفا والمروة وهو سعيد كل السعادة. لأنه يذكر في هذا السعي جهاد أمنا هاجر وهي تسعي بين الجبلين وترتفع إلي قمة كل منهما عسي أن تري قافلة آتية من بعيد تحمل الماء فتطلب جرعة منه تسقي ابنها الرضيع الذي تضعه في لفائفه إلي جوار الكعبة. وبعد أن لم تجد عادت تتفقد حال هذا الرضيع الذي يبكي من العطش فتراه وهو يبكي ويضرب الأرض بقدمه الصغيرة فينبع الماء من هذه الضربة الرقيقة وتكون زمزم المباركة التي يسيل ماؤها منذ هذه الضربة الوديعة حتي يومنا هذا يشرب منها الحجاج والمعتمرون. وقد قام المسئولون في المملكة السعودية بتعبئة مياهها في زجاجات تعبئة صحية يحملها الحجاج والمعتمرون إلي بلادهم فيشرب منها من يشرب بركة وأملا في أن يمن الله عليه بالحج أو العمرة فيشرب ويتضلع منها ويصب ماءها علي رأسه وملابسه وصولا به إلي جسده كله التماسا للبركة ودعاء إلي الله أن يمن عليه بهذه الرحلة المباركة فيرتوي هناك ما شاء له الري وما شاء هو من الري داعيا ربه الدعاء المأثور للشرب من زمزم وهو: "اللهم إني أسألك رزقا واسعا وعلما نافعا وشفاء من كل داء" وما ردد هذا الدعاء حاج أو معتمر مخلصا به قلبه إلا أعطاه الله ما دعا به. إن أيام الحج توحي بالكثير من الدعاء يدعوه الحاج أو المعتمر لنفسه ولغيره. وهو دعاء مقبول إن شاء الله متي توفرت أسباب هذا القبول عند الداعي. فالله - سبحانه وتعالي - لا يوصد أبوابه أمام المؤمنين التائبين العائدين إليه المتوجهين إليه بالدعاء.