تراجعت حركة النهضة الإسلامية، التي تقود الائتلاف الحاكم في تونس، عن التزامها بما ورد في وثيقة خارطة الطريق المكملة لمبادرة الرباعي لإخراج البلاد من أزمتها، والتي نصت على استقالة الحكومة الحالية، وتحديد مدة ومهام المجلس الوطني التأسيسي. وجاء هذا التراجع في بعد 24 ساعة من توقيع رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي على خارطة الطريق المذكورة، وإعلانه الالتزام بها خلال الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني التي تمت يوم السبت الماضي بحضور الرؤساء الثلاث، ومسئولي المنظمات الوطنية الأربع الراعية للحوار، وقادة الأحزاب السياسية وعدد من الشخصيات الوطنية. وقالت حركة النهضة الإسلامية في بيان تلقت وكالة "يونايتد برس إنترناشيونال" نسخة منه في ساعة متأخرة من ليل الأحد – الاثنين، إن مجلس الشورى التابع لها أكد في ختام اجتماعات دورته العادية ال18 على "مواصلة الحكومة الحالية أعمالها حتى انتهاء المجلس الوطني التأسيسي من مهامه التأسيسية". وأضافت في بيانها أن مجلس الشورى التابع لها شدد في ختام أعماله لتقييم الوضع العام بالبلاد وما انتهى إليه الحوار الوطني في جلسته الافتتاحية ، على "التوافق على حكومة جديدة ملتزمة بأهداف ثورة الحرية والكرامة". كما أكد المجلس أيضاً على"الحفاظ على المجلس الوطني التأسيسي بصلاحياته كاملة إلى حين انتخاب مجلس تشريعي جديد"، داعياً في الوقت عينه إلى "التزام كل الأطراف بهدنة اجتماعية توفيراً لأجواء الاستقرار في البلاد وضمانة لنجاح الحوار". ولفت مراقبون إلى أن هذه النقاط المدرجة في بيان حركة النهضة الإسلامية في ختام اجتماعات مجلس شورتها، هي تراجع ونكوص عما ألتزمت به خلال الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، باعتبارها تتناقض كلياً مع بنود وثيقة خارطة الطريق التي وقعها راشد الغنوشي باسم حركة النهضة الإسلامية إلى جانب قادة 21 حزباً سياسياً. ويتجلى هذا التناقض في النقطة المتعلقة بالحكومة الحالية، حيث شدد مجلس شورى حركة النهضة على "مواصلة عمل هذه الحكومة.."، في حين نصت وثيقة خارطة الطريق على أن الحكومة الحالية "تُقدم استقالتها في أجل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني". كما نصت وثيقة خارطة الطريق على "القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة تحلُّ محلّ الحكومة الحالية التي تتعهّد بتقديم استقالتها، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد، ولا تقبل لائحة لوم ضدّها إلا بإمضاء نصف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ويتمّ التصويت على حجب الثقة عنها بموافقة ثلثي أعضائه على الأقل". غير أن بيان مجلس شورى حركة النهضة الإسلامية تجاهل صفة "حكومة كفاءات"، واكتفى بالإشارة إلى "التوافق على حكومة جديدة ملتزمة بأهداف ثورة الحرية والكرامة" يفتح الباب أمام إمكانية تشكيل حكومة سياسية أو حزبية بمعنى العودة إلى مبدأ المحاصصة الحزبية الذي حكم تشكيل الحكومتين الأولى برئاسة حمادي الجبالي، والثانية الحالية برئاسة علي لعريض. وتوقف المراقبون عند النقطة المتعلقة بالمجلس التأسيسي، حيث شدد بيان مجلس شورى حركة النهضة على "الحفاظ على المجلس الوطني التأسيسي بصلاحياته كاملة إلى حين إنتخاب مجلس تشريعي جديد"، في حين نصت وثيقة خارطة الطريق على أن المجلس الوطني التأسيسي"يستأنف أشغاله، وينهي المهام التالية وجوبا في أجل لا يتجاوز أربعة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني". والمهام التي حددتها وثيقة خارطة الطريق هي"إنهاء اختيار أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وتركيزها في أجل أسبوع واحد"، و"إنهاء إعداد وإصدار القانون الانتخابي في أجل أسبوعين"، و"تحديد المواعيد الانتخابية في أجل أسبوعين من إنهاء تركيز هيئة الانتخابات"، و"المصادقة على الدستور في أجل أقصاه أربعة أسابيع بالاستعانة بلجنة خبراء تتولى دعم وتسريع أعمال إنهائه وجوباً في الأجل المشار إليه".