يحاول رئيس الوزراء الليبي علي زيدان، كل أسبوع تقريبًا إما التودد للمقاتلين الذين يعرقلون صادرات البلاد من النفط الخام أو التهديد بإنهاء حصارهم بالقوة.. لكن لم تحقق أي وسيلة منهما النجاح المنشود. ونقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن زعيم المقاتلين إبراهيم الجضران المتحصن في موانئ استولى عليها رجاله في أغسطس 2013: "إنه سيقوم بنفسه ببيع النفط الليبي ما لم تحصل المنطقة الشرقية على حصة أكثر عدلًا من إيرادات النفط". وأدى العصيان إلى إغلاق ثلاثة موانئ تستخدم في تصدير نحو نصف صادرات ليبيا من النفط، مما ساهم في ارتفاع أسعار الخام العالمية، والتي قد تشهد المزيد من الارتفاع إذا تسبب اي اشتباك مسلح في الحاق اضرار طويلة الاجل، لكن المشرعين ومصادر نفطية ودبلوماسيين يقولون، إن زيدان والجضران ليسا على حافة الحرب، وانه إذا استطاع رئيس الوزراء اجتياز أزمة سياسية في العاصمة فقد تكون له الغلبة في حرب استنزاف بشأن صادرات النفط. وقال جون هاميلتون من شركة "سي بي آي" الاستشارية للطاقة: "لا يوجد احتمال لأن يصدر الجضران النفط بنفسه"، مضيفا "يستطيع مواصلة الحصار والحاق ضرر بمصداقية الحكومة ومواردها المالية وهو ما يعطيه مكانة عالية، لكن حكومته شبه المستقلة تفتقر إلى الموارد المالية والمصداقية". وكان زيدان الذي ينتمي لحزب ليبرالي صغير اجتاز تصويتا على الثقة في المؤتمر الوطني المنقسم بين إسلاميين وداعميه في حزب تحالف القوى الوطنية، لكنه واجه المزيد من الضغوط الاسبوع الماضي بعد استقالة ما لا يقل عن اربعة وزراء إسلاميين، احتجاجا على حكومته، ويبدو ان المصدر الوحيد لقوته الان هو غياب رئيس وزراء بديل مناسب. وبعد عامين من سقوط نظام معمر القذافي فان الصراع على الصادرات لا يعدو ان يكون أحد النزاعات المعقدة والمتشابكة التي ظهرت في ليبيا بين معارضين سابقين مدججين بالسلاح وميليشيات وقبائل قوية بعد الثورة. ويكلف النزاع النفطي الحكومة مليارات الدولارات في صورة ايرادات مفقودة وما زال الجضران الذي يعد رمزًا للكثير من الفيدراليين في الشرق -حيث بدأت الانتفاضة ضد القذافي- متشبثا بموقفه، لكن زيدان يصبر عليه انتظارا لفرصة مواتية ويحاول شق صفوف المعارضين من خلال وساطة قبلية أملا في ان يستنفد الجضران -الذي يتراجع الدعم له بين الفيدراليين على الأرض- ما لديه من اموال تبقي مقاتليه إلى جانبه.