البخيل بخيل في كل شيء،بخيل في مشاعره وأحاسيسه قبل أن يكون بخيلا في ماله،والغريب أنه لا يقيم العدالة إلا في توزيع بخله وشحه على الجميع دون تمييز،مقلدا دور فريد شوقي في مسلسل "البخيل..وأنا". تقدمت فتاة سعودية تبلغ من العمر 36 عاما،وتعمل في مجال التعليم بشكوى لمحكمة الباحة بغرب المملكة ضد والدها،لأنه يرفض تزويجها طمعا في راتبها،وأنه منع اقترانها منذ فترة طويلة لهذا السبب حتى وصلت إلى هذا السن الحرج، مضيعا عليها فرصة الاقتران بنصفها الثاني الذي تحلم به كل بنت قبل أن تتخطى مرحلة الطفولة.
وقالت الفتاة في الدعوى إنها ظلت منذ سنوات تحاول إقناع والدها في رغبتها العيش مع زوج بما شرع الله، إلا أن الأب رفض كل توسلاتها التي لم تجد معه نفعا.
ياه...هل هذا معقول؟..هل يمكن أن تعمي "الفلوس" نظر الأب عن ابنته؟ وهل سيرتاح ضمير الأب المتبلد حينما يقضي على مستقبل ابنته ، مقابل ثمن بخس دراهم معدودات وكان فيها من الزاهدين؟ وهل ستغنيه تلك الأموال القليلة؟والأهم كيف استطاع أن يسلخ من قلبه مشاعر الأبوبة؟
الغريب أن جيران الأب البخيل ، وكلمة "أب" لا يستحقها ، كانوا أحن على ابنتيه منه ، وتدخلوا مرات عديدة ، لكي يقبل بزواج ابنته ولكن هيهات هيهات.
الغريب أيضا أن ما ارتكبه هذا الأب العتل مع ابنته الصغرى،ارتكبه من قبل مع شقيقتها الكبرى ، فقد أوردت الأخبار أن للمعلمة شقيقة أخري بلغت من العمر (45 عاما) ،ولم تتزوج بسبب جشعه وطمعه في راتبها،نفس المسلسل ووقتها تحدث عدد من رجال القرية مرارا مع والد المعلمتين لتزوجيهما،لكنه كان يتحجج بحجج واهية لإبعاد كل من يتقدم لهما.
خافت الأخت الصغرى من الدخول في النفق المظلم ، وبعد تعنت الأب ورفضه كل التوسلات والتدخلات من أهل الخير،خرجت من المنزل برفقة شقيقها لمحكمة الباحة وهناك تقدمت بشكوى ضده.
أجرى القاضي الذي تسلم حيثيات الشكوى اتصالا مع والد الفتاة ليصلح بينهما،غير أن الفتاة رفضت العودة وطالبت بفسخ ولايته عليها،ما أثار غضب الأب واحتدم النقاش بينهما، وهو ما جعل القاضي وحفاظا على سلامتها يخاطب دار الرعاية الاجتماعية لإيجاد مقر للفتاة إلى حين الفصل في لقضية.
أمر غريب، فلو كان لإنسان قطة وليست إنسانة لمن عليها وأغدق ،ورعاها ،بل وزوجها ، لأن هذه هي سنة الحياة ،أما عند هذه النوعية من الناس،فمنطق الأشياء يختلف ، ولا نصح يسدى معهم، ورغم غناه فقد عاش فقيرا، وسيموت فقيرا ،لأن الغنى غنى النفس.