تباينت ردود الأفعال الدولية والإقليمية بشأن الاتفاق الذي توصلت إليه الأعضاء الخمسة الدائمين بمجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا (5+1)، من جانب وإيران من جانب آخر، بشأن مستقبل البرنامج النووي للأخيرة، فالبعض يحتفل بانتهاء ماراثون طويل من المفاوضات والمباحثات بشأن الملف، والبعض الآخر يرى أن الاتفاق لم يرض مصالحه التي خاض من أجلها شوطا طويلا، من الشد والجذب، مع أطراف عديدة. وترى «ليزا دفتري» الصحفية الأمريكية ذات الأصول الإيرانية، والمتخصصة بشئون الشرق الأوسط، في مقالها بموقع شبكة «فوكس نيوز» الأمريكية، أن على الرغم من تباين ردود الأفعال فيما يتعلق بذلك الاتفاق، إلا أن هناك من ربح ومن خسر، إلا أنها أكدت أنه وفقا للحسابات الأولية، فهناك فائزان وخاسرن. الفائز الأول: أوباما وكيري يعد الاتفاق النووي الإيراني المنفذ الوحيد للرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجية بلاده جون كيري، للخروج من سلسلة السياسات الخارجية الفاشلة، وفرصة لاستعراض «عضلات واشنطن» في الشرق الأوسط مجددًا. وأكدت الكاتبة الأمريكية أن سياسة واشنطن في الشرق الأوسط تلقت سلسلة من الضربات الموجعة في عديد من الملفات والقضايا لم تستطع تحقيق أي نجاح فيها، ليأتي الاتفاق النووي الإيراني ويفتح الباب أمام المتفائلين للاعتقاد أن سياسة أوباما يمكنها تحقيق مكاسب ملموسة على أرض الواقع. الفائز الثاني: النظام الإيراني وهو الفائز الأعظم من هذا الاتفاق، الذي حقق مكاسب تاريخية مقابل تنازلات رمزية، فهو أتى في الأصل لطاولة المفاوضات حتى يقدم أقل قدر ممكن من التنازلات، مع شرط مسبق بأنها لن تتغاضى عن تخصيب اليورانيوم، وهو ما كفله الاتفاق. وهناك مكسب آخر يتلخص في النجاة من العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، والذي من شأنه الإفراج عن أموالها المجمدة في الخارج، لاستخدمها في إحياء اقتصادها. الخاسر الأول: الشعب الإيراني على الرغم من إفلات النظام الإيراني من العقوبات الموقعة عليه، إلا أن هذا لا يكفي لتقليل الأعباء الذي يفرضها على شعبه، الذي يعاني من ضائقة مالية عظيمة، إذ نجح النظام بكل جدارة في تحميله أعباء تلك العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليه. ولا يكتفي النظام الإيراني فقط بتحميل شعبه أعباء عقوباته الاقتصادية، لكنه يحملهم أعباء دعمه الدائم لحزب الله اللبناني، حتى نجح في جعله "المصدر الرئيسي للإرهاب"، على حد وصف الكاتبة. الخاسر الثاني: جيران إيران فالاتفاق زاد خوف العديد من الدول على رأسها إسرائيل التى كانت تحاول إقناع الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الغربية بضرورة عدم إتمام الاتفاق مع إيران. فإسرائيل تعلم تماما مدى الخطورة والتهديد الموجه لها حال نجاح إيران في تصنيع القنبلة النووية، إذ تزداد مخاوف إسرائيل من مضي إيران نحو السلاح النووي، خاصة مع مباركة العديد من حلفائها كواشنطن والإتحاد الأوروبي. ولا يخفى أن المملكة العربية السعودية تخشى من نجاح إيران في الوصول للسلاح النووي، الذي سيدعم النفوذ "الشيعي" لإيران بالمنطقة، والذي بدا واضحا في سوريا والعراق ولبنان، الأمر الذي لا تقبله السعودية كونها دولة "سنية".