شهد افتتاح متحف النحات المصري الكبير آدم حنين صباح أمس في منطقة الحرانية طريق سقارة، إقبالاً غير مسبوق لمثل هذه المتاحف الفنية؛ حيث شهد الافتتاح عدداً من الوزراء والفنانين المصريين والأجانب، والأدباء والمثقفين، مما أبهر جميع الحضور؛ حيث كانت كل قاعات عرض المتحف مكتظة بالزائرين. افتتح المتحف د. محمد صابر عرب وزير الثقافة، في حضور د. زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء، الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، الشيخة مي آل خليفة وزيرة ثقافة البحرين، د. صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكلية، م. محمد أبو سعدة رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، د. علي السمان رئيس الاتحاد الدولي لحوار الثقافات، د. صلاح فضل، د. محمد أبو الغار، الكاتب الكبير يوسف القعيد، د. رحمة منتصر زوجة الفنان الراحل صلاح مرعي، الفنان أنسي أبو سيف مهندس الديكور. قال عرب أن افتتاح المتحف يعد أول احتفال ثقافي وفني واجتماعي للدولة بعد إقرار الدستور وتصويت الشعب المصري بأغلبية كاسحة ل"نعم"، حسبما أوضحت النتائج الأولية. مؤكدا أن حنين نموذج للمبدع المصري الذي قام بزيارة بلدان العالم المختلفة وعاد لمصر ليقدم فنه الخاص به؛ حيث عمل على مشروعه الفني والشخصي منذ عاد إلى مصر، وهو يعتبر نموذجا للفنان المصري الذي تبرع بتجربته للدولة. ومن جانبه قال الفنان فاروق حسني: " جاء الوقت لكي أكون بجانب صديق عمري منذ أكثر من 25 عام، الذي دعمني كثيرا ودعمته كثيرا، وهو يهدي متحفه للدولة". وأعربت الشيخة مي عن سعادتها بمصر وبزيارة متحف آدم حنين، وأن البحرين ضيف شرف معرض الكتاب لهذا العام، مؤكدة على استضافة البحرين للفنانين المصريين واحتفائها بالفن المصري الجميل. وأكد الفنان د. صلاح المليجي في تصريح خاص ل"محيط" أن أدم حنين من أهم رموز الحركة الفنية المعاصرة ورائد من رواد الفن المصري الحديث، استلهم أعماله من التراث المصري والحياة المصرية، وكذلك من كافة تفاصيل الحياة مثل الحيوانات والطيور. فمن أعماله المعروضه "السيدة التي تحمل الجبن" والتي قام بنحتها مرتين، وهي من صميم المجتمع المصري. كما قام بنحت أشكال متنوعة من الطيور كالبومة والحمامة، بالإضافة إلى القطط والماعز والحصان. ومن شخوصه المنحوتة "المحارب"، كما قام بنحت عدد كبير جدا من البورتريهات على رأسهم بورتريه صلاح جاهين ذات اللون الذهبي، والذي حمل له عشقاً خاصاً، وكان يتبادل معه رباعياته الشهيره، فأحيانا كان آدم يرسم وصلاح جاهين يكتب الرباعية. ومن أعمال آدم الشهيرة تمثال "أم كلثوم" الموجود حالياً في متحفها بقصر المنسترلي، والذي يوجد نسخة منه في هذا المتحف بخامة الجبس. وواصل المليجي، أن آدم حنين يتميز برؤية فنية تحمل نوعاً من البراءة والطفولة. عندما ذهب إلى لفرنسا كان يبحث عن نفسه، ولكنه قرر أن يركز على مصريته، واستلهامه للمضامين والرؤى المصرية؛ ولذلك نجح لأن الاستغراق في المحلية هو وصول للعالمية، كما أن مفاهيمنا وعناصرنا تعد جزءاً كبيراً جداً من عالمية المشهد التشكيلي بشكل عام. وآدم "رصيده بقلوبنا كفنانين ومثقفين كبير. فهو لم يكن فناناً عادياً بل استلهم أعماله الكثير من الفنانين الشباب، وهذا ما يميز آدم عن أي نحات مصري آخر.. عاش حياته يحلم بإنشاء هذا المتحف، فأسس مؤسسة وجمعية "آدم حنين للفنون والثقافة"، والتي استطاع من خلالها إنشاء هذا المتحف. ويرجع الفضل لآدم في إقامة سيمبوزيوم اسوان، الذي نحتفل هذا العام بانطلاق الدورة التاسعة عشر منه. كما قدم آدم لمصر الكثير، ولاشك أن متحفه سيكون مركزاً ثقافياً هاما لتلاميذه ولراغبي تعلم فن النحت. فآدم حنين في حد ذاته يعد إضافة بكل ما قدمه من تاريخ طويل في فن النحت يقدم في هذا المتحف". وبسؤال آدم حنين على إصراره إنشاء هذا المتحف في حياته قال ل"محيط": "لأنني أمتلك مكاناً في "الحرانية"، ولدي أعمالاً كثيرة منها الجرانيت والبرونز وغيرها من مراحل مختلفة في حياتي. كما أن حديقة المكان تتسع لأعمال كبيرة الحجم. بالإضافة إلى أنني وجدت أعمالاً كثيرة لي في "صندرة" كنت قد نسيتها، وذلك عندما كنا نبحث في كل مكان بالأستوديو عن أعمالي المنسية لإعداد كتاب عني؛ فقررت أن أقيم متحفاً وخصوصاً أنني بلغت من العمر نحو 85 عاماً؛ فخفت على أعمالي من الضياع أو البيع أو التوزيع، وبالأخص أنه لا يوجد أعمال كثيرة لي في متاحف مصر، سوى حوالي 21 عملا في معرض دائم في مكتبة الإسكندرية"، بعدها صممت على إقامة متحف لأعمالي للمحافظة عليها؛ وكي تقوم بالدور الحقيقي الذي نفذت من أجله وهو أن يراها الفنانين الشباب والصغار كما رأيت روائع أجدادنا". أما أستاذة الموناتج بالمعهد العالي للسينما د. رحمة منتصر زوجة الفنان الراحل صلاح مرعي صاحب فكرة المتحف، والذي منحته مؤسسة آدم حنين إهداء هذا المتحف في صدر الكتالوج الخاص بالمتحف فقالت ل"محيط": "كان حلم صلاح مرعي إنشاء متحف لآدم حنين حيث كان مهتماً جداً بأعماله، وكان من المفترض أن يقام متحف آخر لحنين في بيت السلحدار التابع لوزارة الثقافة ولكن للأسف لم يتم المشروع. كانت بداية التعرف بين مرعي وآدم في سيمبوزيوم "أسوان" الدولي؛ حيث كان مرعي حرصاً على متابعة السيمبوزيوم ويتفرغ للمشاركة في المتحف المفتوح المقام له، وبدأ يهتم بأعمال آدم منذ بداية السيمبوزيوم، وسبق وأقام معرضاً استيعادياً له في قصر "الأمير طاز" وشاركت فيه عائلتنا بأكملها، فأحمد ابني قام بالتصوير، وأنا ومريم قام كل منا بعمل فيلم قصير عن آدم، وكان مرعي مقيماً لأعمال آدم وحريص على فكرة إنشاء متحف له، وكان يقوم بعمل الإضاءة لهذا المتحف حتى آخر أيام حياته، ولم يشاء النصيب بأن يرى المتحف يخرج للنور". وأضافت د. رحمة أنها لم تتوقع هذا العدد الكبير من الجمهور الذي حضر المعرض في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، كما تفاجأت أن آدم حنين استطاع المحافظة على هذا الكم من الأعمال المعروضة في المتحف، بالإضافة إلى أن مهندس الديكور أنسي أبو سيف أكد لها أنه يوجد أعمالا أخرى لآدم لم يستطيعوا عرضها، تتمنى أن يستطيع المحافظة عليها. وقال أنسي أبو سيف المنسق العام للمعرض، والذي قام بتنفيذ الديكور للكثير من الأعمال السينمائية والدرامية منها فيلم "الكيت كات" ومسلسل "الجماعة"، ل"محيط": "لقد عملنا جميعا على إنجاز هذا العمل – المتحف - بوحي د. صلاح مرعي تنففيذا لحلمه بإطلاق هذا المتحف، وكنا نتمنى أن يكون بيننا في الافتتاح اليوم".