بالقلم الرصاص أنتج خمسين لوحة ليخاطب المتخصصين والغير متخصصين معا, الفنان خالد الأمير الذي أراد أن يوصل إحساسه الفني إلى المواطن المصري البسيط. محيط رهام محمود منذ الصغر وهو يمارس الرسم وظلت موهبته معه حتى تخرج من الجامعة الأمريكية سنة 1990, ولم تتح له الفرصة ليلتحق بكلية الفنون الجميلة, ولم يمنعه ذلك أن يعود للرسم بعد أن أصبح رجل أعمال ليقيم معرضه الجديد بقاعة المكتبة الموسيقية في دار الأوبرا المصرية بالقلم الرصاص العادي, ليوحي بعبق التاريخ وما فيه من روح وخيال, يجمعهما حس كلاسيكي قوي التعبير, يشهد بسحر الماضي البعيد من منظور فلسفي وصوفي ذو طابع تاريخي وإنساني يخاطب العقل قبل البصر. أحب في أعماله البطولة الجماعية فلم تر بطلا أوحد في اللوحة يجذب عين المشاهد, بل جميع عناصر اللوحة هم الأبطال, كما أنه أراد أن يرجع بالرائي إلى الماضي والتاريخ؛ لأن الشعب المصري يحب الماضي, وينتقد الفنان المعاصر؛ ولذلك ظهرت أعماله ذات طابع كلاسيكي بعيدة عن الغموض, بل تحمل نوعا من الإسقاطات الرمزية ذات معان فلسفية ودينية. يستخدم القلم الرصاص ببراعة ودقة شديدة, فهو يستطيع أن يخرج منه الكثير من الدرجات التي تجعل المتلقي يرى ابعاد أعماله بتفاصيلها الدقيقة, ويرجع السبب وراء استخدام الفنان للقلم الرصاص هو أنه يعطي أعماله روحانية أكثر وإحساس أعمق, بخلاف الألوان المبهرجة التي تعطي العمل إحساس ومعنى آخر. ترجع شخوصه إلى زمن قديم فهو يصور المعارك القديمة, والموسيقى القديمة, وعمال المناجم, والشاعر العربي, بين الأطلال, شمشون والمعبد, الصوفي الذي يعلم حفيدة "الصبي" كيف يصلي في الليل تحت ضوء القمر, والشيوخ الذين يعلمون الأطفال قراءة القرءان الكريم فهذه المشاهد انتهت من حياتنا. في لوحة "العقول الفارغة" كانت فلسفة العمل تدور حول مجموعة من الأشخاص يضعون أصابعهم في رؤوس آخرين يتمتعون بعقول فارغة, فمن السهل أن يقودهم بعض الأشخاص لذلك صورهم الفنان بأنهم أشبة بالجماجم. وفي "صلاة الليل" يرسم الفنان الزاهد وهو يصلي في خلوته تحت ضوء القمر, أما "بوابة الموت" فهي تصور إحدى الموتى يستكين في ظلام القبر, ومن فوقه تفتح طاقة من النور دلالة على المجهول الذي ينتظر الميت. كما صور الفنان أشباح حرب أكتوبر في صورة جديدة تجمع بين الماضي والحاضر, وكأن الجنود تحولوا ليصبحوا جنود صلاح الدين, يطلع عليهم اليهود فمنهم من يجري ومن يحارب..... فالفنان تناول موضوعات متنوعة كلا منهم تحمل قصة منفردة ولكن مرتبطة جميعا بالماضي. يقول الأمير: تعاملت سابقا مع الألوان, ولكني أجد نفسي أكثر في استخدام القلم الرصاص, فهو أصعب في التناول لكي تخرج منه درجات مختلفة بالرغم من أنه أبيض وأسود, كما أن عدد محدود من الفنانين الذين يستخدمون القلم الرصاص فأنا لا أعتقد أنني سأخرج عن هذا الخط. تابع: من أكثر الأشياء التي أسعدتني بالمعرض شهادة رجل غير متعلم أعجب بأنه يشاهد أعمال مفهومة "فالصورة تظهر صورة غير معقدة" فهي المرة الأولى للرجل الذي يشاهد فيها معرض فن تشكيلي, فاستطاعت اللوحات أن توصل رسالتي بسهولة لكل الفئات, وهذا هو العائد الحقيقي الذي حصدته أفضل من اللوحات التي بيعت في المعرض. يواصل: الفن التشكيلي في مصر لا يتعامل به غير الخاصة, ومن حق الإنسان البسيط أن يرى أعمالا يفهمها ويتذوقها, فلذلك أنا أخاطب الخاصة والعامة بهذا المعرض.