لندن: تبدأ اليوم السبت في بغداد محاكمة عسكري بريطاني سابق متهم بقتل اثنين من زملائه الذين كانوا يعملون في شركة حراسة أمنية خاصة في أغسطس / آب الماضي، في أول قضية من نوعها بالنسبة للبريطانيين الذين يتابعون باهتمام شديد هذه المحاكمة، حيث من المحتمل أن تُصدر المحكمة قراراً بإعدام القاتل في حال إدانته بالتهمة، وذلك وفقاً للقانون العراقي الجديد الذي ينص على عقوبة الإعدام الممنوعة في بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي. وذكرت صحيفة "الرأي العام" الكويتية ان داني فيتزسيمونز، وهو جندي بريطاني سابق من مدينة مانشستر وخدم ضمن القوات البريطانية التي شاركت في الحرب على العراق، انضم إلى شركة "آرمور جروب" الخاصة للحراسة الأمنية في عام 2004، بعد إنهائه للخدمة العسكرية، وبدأ العمل معها في بغداد، حيث أطلق الرصاص على زملائه فقتل اثنين منهم هما البريطاني بول ماكغيوان والأسترالي دارين هور. وتأمل عائلة فيتزسيمونز أن تساعد الشهادات الطبية التي قدمت إلى المحكمة عن حالة ابنها النفسية في تخفيف الحكم وعدم صدور قرار بالإعدام ضده، حيث يعتمد محامو الدفاع عن فيتزسيمونز على مجموعة تقارير وشهادات من أطباء نفسيين تؤكد أن القاتل كان مضطرباً ذهنياً منذ فترة طويلة، الأمر الذي يشكل في حد ذاته إدانة لشركة الأمن الخاصة التي وظفته رغماً عن ذلك. ووفقاً لهذه التقارير تبين أن فيتسيمونز كان يعاني من اضطرابات نفسية في بداية عام 2004 أثناء خدمته العسكرية، فيما أشار تقريران آخران من عام 2008 و2009 إلى أن وضعه النفسي تدهور على نحو أكبر عمّا كان عليه في الماضي. مع ذلك لم تعر شركة "آرمور جروب" أي أهمية لهذه التقارير وواصلت تشغيل فيتسيمونز لديها. ووفقاً للائحة الاتهام أطلق فيتزسيمونز النار على زملائه بعد 36 ساعة من وصوله إلى بغداد مبتعثاً من "آرمور جروب" وذلك في حفل شراب حضره عدد من العاملين في الشركة وجرى خلاله جدل بين الحاضرين والقاتل الذي استل مسدسه وأطلق النار من دون تمييز فقتل زميليه ماكغيوان وهور. ووفقاً للتقارير التي تحدثت عن حالته النفسية فإن تناول الكحول يسبب له مزيداً من الإثارة وعدم ضبط النفس. وذكرت التقارير أن أكثر ما يثير فيتزسيمونز ويجعله يفقد السيطرة على أعصابه "تنشقه رائحة الشعر المحروق (المشعوَط) وسماعه صوت تساقط قطرات الماء في شكل رتيب". وكان تقرير نفسي سابق تحدث عن تجربة فيتسيمونز في العراق أثناء خدمته العسكرية، حيث صادف في أحد الأيام دخوله أثناء إحدى الدوريات العسكرية إلى مبنى معتم انبعثت منه رائحة الرطوبة، فوجد حفرة مغطاة بباب حديد. وعندما رفع الباب وقع نظره على كيس بلاستيكي شفاف كانت بداخله جثة طفل لا يتجاوز عمره 11 عاماً كانت أطرافه قد قطعت ووضعت في الكيس ذاته. علاوة على تعرض الدورية التي كان يخدم فيها لهجوم مسلح شاهد خلاله كيف احترق أحد زملائه وهو يصرخ من دون أن يتمكن أحد من إنقاذه. وكان فيتزسيمونز ادعى بعد توقيفه أثناء التحقيق معه من جانب الشرطة العراقية بأنه أطلق الرصاص على زملائه دفاعاً عن النفس أثناء شجار وقع بينه وبينهم داخل المنطقة الخضراء وسط مدينة بغداد التي تخضع لحماية أمنية مشددة. وتواجه السلطات العراقية ضغوطاً شعبية شديدة تطالبها بتأديب أفراد شركات الأمن الخاصة، مثل شركة بلاكووتر الأمريكية سيئة الصيت، الذين ارتكبوا خلال السنوات الست الماضية عدة جرائم ضد المواطنين العراقيين من دون محاسبة.