أعرب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي, الفائز بالمركز الأول في الانتخابات البرلمانية النمساوية, فيرنر فايمن, عن رغبته في تشكيل حكومة ائتلافية واسعة مع حزب الشعب المحافظ "أو فاو ب" قائلا "أنا مؤيد للعلاقات المستقرة ولذلك أفضل تشكيل تحالف ثنائي", مبديا استعداد الحزب لإعادة بناء الائتلاف ومناقشة جميع القضايا خلال الأيام القليلة المقبلة. وأرجع فايمن السبب في تراجع نتيجة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الانتخابات بواقع 2.2%, إلى مواجهة حكومته لظروف صعبة خلال الأعوام الخمسة الماضية, لافتا إلى الأزمة الاقتصادية العالمية, كما أوضح فايمن أن السمة الغالبة للفترة الماضية كانت التقشف الشديد, فيما أوضح أنه اضطر خلال فترة الحكومة الماضية إلى تنفيذ قرارات صعبة, مشيرا في المقابل إلى قرارات لم يستطع تنفيذها مثل خفض الضرائب وزيادة المعاشات. كما دلل فايمن على صعوبة الظروف الاقتصادية التي واجهتها حكومته خلال الفترة الماضية, بسقوط 20 حكومة من إجمالي 27 حكومة على مستوى المجموعة الأوروبية, مشيرا إلى أن "الدول الأوروبية عاشت أزمة اقتصادية صعبة", فيما أكد في المقابل على رغبته في "بناء حكومة جديدة مستقرة", وفي المقابل رفض فايمن بشكل قاطع العرض الذي قدمه رئيس حزب الحرية اليميني المتشدد, هانز شتراخر, بتشكيل حكومة ائتلافية مع الاشتراكيين , مؤكدا "الناخبون ينتظرون تنفيذ الوعود الانتخابية التي أكدت على عدم التعاون مع حزب الحرية". وفي سياق تحليل النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية النمساوية, يرى المراقبون أن النتائج فجرت مفاجآت غير متوقعة عجزت مراكز بحوث الرأي والدراسات عن التنبؤ بها, أبرزها نجاح حزب "النمسا الجديدة" (نيوز) في الدخول إلى البرلمان بواقع4.8% من الأصوات الانتخابية, بعد مرور عام واحدة على تأسيس الحزب, وإخفاق حزب "التحالف من أجل مستقبل النمسا" (ب تست أو) اليميني, في تحقيق العتبة الانتخابية ليغيب عن البرلمان بعد ثمانية أعوام شارك خلالها في صنع سياسات النمسا خلال دورتين برلمانيتين. وفي المقابل أحرز حزب "الأحرار اليميني المتشدد" "إف ب أو", أقوى أحزاب المعارضة, تقدما ملحوظا تجاوز هدف الحزب المعلن, الذي استهدف جذب 20% من أصوات الناخبين, محرزا 4ر21%, وهو ما دفع رئيس الحزب, هانز شتراخر, إلى دعوة الحزب الاشتراكي الديمقراطي "التخلي عن سياسة الإقصاء وإشراكه في الحكومة الائتلافية الجديدة". وفي ذات السياق حافظ الحزب الاشتراكي الديمقراطي على صدارته للمشهد السياسي في النمسا, بعد فوزه بالمركز الأول محرزا 27.1% من إجمالي أصوات الناخبين, وهو الانتصار الذي وصفه المراقبون ب "الفوز المر", بعد تراجع شعبية الحزب إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات طويلة, أسفرت عن انكماش الأصوات المؤيدة للاشتراكيين بواقع 2.2% مقارنة بانتخابات عام 2008 السابقة, فيما أشاد رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي, فينر فايمن, في المقابل بالناخبين الذين دفعوا الحزب إلى المركز الأول, مؤكدا أن "تحقيق المركز الأول ليس أمرا سهلا". وعلى الجانب الآخر يعاني حزب الشعب المحافظ, الشريك الائتلافي التقليدي, من هزيمة معنوية كبيرة على الرغم من احتفاظه بالمركز الثاني, بعد تراجع عدد الأصوات المؤيدة له بواقع 2ر2% منخفضة إلى 23.8%, فيما كشفت الأرقام الأولية النقاب عن تراجع عدد الأصوات المؤيدة للحزب المحافظ لأول مرة تحت حاجز المليون صوت, ليصبح على مرمى حجر من تهديدات حزب الحرية اليميني المعارض , الذي يطمح في الصعود إلى المركز الثاني في الانتخابات البرلمانية المقبلة. ويرجع المحللون السبب في عدم تمكن حزب الحرية اليميني المعارض من اللحاق بحزب الشعب المحافظ وإقصائه عن المركز الثاني, إلى نجاح حزب (فريق شتروناخ) في الدخول إلى البرلمان بواقع 5.8% من الأصوات, على الرغم من تم تأسيس الحزب قبل نحو عامين, وهو ما أدى إلى حرمان حزب الحرية اليميني من عدد كبير من الأصوات, التي حولت بوصلتها نحو حزب (فريق شتروناخ), ذات المبادئ اليمينية, مما أدى إلى فقدان حزب الحرية لأصوات كان من الممكن أن تلعب دورا حاسما في تبوأ الحزب للمركز الثاني قبل حزب الشعب المحافظ, الذي وجد نفسه في أزمة بسبب تراجع شعبيته وإخفاق قيادته, في تحقيق الوعد الذي قطعته على نفسها بالتقدم إلى المركز الأول, والحصول على منصب رئيس الحكومة, بدلا من الاستمرار في لعب دور الوصيف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي, الذي يتولى رئاسة الحكومة منذ سنوات طويلة.